رحل عن عالمنا الناقد السينمائي الكبير سمير فريد الملقب بـ "رائد النقد السينمائي" عن عمر ناهز الـ 74 عاما، حيث ولد في عام 1943 وتخرج في قسم النقد بالمعهد العالي للفنون المسرحية 1965.

وكان قد تم اختيار فريد للتكريم من قبل مهرجان برلين في الدورة الـ 67 - التي عقدت في الفترة من 9 إلى 19 فبراير الماضي، لمنحه جائزة "كاميرا البرلينالي" التقديرية، ليكون بذلك أول ناقد عربي يكرمه المهرجان خلال دوراته، وحصل فريد أيضا على جائزة الدولة للتفوق في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة عام 2002، وميدالية مهرجان "كان" الذهبية بمناسبة الدورة الأخيرة في القرن العشرين عام 2000.

Ad

وجاء على الموقع الرسمي لمهرجان "برلين" عقب تكريمه مباشرة أن سمير فريد واحد من أبرز النقاد والكتّاب في العالم العربي، وأنه كخبير في السينما، فإن آراءه ونصائحه السينمائية أصبحت مطلوبة في جميع أنحاء العالم، ورافق المهرجان لعقود كثيرة.

وأوضح الموقع أن فريد تعلم أن يجعل عينه حادة وبارعة في قراءة الأعمال السينمائية، خلال دراسته في المعهد العالي للفنون المسرحية بأكاديمية الفنون بالقاهرة.

بدأ فريد المشوار النقدي والسينمائي الحافل عقب تخرجه في عام 1970، إذ أصبح عضوا في الاتحاد الدولي للنقاد السينمائيين، وعلى مدار حياته المهنية الطويلة نسج شبكة معارف عالمية واسعة من خلال مساهمته كعضو للجنة التحكيم في العديد من المهرجانات السينمائية الدولية المرموقة، وعمل مراسلا لمجلة "فارايتي" سنوات عدة، وشغل منصب رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي خلال عام 2014، وحظيت هذه الدورة بنجاح لافت، علاوة على كتابته آلاف المقالات اليومية والأسبوعية في كبريات الإصدارات المصرية والعربية والعالمية وعشرات الكتب التي تزخر بها المكتبة السينمائية العربية، والتي يصل عددها إلى 70 كتابا تقريبا في النقد السينمائي، حلل فيها الأفلام ورصد هموم الصناعة، وطرح من خلال كتاباته العديد من القضايا الفنية والسينمائية المصرية والعربية والعالمية.

الطاهر مكي

من جانب آخر، غيب الموت الناقد الأدبي الكبير د. الطاهر أحمد مكي، أستاذ الدراسات الأدبية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، عن عمر يناهز 93 عاما بعد صراع مع المرض، اشتهر مكي بأنه أستاذ الأدب الأندلسي، وعرف عنه غرامه بالأندلس مدينة وتاريخا عريقا، وهو أول من قدم جوانب عديدة خافية من حضارتنا في الأندلس.

أثرى مكي المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات والتراجم وتحقيق الكتب منها "طوق الحمامة" لابن حزم الأندلسي، "الأخلاق والسير في مداواة النفوس" لابن حزم الأندلسي.. وفي الترجمة له ترجمات عدة عن الإسبانية والفرنسية، منها: ملحمة السيد 1970، الحضارة العربية في إسبانيا - ليفي بروفنسال عن الفرنسية، الشعر الأندلسي في عصر الطوائف عن الفرنسية، التربية الإسلامية في الأندلس... أصولها المشرقية وتأثيراتها الغربية خوليان ريبيرا.

وتضم قائمة مؤلفاته: "امرؤ القيس: حياته وشعره، بابلو نيرودا شاعر الحب والنضال"، "القصة القصيرة... دراسة ومختارات 1977"، "الشعر العربي المعاصر... روائعه ومدخل لقراءته"، "الأدب الأندلسي من منظور إسباني"، "الشعر العربي المعاصر... روائعه ومدخل لقراءته"، "الأدب المقارن... أصوله وتطوره ومناهجه"، "مقدمة في الأدب الإسلامي المقارن"، "أصداء عربية وإسلامية في الفكر الأوروبي الوسيط".

البكاء على الأطلال

لم يقف الراحل على مشارف الأندلس ليبكي على أطلالها وغروب الحضارة العربية، لكنه كان يفخر بماضيه ويرى الأندلس مثالا رائعا مجسما، يجب على العرب أن يتذكروه، وأن يدرسوا كيف كنا وكيف انتهينا؟ كانت الأندلس في عصرها قمة الحضارة، قمة القوة، وكان الأسطول الأندلسي هو المسيطر على غربي البحر الأبيض المتوسط، وكان عبدالرحمن الناصر مرعبا لكل القوى الأوروبية، وكانت قرطبة العاصمة يضرب بها المثل، كما كان يرى أن باندثار هذه الحضارة علينا أن نكون علميين، وأن يعرف كل منا لماذا بلغت هذه الحضارة قمة الروعة؟ ولماذا انهارت واندثرت، ولم يبق منها شيء؟ علميا، إذا تكررت الأسباب تؤدي إلى النتائج نفسها، علينا أن ندرس أسباب التقدم، لنعيده وندرس أسباب الانحدار لنتجاوزه، وبغير ذلك، سيظل الإنسان متخوفا من المستقبل، ومأساة الأندلس درس بليغ لمن أراد أن يعتبر.

وعندما كان يسأل عما حدث للأندلس كان يجيب دائما "يجب أخذ العبرة من التاريخ، فالذي حدث في الأندلس أن الخلاف والشقاق غير العقلاني أضعفا الدولة، وأقول غير العقلاني، لأن من طبيعة العقل البشري أن يرى الأشياء من أكثر من زاوية، وأن يبحث عن المخرج الأفضل، وأن يتلاقى عند مصلحة المجموع، لكن الذي حدث في الأندلس أن كل دويلة، وكل فرد، وكل جماعة سياسية كانت تبحث عن مصلحتها الذاتية، فإذا عجزت عن تحقيقها، استعانت بالعدو، وهكذا انتهت الحال بالأندلس، حيث ظل العدو يضرب الدويلات الإسلامية بعضها ببعض، فأتي عليها جميعا، وانتهى منها".

الأستاذ

شغل الراحل وظائف عدة في قطاعات التعليم العام والجامعي والدراسات العليا، مدرسا، فأستاذا مساعدا، فأستاذا، فرئيسا لقسم الدراسات الأدبية، فوكيلا لكلية دار العلوم للدراسات العليا والبحوث، وقضى عدة سنوات أستاذا زائرا بجامعة بوغوتا الكولومبية، تعرف فيها إلى الأدب المكتوب بالإسبانية في أميركا اللاتينية، كما عمل أستاذا زائرا في جامعات تونس ومدريد والمغرب والجزائر والإمارات العربية المتحدة.

ونال جائزة الدولة التقديرية في الآداب سنة 1992، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى 1992 وجائزة التميز من جامعة القاهرة 2009.