رياح وأوتاد: كثرت الصفقات في زمن الغانم
ترددت كثيراً قبل كتابة هذه المقالة، ولكن كان لا بد لي من كتابتها لأنني دأبت على بيان ما أعتقد به مهما كان يصدم برأي الآخرين أو لا يسوغ لهم شعبويا أو حكوميا. حفلت الأيام القليلة الماضية بترتيبات وربما صفقات قادها رئيس مجلس الأمة وبعض النواب، وفي العمل السياسي لا يوجد ما يمنع من عقد ترتيبات أو صفقات، ولكن يجب أن تكون على أسس معينة، وهي الشفافية والعلنية وتحقيق المصلحة العامة وعدم مخالفة الدستور والقانون، وليس لمجرد إحراز مكاسب شخصية أو بطولات شعبية للأفراد والرؤساء، وكيل الشكر والمديح لهم. لذلك لابد لنا أن نسأل: هل حققت تلك الترتيبات هذه الأسس أم تجاوزتها؟ الترتيب أو الصفقة التي أشار إليها النائب العدساني بشجاعة كانت بخصوص رفع الحصانة عن الحربش والمرداس، حيث صوّت الرئيس ضد رفع الحصانة، وكان كثير ممن يمون عليهم الرئيس خارج القاعة أيضا مع رئيس مجلس الوزراء وبعض الوزراء، مع أنها قضية تتعلق بالمساس بذات سمو أمير البلاد التي حصنها الدستور، وعوقب عليها كثير من النواب السابقين والنشطاء، وعلى رأسهم الأخ مسلم البراك.
وبناء على التصويت الذي تم لن تستكمل محاكمة جميع المتهمين في القضية ذاتها أسوة بمن تمت محاكمتهم ولهذا لن تتحقق العدالة، ولا أحد يعلم ما هو المقابل الذي سيقدم نتيجة لهذا التصويت، والقول بالكيدية مضحك ومخالف للقانون لأن ترديد الخطاب تم قبل نحو أربع سنوات من دخولهما المجلس، فهل سيكون المقابل هو عدم استجواب رئيس الوزراء أو مقابل أمور أخرى لا نعلمها، أم سيكتفى بالمديح الكبير الذي حصل عليه الرئيس؟ وكذلك الحال بالنسبة إلى عودة الأخ سعد العجمي (الذي نثمن اعتذاره لسمو الأمير فحسناً فعل) فلم تعلن الأطراف التي قامت بالترتيب أو الصفقة لعودته أسس هذا الترتيب، وهل سيعفى الأخ سعد من المحاكمة التي جرت على عشرات الكويتيين؟ وهل ستعلن الحكومة خطأها عندما اعتبرته مزدوجا؟ أم ستتمسك بما قدمته في اللجنة العليا وفي مجلس الوزراء من وثائق؟ وهل هذه الوثائق صحيحة؟ والأمر نفسه يشمل موضوع إعادة الجناسي الذي صدرت فيه تصريحات كثيرة تؤكد الصفقة، ثم غيرت وشكلت الآن لجنة لدراسته، فهل ستستعرض اللجنة مستندات وزير الداخلية السابق واللجنة العليا للجنسية التي قدمت إلى مجلس الوزراء السابق وصدقها وطلع بالشينة؟ ومدى صحتها؟ أم سيطوى الأمر وكأنه لم يكن لأن الصلح يجبّ ما قبله؟ هذه تساؤلات مشروعة تدور على ألسنة كثير من أبناء الشعب الكويتي، وكل ما يريدونه هو الشفافية، وحقهم في المعرفة مثل أي شعب في العالم الديمقراطي، وكذلك على الحكومة والنواب بيان المصلحة العامة المترتبة على هذه الترتيبات دون إخلال بالدستور أو القانون لكي لا تفقد هي وكثير من أعضاء مجلس الأمة المصداقية، وحتى يعلم الشعب من يصدق.