مع العد التنازلي لعمر المجلس البلدي، الذي ينتهي في20 أكتوبر المقبل حيث يتعين إجراء الانتخابات قبل نهايته بشهرين، تلقي مشكلة الجداول الانتخابية بظلالها مع اقتراب موعد انتخابات «البلدي» لاختيار عشرة مرشحين، حيث إنها انتخابات معرضة للبطلان من قبل المحكمة الدستورية؛ إذا ما تم الطعن عليها.أما أسباب بطلان انتخابات المجلس البلدي المقبلة، وما يترتب عليها من انتخاب عشرة مرشحين يتم اختيارهم من عدد من الدوائر الانتخابية، فتكمن في عدم إصدار الحكومة مرسوماً أميرياً بتحديد جداول للانتخابات لناخبي المجلس البلدي كما يتطلب ذلك قانون البلدية الجديد، فضلاً عن عدم تمكن الحكومة من إصداره اليوم بسبب فوات الموعد المحدد لإعداد الجداول الانتخابية، وهو شهر فبراير من كل عام!
بطلان
وفي ظل الصمت الحكومي حيال مواجهة مشكلة الجداول الانتخابية، التي نصّ عليها قانون البلدية الجديد الصادر العام الماضي، الذي تقرر أحكام الفقرة الأولى من مادته الرابعة على صدور جداول للانتخاب لناخبي المجلس البلدي بمرسوم أميري تصدره الحكومة، يبقى الحديث عن وجود مشكلة قانونية ودستورية ستؤدي إلى بطلان انتخابات المجلس البلدي المقبلة، فيما لو تمت تلك الانتخابات وفق الجداول الانتخابية الحالية، وهي الجداول السابقة المقررة وفق قانون البلدية السابق، والتي تتماثل مع جداول الناخبين لمجلس الأمة، لكنها جداول ألغيت مع إلغاء قانون البلدية السابق، لأن النصوص المنظمة لها قد ألغيت مع إلغاء القانون السابق.اساس المشكلة
وترجع أساس المشكلة، التي تنتظر سلامة إجراءات انعقاد انتخابات المجلس البلدي المقبل في أن الفقرة الأولى من المادة الرابعة من قانون البلدية الجديد تنص على ضرورة إصدار جداول خاصة للانتخاب تجرى على أساسها عملية الانتخاب، وجاء في نص تلك الفقرة: «يتألف المجلس البلدي من: 1-عشرة أعضاء ينتخبون وفقاً لأحكام القانون رقم 35 لسنة 1962، على أن يُنتخب عضو عن كل دائرة من الدوائر العشر المبينة في الجداول، التي تصدر بمرسوم»، كما نصت الفقرة الأخيرة من هذه المادة على: «ويكون لكل دائرة جدول انتخاب دائم أو أكثر تحرره لجنة أو لجان مؤلفة من وزارة الداخلية تشكل بقرار من وزير الداخلية وتسري أحكام القانون رقم 35 لسنة 1962 المشار إليه على كل مالم يرد بشأنه نص خاص في هذا القانون».ويتضح من أحكام الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة الرابعة من قانون البلدية الجديد ما يلي:أولاً: أن قانون البلدية الجديد، أكد أن عملية الانتخاب لعشرة أعضاء، يتم انتخابهم من عشرة دوائر انتخابية، يكون وفق الإجراءات المحددة لعملية الانتخاب في القانون رقم 35 لسنة 1962 بشأن انتخاب أعضاء مجلس الأمة، وبذات آليات الاقتراع والفرز وإعلان النتائج، وأن يكون الإشراف على إجرائها من قبل القضاة وأعضاء النيابة العامة. ثانياً: حددت الفقرة الأولى من المادة الرابعة على أن عملية الانتخاب تكون من قبل الناخبين المحددة أسماؤهم في الجداول، التي تصدر بمرسوم، كما أردفت الفقرة الأخيرة من المادة: «أن يكون لكل دائرة جدول انتخاب دائم أو أكثر تحرره لجنة أو لجان مؤلفة من وزارة الداخلية تشكل بقرار من وزير الداخلية، مما يعني أن المشرع قصد بتقرير جداول خاصة لناخبي المجلس البلدي، يتعين إصدارها بعد نشر هذا القانون لاختيار عشرة أعضاء لعضوية المجلس البلدي، ولم يقرر المشرع إمكانية العمل في الجداول السابقة لناخبي المجلس البلدي المعدة من إدارة الانتخابات سابقاً، ولا حتى بالجداول الخاصة بناخبي مجلس الأمة أو بتوحيدهما، وهو ما كان يتعين على وزير «البلدية» لأنه المسؤول على العرض، التنسيق مع وزير الداخلية لإعداد جداول للانتخاب وعرضها على الحكومة لإصدار مرسوم أميري بعد بيان المناطق الحديثة المدرجة ضمن الدوائر الانتخابية، وهو ما لم يحدث.ثالثاً: إزاء عدم إشارة المادة الرابعة من القانون إلى مواعيد إعداد الجداول الانتخابية لايرادها بحكم خاص، فيتعين إعمال المواعيد الخاصة بإعداد الجداول الانتخابية، وهو موعد شهر فبراير من كل عام، خصوصاً أن أحكام الفقرة الأخيرة من المادة الرابعة نصت على أن: «وتسري أحكام القانون رقم 35 لسنة 1962 المشار إليه على كل مالم يرد بشأنه نص خاص في هذا القانون» مما يعني إعمال أحكام المواعيد المقررة لإعداد الجداول المحددة في القانون رقم 35 لسنة 1962 الخاص بانتخاب أعضاء مجلس الأمة»، حيث إن الحكومة لم تصدر مرسوماً للجداول الانتخابية، ولم تنسق وزارة البلدية مع وزارة الداخلية لإعداد الجداول الانتخابية الدائمة في كل دائرة انتخابية في شهر فبراير الماضي، فإن الأمر يعني عدم إمكان إعمال أحكام المادة الرابعة من القانون على الانتخابات المقبلة لعدم إصدار الحكومة مرسوم إنشاء الجداول، فضلاً عن فوات ميعاد إعداد وإصدار الجداول الانتخابية، والمحدد له شهر فبراير إلى منتصف مارس من كل عام.خلل
بل إن الحكومة، لا يمكنها معالجة هذا الخلل بإصدار مرسوم للجداول الانتخابية حالياً لتدارك الأمر رغم فوات مواعيد إعداد الجداول لأن قانون البلدية الجديد لم يعط البلدية السماح للناخبين السابقين التصويت حكماً في الانتخابات المقبلة، كما فعل قانون الانتخاب عام ٢٠٠٥ عندما أجاز نقل أسماء الناخبات من النساء في أول سنة وفق البطاقة المدنية وهو الأمر، الذي خلا منه قانون البلدية الجديد، ومن ثم فإن حتى أسلوب المعالجة القانونية بتطبيق أحكام الفقرة الأولى من المادة الرابعة قد فات.تعديل القانون
ولم يتبق أمام الحكومة الخروج من مشكلة البطلان لانتخابات المجلس البلدي المقبلة سوى بحلين فقط الأول يكمن بتعديل تشريعي يتطلب تعاون السلطتين لتحقيقه بأقصى سرعة ممكنة للخروج من هذا المأزق الذي لم تنتبه له الحكومة! ويتمثل الحل التشريعي بتعديل المادة الرابعة من قانون البلدية الجديد وذلك بتوحيد جداول الانتخاب لناخبين المجلس البلدي بالجداول المقررة لناخبين مجلس الأمة مع مراعاة عدد الدوائر الانتخابية، في كل من النظامين وبالسماح لكل المسجلين السابقين والمقيدة أسماؤهم ضمن الجداول السابقة، بالانتخاب حكماً حتى تكون الجداول المعدة للانتخابات المقبلة واحدة بدلاً من تقرير كل مجلس لجداول انتخابية محددة، خصوصاً أن قانون البلدية الجديد قرر تطبيق أحكام القانون رقم 35 لسنة 1962 بشأن انتخاب أعضاء مجلس الأمة على انتخابات المجلس البلدي حال خلو الأخير من وجود أحكام خاصة، حيث إن القانون الجديد خلا من بيان إعداد تلك الجداول أو خضوعها لمواعيد محددة في إعدادها فيتم العمل بالمواعيد المحددة في قانون الانتخاب الخاصة بأعداد جداول الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمة.حل البلدي
بينما يكمن الحل الثاني لتعاطي الحكومة مع هذه المعضلة، وهو بقيامها على حل المجلس البلدي بأيام قليلة من انتهاء مدته في شهر أكتوبر المقبل وألا تتم الدعوة للانتخابات المقبلة وتنشئ الحكومة لجنة لإدارة شؤون المجلس البلدي يعينها مجلس الوزراء تفعيلاً لأحكام المادة 29 من قانون البلدية، التي تنص الفقرة الأخيرة منها على: «وفي حالة حل المجلس تطبيقا لأحكام الفقرة السابقة تتولى اختصاصاته لجنة يشكلها مجلس الوزراء تصدر بمرسوم من ذوي الخبرة والأمانة، إلى حين تشكيل المجلس الجديد ولا تشمل اختصاصات هذه اللجنة تقرير المنفعة العامة». وتعمل لجنة إدارة شؤون المجلس البلدي على إدارة أعمال المجلس البلدي إلى حين إمكانية الدعوة إلى انتخابات جديدة للمجلس البلدي، الذي يتطلب معه قيام الحكومة بإصدار مرسوم لإنشاء الجداول الانتخابية لانتخابات المجلس البلدي، التي أشارت إليها المادة الرابعة من هذا القانون، وأن يتم إعداد تلك الجداول الانتخابية من قبل إدارة الانتخابات في شهر فبراير المقبل، ومن بعد انتهاء فترة تحصينها وإجراءات الطعن عليها في نهاية يونيو من العام المقبل، تتم بعدها الدعوة للانتخابات من بعد شهر يوليو من العام المقبل.لجنة البلدي
ويتعين ألا يتجاوز عمل اللجنة التي تتولى إدارة شؤون المجلس البلدي الموعد الزمني المقرر لطبيعة إصدار الجداول الانتخابية ونشرها وتحصينها لأن بقاءها أكثر من ذلك فيه إهدار لأحكام المادة الرابعة من قانون البلدية، التي تقرر آلية تشكيل المجلس البلدي بانتخاب 10 أعضاء وتعيين 6 من مجلس الوزراء، كما أن بقاء تلك اللجنة استثناء على الأصل العام، ولاتجوز الإطالة في مدة بقائها خصوصاً أنها لاتملك القيام بأعمال المنفعة العامة، علاوة على أن كل ما أصدرته من قرارات يتوجب عرضه على المجلس الجديد خلال 15 يوماً من تاريخ أول اجتماع له.القانون لم يضع أحكاماً انتقالية إلا على القرارات واللوائح
أكدت المادة 50 من القانون الجديد أن اللائحة التنفيذية تصدر خلال 6 أشهر من تاريخ العمل بهذا القانون الصادر في 12 يوليو الماضي، وهو ما تم فعلياً بأن صدرت اللائحة التنفيذية للقانون الجديد، لكن القانون قرر في أحكام المادة 51 بالفقرة الأولى منه على أن يستمر المجلس الحالي وهو المجلس القائم إلى أن تنتهي مدته، التي تنتهي في 20 أكتوبر2017 على اعتبار أن عمره هو 4 سنوات ميلادية كاملة، ويتعين إجراء الانتخابات خلال 60 يوماً قبل مدة انتهائه أي بالفقرة ما بين 20 أغسطس إلى 20 أكتوبر.ونصت المادة 52 من القانون على أن يلغى القانون رقم 5 لسنة 2005 المشار إليه، كما يلغى كل حكم يخالف أحكام هذا القانون، وهو ما يعني أن القانون الجديد لم يضع أحكاماً انتقالية لتطبيق أحكام القانون السابق، بل على العكس وضع أحكاماً انتقالية للوائح والقرارات السابقة، التي عمل بها وفق القانون السابق، وعلى أن يعمل بها بعد مضي 6 أشهر فقط من صدور اللائحة التنفيذية.