"ما الحل المتوافر مولانا؟"، إجابة هذا السؤال ولأي قضية سيكون في حدها الحد بين الجد واللعب، من لا يملك إجابات واقعية فلن يستطيع الادعاء بأنه يملك الدواء الشافي لأي قضية كانت، نعم قد يكون شاعراً يلقي قصائده في بلاط الأحداث ليتبعه الغاوون أو الطامحون، أو أديبا يسطّر روايات الكوميديا السوداء ليضحك قضايانا المبكيات، أو منظراً خياليا يصوغ نظرياته على الورق ليروج لها في أسواق "الأرق" الشعبي، أو ربما يكون "على نياته" يعيش بين "على" و"النيات" كجار ومجرور مفتقدا "ضمة" الأفعال، في حين تكسره ردات الأفعال بدل أن تلملم شتاته.

قبل الانتخابات الأخيرة وأثناء احتدام سجالات المشاركة والمقاطعة طرحنا هذا السؤال كثيراً على دعاة المقاطعة الأبدية، وحصلنا بالمقابل على إجابات كثيرة أيضاً، ولكن لا توجد إجابة منها دخلت ميدان الحلول الواقعية، فمع كامل الاحترام لطارحيها، إجاباتهم فضلت أن تسرح وتمرح في ميادين التنظير، حيث الغايات تعيش في واد في حين تعيش وسائلها بواد آخر، إجابات شتى ومشتتة لا تملك جواز سفر يسمح لها بالتنقل بين حدود الخيال وحدود الواقع، وقطعاً لا تملك "شنغن الممكن" الذي يسمح لها بالولوج للسياحة في قارة "الأرب السياسي" الذي ينوع الوسائل ويثبت على الغاية.

Ad

السجال الأخير بين النائبين جمعان الحربش ورياض العدساني نكأ جروح علامات استفهامي القديمة من جديد، وأعاد لي ذكريات حواديت المشاركة والمقاطعة التي ظننت أني نسيتها! عاد السؤال إياه لعادته القديمة، ولكن على شكل ورقة اختبار، فحواها سؤالان فقط، إجابتهما قد تحسم السجال الدائر وللأبد، السؤال الأول: ما الحل المتوافر لقضية الجناسي المسحوبة؟ والسؤال الثاني: ما الحل لطي صفحة ألم ومعاناة من تأثرت معيشته ومستقبله سلبا بسبب الأحداث الماضية؟

توقعي أن تكون نتيجة الاختبار محسومة سلفا للنائب جمعان الحربش، الرجل قدم حلولا تناسب معنى السؤالين، ولم تتعدَّ مضمونهما قيد أنملة، فالجناسي مثلت لها مكرمة سمو الأمير، حفظه الله ورعاه، انفراجة وبصيص أمل طالما انتظرناه، والمكرمة السامية إجابة وافية تستحق الإشادة، والحربش وزملاؤه لا سواهما هم من سعوا لذلك، أما جواب السؤال الثاني فسيكون العفو العام باذن الله.

اتركوا "جمعان وربعه" يعملون بصمت، ولتصمت الجعجعة السابقة التي لم نر من ورائها طحناً، واكتفينا بمحاولة وضع عصا التنظير في دولايب الجهود المبذولة فقط، نعم من سعى بارك الله مساعيه حتى إن كان ثمن ذلك هو "التفاهم" و"التنسيق" مع الحكومة، حيهلا بالتفاهم، ومرحبا مليون بالتعاون، وحللت أهلا ونزلت سهلا يا "تنسيق" ما دام حضورك سيداوي جروح إخوة وأصدقاء لنا طالهم الضرر وتأثروا أكثر من غيرهم. هؤلاء حقهم علينا يكون برفع الضرر عنهم وجعله أولوية تتقدم صفوف كل الأولويات.

الحلول الأخرى التي تدعو للتصعيد والتصادم مع الحكومة خلال هذه الفترة بالذات ستؤدي حتما لحل واحد وهو "حل مجلس الأمة"، وهذا "الحل" لا نرجوه حالياً، بل نريد قبله حلولاً تداوي جروح من فقد مواطنته أو تأثر مستقبله، السادة النواب الوقت يسرقنا ومن لا يملك حلا واقعيا فليكرمنا بحكمته، فلربما يأتي الشهر القادم فنفقد آخر فرصة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه لنقول بعدها كالعادة: "با ريت اللي جرى ما كان"!

الخلاصة: سادة الحلول الخيالية كفانا بطراً بمنطق السياسة الواقعية، فكلنا يعلم أن هذه الأمور لن تمر مطلقا بدون توافق حكومي نيابي، فبلاش نضحك على ذقن واقع سياسي كلنا فيه عيال قرية وكلٌّ يعرف أخاه.