أشادت واشنطن، مساء أمس ، بجهود الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في تشجيع «مفهوم أكثر اعتدالاً للإسلام»، بعد الزيارة الأولى لرئيس مصري منذ عقد تقريباً إلى البيت الأبيض.وعكس ما رَشح عن لقاء القمة، الذي عُقد بين الرئيسين المصري والأميركي دونالد ترامب، في المكتب البيضاوي، أمس الأول، مدى رغبة الإدارتين، في تدشين مرحلة جديدة من العلاقات الاستراتيجية، بعد سنوات من الفتور، من قبل إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.
وعلمت «الجريدة» أن السيسي وجه الدعوة إلى ترامب لزيارة القاهرة، وأنها من المُرجح أن تتم قبل نهاية العام الحالي، لتكون أول زيارة لرئيس أميركي إلى مصر، منذ عام 2009.ترامب والسيسي ناقشا العديد من الملفات ذات الاهتمام المشترك، وبينها التعاون العسكري، وسبل مكافحة الإرهاب، والتعاون الاقتصادي، وسبل حل القضية الفلسطينية، فيما يبدو أن هناك توجهاً لإعادة ترتيب تحالفات المنطقة، إذ بعد أقل من 48 ساعة على القمة المصرية الأميركية، يحل اليوم على البيت الأبيض ضيف عربي جديد، هو العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، وسط مساعٍ أميركية لتكوين تحالف سياسي وأمني في المنطقة، بدعم من «محور الاعتدال العربي».السيسي وعبدالله عقدا أمس، لقاءً تشاورياً في العاصمة الأميركية واشنطن، تمت خلاله مناقشة نتائج مباحثات الرئيس المصري في البيت الأبيض، وتنسيق المواقف قبل القمة الأميركية الأردنية المقرر لها اليوم، وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية السفير علاء يوسف بأن السيسي «وجه التهنئة لجلالة الملك على نجاح القمة العربية الأخيرة، معرباً عن تطلعه لمتابعة تنفيذ نتائج القمة بما يدعم العمل العربي المشترك». إلى ذلك، قالت مصادر دبلوماسية عربية قريبة الصلة بالملف الفلسطيني إن تنسيقاً أميركياً عربياً عبر القنوات المصرية والأردنية يجري حالياً تمهيداً لوضع تصور لإطلاق جولة مفاوضات مباشرة، خلال الصيف المقبل، بين القيادات الفلسطينية والإسرائيلية.وفيما علمت «الجريدة» أن القاهرة بدأت جهوداً دبلوماسية، لاستضافة مؤتمر سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، خلال الأشهر المقبلة، بعد مشاورات مع الإدارة الأميركية، أشارت مصادر إلى أن الرئيس الأميركي استجاب لمطالب عربية بإرجاء نقل سفارة بلاده في إسرائيل إلى القدس، رغم الإلحاح الإسرائيلي، وأن ترامب أكد للرئيس المصري دعمه حل الدولتين، لكنه أشار كذلك إلى ضرورة تفهم أولويات الأمن بالنسبة لإسرائيل. من جانبه، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، في تصريحات هاتفية لـ«الجريدة» من واشنطن، «الزيارة مُتعددة المكاسب وتمهّد لمرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين على مختلف الصعد، وأشاد البيت الأبيض بجهود الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لـ«تشجيع الاعتدال في الإسلام»، موضحاً أن «الرئيس ترامب استمع بشكل كامل لرؤية السيسي حول أزمات المنطقة في سورية وليبيا واليمن».
ردود فعل
وبينما عوّل السيسي على قدرة ترامب على حل القضية الفلسطينية، التي سماها «قضية القرن»، استبعد المفكر الفلسطيني المقيم في القاهرة، عبدالقادر ياسين، في تصريحات لـ«الجريدة» وجود نية لدى ترامب لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو 1967، عاصمتها القدس الشرقية.وتابع ياسين: «ترامب من أكثر الرؤساء الأميركيين تحيزاً لإسرائيل ومعاداة للقضايا العربية»، موضحاً أن حل القضية الفلسطينية متوقف على ضرورة ضبط موازين القوى على الأرض وهو الأمر غير المتوفر حالياً بين الدول العربية وإسرائيل.بدوره قال مدير «وحدة فلسطين» في مركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، محمد جمعة، إن تصريحات السيسي لا تعني وجود خطة للتسوية النهائية للأزمة، وتابع: «كل ما نتمناه أن يبذل ترامب جهوداً للضغط على إسرائيل للعودة إلى طاولة المفاوضات والتوقف عن الاستمرار في بناء المستوطنات»، لافتاً إلى أن العلاقات المصرية الإسرائيلية تمر بأحسن حالاتها إلى الدرجة التي يمكن القول فيها، إن اتفاقية السلام مع إسرائيل لم تعد تحتاج إلى رعاية أميركية.المساعدات العسكرية
وعن التعاون العسكري المصري الأميركي، الذي تعهد ترامب علناً خلال المباحثات بزيادته بصورة غير مسبوقة، علمت «الجريدة» أنه يتضمن إمداد مصر بمُعدات جديدة لمحاربة الإرهاب، بينها أجهزة مُتطورة لتأمين الحدود، ومراقبة المناطق المشتبه بوجود عناصر مسلحة بها، فضلاً عن تقنيات حديثة في التنصُّت.كما يتضمن التعاون العسكري بين البلدين عودة المناورات المشتركة بين جيشي البلدين، والتي كانت تعرف في السابق بمناورات «النجم الساطع»، كما طلبت القاهرة من واشنطن دعمها سياسياً في حربها ضد الإرهاب، حيث جددت مطالبتها بعدم التفرقة بين التنظيمات سواء في التصنيف أو في التعامل، في إشارة واضحة للمطلب الذي تلح عليه الحكومة المصرية، بتصنيف جماعة «الإخوان» منظمة إرهابية في أميركا.كما ألمح مسؤولون إلى أن توجه إدارة ترامب لخفض قيمة المساعدات الخارجية في المرحلة المقبلة، لن يطال المعونة العسكرية المقدمة إلى مصر، والتي تصل إلى 1.3 مليار دولار سنوياً.تفعيل «الكويز»
وفيما يتعلق بملفات التعاون الاقتصادي، شهدت القمة المصرية الأميركية توافقاً على تعزيز التعاون، حيث طلبت مصر الاستفادة من برامج الإجراءات الميسرة لدخول صادراتها، لاسيما في ظل تراجع التبادل التجاري بين البلدين إلى نحو 5 مليارات دولار العام الماضي، وتدني استفادة مصر من اتفاقية «الكويز» التي تم توقيعها عام 2004.وتقضي الاتفاقية بفتح الأسواق الأميركية من دون تحديد حصص أو فرض رسوم جمركية أمام المنتجات المصنعة في «المناطق الصناعية المؤهلة» في مصر على أن لا تقل نسبة المكونات المصنعة محلياً عن 35 في المئة وأن تحوي 10.5 في المئة مكوناً إسرائيلياً.عسكرياً، وبينما أحبطت قوات إنفاذ القانون، محاولة تنفيذ هجوم إرهابي على أحد أكمنة الشرطة في مدينة العريش، أمس الأول، تسلمت القاهرة أمس الدفعة الثالثة من طائرات الرافال الفرنسية، ضمن صفقة بإجمالي 24 طائرة تم توقيعها عام 2015، بخلاف سفن حربية متعددة المهام تقدر بنحو 5.2 مليار يورو.