ثلاث قضايا استحوذت على التعليقات السياسية والمتابعات الإعلامية التي شهدتها العاصمة الأميركية واشنطن على امتداد الأيام الأربعة الأخيرة، أولاها زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والرسائل التي حملتها تصريحات مضيفه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والانتقادات اللاذعة من خصومه، بسبب ما اعتُبر تراجعاً سياسياً من رئيس جمهوري عن الثوابت التي تحكم العلاقات الأميركية مع دول تحكمها أنظمة وصفت بـ«الاستبدادية».

والثانية: زيارة جارد كوشنير، صهر ترامب ومستشاره الخاص، للعراق، والتكهنات التي تشير إلى تعاظم دوره في السياسات الداخلية والخارجية، حيث تتحدث بعض الأوساط عن احتمال بدء العد العكسي لإطلاق مبادرة لقيادة مفاوضات جديدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

Ad

أما الأخيرة فتمثلت في كشف صحيفة واشنطن بوست عن لقاء سري جرى بين إريك برنس (المالك السابق لشركة بلاك ووتر للخدمات الأمنية)، وإحدى الشخصيات المقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 11 يناير الماضي في جزيرة سيشل بترتيب من أحد كبار المسؤولين في دولة الإمارات العربية.

وفي القضية الأولى تساءلت أوساط سياسية عن النتائج التي تطمح إليها إدارة ترامب عبر محاولتها إعادة تعويم القيادة المصرية، وعما إذا كان هذا الأمر سيكون على حساب بقية الحلفاء العرب، وخصوصاً دول الخليج، أم أن إدارة ترامب ستلعب دوراً حاسماً في إعادة إصلاح العلاقة بين الطرفين، وهو ما بدأت آثاره تظهر على أي حال؟

وتحذر تلك الأوساط من أن الظروف التي أدت إلى تدهور العلاقة بين دول الخليج ومصر تحتاج إلى جهود خاصة، وإذا كان البعض يتحدث عن إعادة نظر خليجية في الموقف من بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة، على الأقل في هذه المرحلة، وهي قضية تعد من أبرز الخلافات بينهما، فإن سياق العلاقات المصرية - الخليجية يحتاج إلى إعادة تعريف بشأن ما إذا كانت واشنطن لاتزال تعتقد أن تحالفها مع تلك الدول أساسي، كما أن الموقف المصري من إيران ضبابي ويحتاج إلى توضيح، خصوصاً أن إدارة ترامب جعلت من تحجيم دور طهران أحد أبرز ركائز سياساتها الخارجية في المنطقة.

وفي ملف جارد كوشنير تساءلت أوساط أميركية عن توقيت الزيارة غير المسبوقة لصهر الرئيس إلى العراق، وعما إذا كانت بداية لـ«معمودية النار» التي يجري إعداده عبرها لبدء توليه ملفات السياسات الخارجية في المنطقة.

ولا يعرف بعد ما إذا كانت بعض التسريبات التي تربط بين تصريحات كل من وزير الخارجية ريكس تيلرسون والمتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر وسفيرة واشنطن في الأمم المتحدة نيكي هالي عن بقاء الأسد في السلطة، وبين احتمال قيام كوشنير بزيارة دمشق في وقت ما خلال العام، جدية أو لذرّ الرماد في العيون؟

أما قضية تسريب اللقاء بين إريك برنس (المالك السابق لشركة بلاك ووتر) مع مسؤول مقرب من بوتين برعاية دولة الإمارات، فقد اعتبرها البعض قنبلة جديدة تضاف إلى ملف العلاقة المثيرة للجدل بين فريق ترامب وموسكو.

برنس الذي لعب دوراً في حملة ترامب الانتخابية وقدم تبرعات سخية لحملته العام الماضي، هو الأخ غير الشقيق لوزيرة التعليم بتسي ديفو التي عينها ترامب في إدارته، كما أن عائلتي برنس وديفو قدمتا معاً تبرعات للحزب الجمهوري فاقت 11 مليون دولار خلال الانتخابات.

وكشفت التسريبات أن الدور الإماراتي محركه الأساسي كان محاولة إقناع الرئيس الروسي بالابتعاد عن إيران، عبر تقديم كثير من الحوافز والتسهيلات بما يضمن تحقيق هذا الهدف.

غير أن تصاعد الجدل حول التدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الأميركية لمصلحة ترامب، جمد كل اللقاءات التي كان يفترض أن تتواصل، في وقت تحدثت أوساط أميركية عن خطأ الاعتقاد بأن بوتين سيغير صداقاته وشراكته مع إيران، أحد أهم حلفائه في المنطقة، لمصلحة دول الخليج، لاسيما أنه يزود طهران بالسلاح والخبراء، ويقيم معها مشاريع استثمارية من النفط إلى الطاقة النووية.