مجزرة كيماوية في خان شيخون تودي بحياة 100 بينهم أطفال

● دمشق تنفي استخدام الغازات وموسكو تتبرأ... والمعارضة تدعو إلى تحقيق دولي
● أوروبا تعتبر الأسد المسؤول الأول... وأنقرة تحذر بوتين من انهيار مسار أستانة

نشر في 04-04-2017
آخر تحديث 04-04-2017 | 21:10
في تذكير لهجومه الدامي على غوطة دمشق الشرقية، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 1400 اختناقاً قبل 4 سنوات، ارتكب النظام السوري مجزرة مروعة في مدينة خان شيخون جنوب إدلب، راح ضحيتها 100 قتيل وأكثر من 400 مصاب جلهم من الأطفال والنساء، بقصف بغاز السارين المحرم دولياً.
شنّ نظام الرئيس السوري بشار الأسد هجوماً دامياً على محافظة إدلب الواقعة بكاملها تحت سيطرة فصائل المعارضة استخدمت فيه طائراته غاز السارين، وأسفر عن مقتل 100 مدني على الأقل اختناقاً في مدينة خان شيخون.

ووسط تنديد دولي واسع واسعاً بالهجوم، الذي اعتبرت المعارضة السورية أنه يضع مفاوضات السلام في جنيف في «مهب الريح»، أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان إصابة أكثر من 400 مدني معظمهم من الأطفال والنساء، بحالات اختناق ترافقت مع «أعراض إغماء وتقيؤ وخروج زبد من الفم».

ولم يتمكن المرصد من تحديد نوع الغاز المستخدم في القصف وإذا كانت الطائرات التي نفذته سورية أم روسية.

ونشر الناشطون عشرات الأشرطة المصورة والصور الفوتوغرافية تظهر مقتل أكثر من 20 طفلاً في الهجوم.

قصف مستشفى

وبعد نقل ضحايا القصف بالغازات السامة إليه، تعرض مستشفى خان شيخون لقصف جوي عنيف ألحق به دماراً كبيراً، وشوهد أفراد من الطاقم الطبي وهم يحاولون الفرار.

صحة إدلب

ونشرت مديرية صحة إدلب، التي تعنى بتقديم الخدمات الطبية في المحافظة، شريط فيديو من داخل أحد المشافي الميدانية يظهر فيه عدد من الأطفال ممددون على الأسرة ويتلقون الإسعافات. ويوضح أحد الاطباء أثناء وضعه قناع تنفس لأحد الأطفال أن «كل الحالات عبارة عن فقدان الوعي واختلاجات وتقبض حدقات العيون وإفرازات رغوية شديدة ونقص أوكسجين».

ويسيطر «جيش الفتح» بقيادة فصائل إسلامية أبرزها «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقاً) على كامل محافظة إدلب وغالباً ما تتعرض لغارات وقصف جوي تنفذه طائرات سورية وأخرى روسية. كما يستهدف التحالف الدولي بقيادة واشنطن دورياً قياديين بالجبهة في المحافظة.

الائتلاف والنظام

واتهم ائتلاف المعارضة قوات النظام بتنفيذ الغارات مستخدمة «صواريخ محملة بغازات كيماوية سامة تتشابه أعراضها مع أعراض غاز السارين»، مطالباً «مجلس الأمن بعقد جلسة طارئة على خلفية الجريمة، وفتح تحقيق فوري واتخاذ ما يلزم من تدابير تضمن محاسبة المسؤولين والمنفذين والداعمين المتورطين فيها وفق الفصل السابع».

في المقابل، نفى مصدر عسكري سوري استخدام الجيش النظامي «سلاحاً كيماوياً اليوم أو في الماضي، ولن يستخدمه في المستقبل». واعتبر المصدر أن اتهام دمشق بارتكاب المجزرة في خان شيخون «محض افتراء وتبرير للهزائم، التي مني بها مقاتلو الفصائل خصوصاً في حي جوبر وفي ريف حماة»، مشيراً إلى أنهم «يريدون أن يحققوا إعلامياً ما لم يحققوه ميدانياً».

تبرؤ روسيا

وتبرأت وزارة الدفاع الروسية، التي ينشط سلاحها الجوي في المحافظة الخارجة بالكامل عن سيطرة حليفها الأسد، من الهجوم المأساوي، ونقلت وكالة الإعلام الرسمية عنها القول، إن «الطائرات العسكرية الروسية لم تنفذ أي ضربات جوية قرب خان شيخون في محافظة إدلب»، كما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان.

ويأتي القصف على خان شيخون بعد أقل من أسبوع من اتهام الائتلاف قوات النظام باستخدام «غازات سامة» خلال قصف جوي استهدف الخميس مناطق في ريف حماة الشمالي ومستشفى اللطامنة وتسبب بإصابة 50 شخصاً بحالات اختناق، بحسب المرصد ومنظمة «أطباء بلا حدود».

«مهب الريح»

وقال كبير مفاوضي المعارضة محمد صبرا، إن «الجريمة تضع كل العملية السياسية في جنيف بمهب الريح، وتجعلنا نعيد النظر في جدوى المفاوضات» التي ترعاها الأمم المتحدة واختتمت الجمعة جولتها الخامسة.

وسأل صبرا: «إذا كانت الأمم المتحدة عاجزة عن ردع النظام عن مثل هذه الجرائم، فكيف ستنجز عملية سياسية تؤدي لانتقال سياسي في سورية؟»، مذكراً بأن «القرار الدولي رقم 2008 الصادر في سبتمبر 2013 الذي أجبر النظام على تفكيك كامل ترسانته الكيمياوية» «يعتبر أحد المرتكزات للعملية السياسية وفقرته الـ21 تنص على اتخاذ إجراءات بناء على الفصل السابع في حال تم استخدام أو تصنيع أو نقل السلاح الكيماوي في سورية».

إردوغان وبوتين

وندد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في اتصال هاتفي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بالهجوم «الكيماوي».

وقالت مصادر رئاسية، إن إردوغان، الذي توعد بشن مرحلة جديدة من العمليات في سورية بعد انتهاء «درع الفرات»، شدد على أن «مثل هذا النوع من الهجمات غير الإنسانية غير مقبولة وقد تنسف كل الجهود الجارية ضمن إطار عملية أستانة» لإحلال السلام، مشيرة إلى أن الطرفين اتفقا أيضاً على أن «من الضروري القيام بجهود مشتركة من إجل استمرار وقف إطلاق النار» الذي يتعرض لانتهاكات بانتظام.

مجلس الأمن

وإذ وصف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الهجوم بأنه جريمة ضد الإنسانية، طلب نظيره الفرنسي جان-مارك آيرولت عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن.

وندد وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون بالهجوم. وكتب في تغريدة على «تويتر» أن «هناك تقارير رهيبة عن هجوم بأسلحة كيمياوية في إدلب. يجب التحقيق بالحادث ومحاسبة منفذيه».

وفي بروكسل، حمّلت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني نظام الأسد «المسؤولية الرئيسية» في الهجوم، قائلة: «اليوم الأنباء رهيبة، وبالطبع المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق النظام».

وعلى هامش مؤتمر الاتحاد الأوروبي- الأمم المتحدة الهادف لمتابعة نتائج مؤتمر لندن الشهر الماضي، الذي جمع 11 مليار دولار لبرامج مساعدة سورية، شددت موغيريني على أن «هذا يشكل تذكيراً دراماتيكياً بأن الوضع على الأرض لا يزال مأساوياً في عدة مناطق».

مجرم حرب

وفي وقت سابق، اعتبرت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هيلي أن الأسد «مجرم حرب» وشعبه لا يريده في السلطة ولا يريده حتى أن يترشح في أي انتخابات مقبلة، مؤكدة أنه «يعرقل السلام منذ أمد بعيد» والطريقة التي يعامل بها السوريين «مقززة».

ورداً على سؤال بشأن ما قاله وزير الخارجية ريكس تيلرسون الخميس من أن مصير الأسد «يقرره الشعب السوري» وما إذا كان تصريحها بأن رحيله لم يعد أولوية يعني أن واشنطن تعتبر أن بإمكانه الترشح في أي انتخابات مقبلة، أجابت هيلي: «كلا، هذا لا يعني أن الولايات المتحدة ستقبل بذلك، ولا نظن أن الشعب يريد الأسد بعد الآن. نحن لا نظن أنه سيصبح شخصاً سيريده الناس».

معارك حماة

على صعيد المعارك، تمكنت فصائل من المعارضة من استعادة مناطق ببلدة معردس شمال مدينة حماة بعد أقل من 24 ساعة على سيطرة النظام والمسلحين الموالين لها عليها.

مبادرة وطنية

وفيما أفاد مصدر سوري بمقتل 16 مدنياً، وإصابة 20 آخرين في انفجار سيارة مفخخة في بلدة جزرة البوحميد بريف دير الزور الغربي خاضعة لسيطرة قوات سورية الديمقراطية أعلنت «قسد» استعدادها لنقاش ما أسمته «مبادرة وطنية» تجمعها مع فصائل المعارضة في كيان واحد، موضحة أن ذلك يأتي «في سياق معركة الشعب ونضاله لبناء سورية جديدة تعددية لا مركزية (فدرالية) لكل السوريين».

وتتضمن المبادرة المطروحة تفكيك النظام ومنظومته الأمنية، مع الحفاظ على «مؤسسات الدولة، والعمل على الانتقال السياسي وفق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

«الكيماوي» حاضر في النزاع السوري

منذ بدء النزاع السوري في مارس 2011 اتهمت قوات النظام والمعارضة المسلحة عدة مرات باستخدام أسلحة كيماوية.

● 23 يوليو 2012: النظام يقر للمرة الأولى بامتلاك أسلحة كيماوية ويهدد باستخدامها في حال حصول تدخل غربي، لكن ليس ضد الشعب.

● 20 أغسطس: الرئيس الأميركي باراك أوباما يعلن أن استخدام مثل هذه الأسلحة أو حتى نقلها يعتبر تجاوزاً لـ«خط أحمر».

● 21 أغسطس 2013: هجوم لقوات النظام في الغوطة الشرقية ومعضمية الشام قرب دمشق، والمعارضة تتهمه بشن الهجوم بالغازات السامة، لكن دمشق تنفي ذلك.

● في نهاية أغسطس: الولايات المتحدة تعلن عن «شكوك قوية» بأن النظام مسؤول عن الهجوم الذي أوقع 1429 قتيلاً بينهم 426 طفلاً.

● في 16 سبتمبر الأمم المتحدة تنشر تقريراً لخبرائها يتضمن «أدلة واضحة» على استخدام غاز السارين. وقبل يومين، أدى توقيع اتفاق أميركي-روسي في جنيف حول تفكيك الترسانة الكيماوية السورية إلى إبعاد خطر ضربات عقابية كانت تعتزم واشنطن وباريس توجيهها للنظام.

● في نهاية أغسطس 2014: اتهمت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة السلطات باستخدام أسلحة كيماوية «على الأرجح الكلور» ثماني مرات في غرب البلاد.

● 10 سبتمبر 2014: محققو منظمة حظر الأسلحة الكيماوية يؤكدون أن غاز الكلور استخدم كسلاح كيماوي بشكل «منهجي ومتكرر» في قرية كفرزيتا في محافظة حماه (وسط) والتمانعة وتلمنس في إدلب (شمال غرب).

● 25 أغسطس 2015: ناشطون سوريون ومنظمات طبية تؤكد أنها وثقت هجوماً بغاز الخردل طال عشرات الأشخاص في 21 أغسطس في مارع، أبرز معقل للمعارضة في محافظة حلب، واتهم أحد المصادر تنظيم «داعش».

● 2 أغسطس 2016: المرصد السوري يفيد بإصابة 40 مدنياً على الأقل بينهم أطفال بحالات اختناق بعد «هجوم بغاز الكلور» استهدف بلدة سراقب، التي تسيطر عليها المعارضة على مسافة 50 كلم جنوب حلب.

● 12 أغسطس، باريس تبدي «قلقها حيال معلومات»، أفادت بوقوع هجوم كيماوي على حلب في 10 من الشهر أسفر عن أربعة قتلى وعشرات الجرحى.

● 21 أكتوبر 2016: مجلس الأمن يتسلم تقريراً سرياً للجنة تعرف بـ»الآلية المشتركة للتحقيق» يخلص إلى أن الجيش السوري شن هجمات بغاز الكلور على ثلاث بلدات في محافظة إدلب.

● 28 فبراير 2017: روسيا والصين تفرضان الفيتو على قرار للأمم المتحدة ينص على عقوبات بحق سورية لاتهامها باستخدام الأسلحة الكيماوية.

back to top