بالإضافة إلى جلالة الملك عبدالله بن الحسين، ستستقبل العاصمة الأميركية واشنطن خلال الأيام القليلة المقبلة أيضاً الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، وسيكون التركيز خلال اللقاءات الثلاثة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أولاً وبالأساس على القضية الفلسطينية التي تمر الآن بحالة احتقان غير مسبوقة، ثم على مواجهة الإرهاب، والأزمة السورية، وعلى قضايا ثنائية كثيرة، بينها الأوضاع الاقتصادية في الأردن ومصر والسلطة الفلسطينية.

وكان الملك عبدالله التقى ترامب الشهر الماضي، والمؤكد أنه استعرض معه هذه القضايا الآنفة الذكر، لكنه سيلتقي الرئيس الأميركي هذه المرة، وعلى نحو رسمي، باسم العرب كلهم على اعتبار أنه رئيس القمة العربية، ونظراً لأن هذه القمة، التي عقدت في منطقة البحر الميت الأسبوع الفائت، اعتبرت عربياً ودولياً من أهم القمم التي عقدها الملوك والرؤساء العرب، ولأن مجرد انعقادها في هذه الظروف القاسية فعلاً نُظر إليه على أنه إنجاز كبير حققته المملكة الأردنية الهاشمية المزنرة بالنيران من الشرق والشمال والغرب، والتي تواجه أوضاعاً أمنية واقتصادية صعبة، حيث تهديدات "داعش" ضدها متواصلة ومستمرة، وحيث اقتربت أعداد اللاجئين إليها من سورية ودول شقيقة أخرى من 3 ملايين مستجير ولاجئ.

Ad

هناك ثقة أميركية بالأردن وبحكمة سياساته واعتدال مواقفه، إن في عهد هذه الإدارة الجديدة، التي لم يتضح بعد وبصورة نهائية خيرها من شرها، وإنْ في عهد الإدارة السابقة ومعظم الإدارات التي سبقتها وعلى مدى نحو نصف قرن وأكثر، لكن ما سيعطي لهذه الزيارة أهمية خاصة أن العاهل الأردني سيذهب إلى العاصمة الأميركية باسم العرب كلهم، وهذا في حقيقة الأمر يفهم الأميركيون معناه جيداً، ويدركون أن انعقاد قمة البحر الميت، وخاصة في ظل كل هذه الأوضاع الشرق أوسطية المربكة، يشكل تقديراً عربياً للأردن، ويعني ثقة زائدة بالمواقف والسياسات الأردنية.

وهكذا فإن المؤكد أن المسؤولين الأميركيين، وعلى رأسهم الرئيس دونالد ترامب، سيتحدثون مع العاهل الأردني على أساس أنه يمثل العرب كلهم، وأن الرسائل التي ينقلها إليهم هي رسائل عربية، وأن الأهم من بينها أن السياسات التي يتبعها الإسرائيليون بالنسبة للقضية الفلسطينية، برفضهم لحل الدولتين ومواصلتهم عمليات الاستيطان، ستزيد أوضاع الشرق الأوسط المتوترة توتراً، وستضع بين أيدي الإرهابيين حججاً مؤثرة لمواصلة إرهابهم في هذه المنطقة كلها، وتحت عنوان الدفاع عن الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة!

وهنا، وهذه مجرد فكرة عابرة، ألم يكن من الأفضل مادام العاهل الأردني سيذهب إلى واشنطن باسم العرب كلهم أن يرافقه في هذه الزيارة الأمين العام للجامعة العربية د. أحمد أبوالغيط، ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير على اعتبار أن المملكة العربية السعودية ستستضيف القمة المقبلة في السنة القادمة؟!

لقد كانت قمة البحر الميت القمة الثامنة والعشرين في سلسلة القمم التي انعقدت أول واحدة منها في أنشاص عام 1946، وحضرتها مصر (المملكة) والسعودية واليمن وسورية والأردن والعراق ولبنان، وبالطبع فإن موضوعها الأساسي كان موضوع هذه القمة الأخيرة نفسه "وقف العدوان على فلسطين"، ولذلك ومن أجل "التطوير" ألم يكن ضرورياً أن يرأس العاهل الأردني وفداً عربياً إلى واشنطن مادام سيذهب إلى العاصمة الأميركية باسم العرب كلهم؟!