لم يقدم مؤتمر الشعب الوطني الصيني، الذي عُقد أخيراً الكثير من أجل تخفيف المخاوف الرئيسية بشأن ثاني أكبر اقتصاد في العالم، لاسيما في ظل تفاقم مستوى الدين، بحسب تقرير لـ"بلومبرغ".

بل على النقيض وسعياً وراء الحفاظ على نمو الناتج المحلي الإجمالي قرب 6.5 في المئة أو أكثر، تعهد رئيس الوزراء "لي كه تشيانغ" بتوسع نسبته 12 في المئة في الائتمان هذا العام، أي 2.7 تريليون دولار من القروض الجديدة.

Ad

منطقية التوسع

- هذه الخطط ليست مقلقة في الواقع كما يبدو، والحقيقة أن الصين لديها اقتصاد ضخم مع قدرة هائلة على الاقتراض، والذي سيكون ضرورياً حال وظف لمنع تباطؤ الطلب، ويجب ألا يفاجأ أحد بالائتمان المتزايد.

- في الحقيقة سيكون الحد من الاقتراض في الصين هو الأمر المثير للقلق، رغم ضرورة خفض القروض المتعثرة وتقليص عدد الشركات المضطربة خاصة التابعة للقطاع الحكومي.

- على كل حال، لن يؤدي العلاج بالصدمة إلى نتائج أكثر ديناميكية وكفاءة في القطاعين الصناعي أو المصرفي، وقد يتسبب التوقف المفاجئ للإقراض في انهيار اقتصادي ومالي مصحوب بتداعيات عالمية.

- أشار نائب محافظ بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) "يي جانغ" إلى أن الصين بحاجة لتحقيق الاستقرار في رافعتها المالية قبل أن تشرع في خفضها، وهذا النهج قد يكون أكثر ملاءمة.

- وفي نهاية عام 2015، نما الائتمان بنسبة 14.4 في المئة سنوياً، وبلغ الناتج المحلي الاسمي (يقيس قدرة الاقتصاد على سداد القروض) 6.4 في المئة، أي إن الصين سرعت وتيرة الإقراض لأكثر من ضعف قدرتها على السداد.

الآن أفضل من قبل

- رغم قتامة الصورة بعض الشيء فقد بلغ الائتمان أعلى 15 في المئة قليلاً بحلول نهاية العام الماضي، لكن الناتج المحلي الإجمالي الاسمي تسارع إلى 9.6 في المئة، هو مستوى غير مناسب لكنه أفضل من سابقه.

- خلال العام الحالي، وفي ظل ارتفاع أسعار المنتجين بشكل ملحوظ وسياسات نقدية أكثر تشدداً، فمن المحتمل أن يتسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي قليلاً مع تباطؤ الائتمان.

- بكلمات أخرى، فإن الرسالة الكبرى للمجلس الوطني لم تكن المراهنة على استراتيجية لا تطاق، وفي ظل عبء الديون يمكن للاقتصاد أن يسلك مساراً أكثر سهولة.

- الكثير من الأمور قد تتسبب في انحراف الصين عن مسارها، فتباطؤ سوق العقارات المحلي ربما يتسبب في تباطؤ الطلب، ويشار هنا إلى هبوط مبيعات السيارات بعدما رفعت الحكومة الحوافز الضريبية على شراء السيارات الجديدة.

- الخطر الحقيقي بالنسبة للاقتصاد الصيني يشكله "دونالد ترامب"، ونوه "لي كه" في نهاية مؤتمر الشعب الوطني إلى أن الحرب التجارية مع الولايات المتحدة ستكون هائلة التكاليف، معرباً عن آماله في تجنب نشوبها.

مخاطر حقيقية

- كشفت الإدارة الأميركية القليل حول سياساتها المحتملة إزاء الصين، ورغم ذلك فكل السيناريوهات المحتملة ليست سيئة: الاقتصاد الأميركي حالياً يسير بخطوات متسارعة، وإذا تجنب الطرفان الحرب التجارية، فإن الطلب الأميركي سيعزز الصادرات الصينية بقوة.

- هناك احتمالات أخرى مقلقة: في حال فرضت إدارة "ترامب" رسوماً على وارداتها من الصين، كما تعهد الرئيس الأميركي في وقت سابق بزيادة التعريفة الجمركية إلى 45 في المئة، فإن ذلك سيخفض النمو في الصين بنحو 0.7 في المئة.

- لمجابهة هذا السيناريو الموحش سيكون على الحكومة الصينية التوسع في الائتمان بشكل أكبر مما هي عليه بالفعل، وحتى إذا لم يتجسد هذا التهديد أبدا فإن السياسة الأميركية ربما تحول الصادرات الصينية لعبء على النمو.

- بإضافة تشديد سياسات الاحتياطي الفدرالي إلى المعادلة، فإن الضغوط ستتراكم فوق كاهل الصين، وسيكون على بنك الشعب رفع الفائدة لتعويض هبوط اليوان ما يقوض النمو، أو ترك الفائدة لتعزيز النمو مقابل خروج رؤوس الأموال.

- الخلاصة أن القيادة الصينية اختارت الاستقرار لعام 2017، وعلى الرغم من أن بيانات الائتمان باتت مخيفة، لكن المسار الحالي يضع البلاد على المسار الصحيح إذ لم يتسبب "ترامب" في إزاحتها عنه.