السيسي: سياسات أوباما مكّنت موسكو في المنطقة

زيارة البشير إلى إثيوبيا تقلق المصريين... والقاهرة تتمسك بـ «العلاقات التاريخية» مع الخرطوم

نشر في 07-04-2017
آخر تحديث 07-04-2017 | 00:00
السيسي مجتمعاً بوزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس أمس الأول في واشنطن    (أ ف ب)
السيسي مجتمعاً بوزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس أمس الأول في واشنطن (أ ف ب)
اختتم الرئيس السيسي زيارته إلى واشنطن أمس، مادحاً الرئيس الأميركي ترامب، وملقياً باللوم على سياسات سلفه أوباما، بشأن ما اعتبره «تصاعداً للنفوذ الروسي في الشرق الأوسط»، وتعهد خلال لقائه برئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد بمواصلة بلاده سياسة الإصلاح الاقتصادي.
بينما اختتم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي زيارة وصفت بـ«الناجحة» إلى واشنطن، أمس، حرص السيسي قبيل مغادرته الأراضي الأميركية، على تحديد عدة مفاهيم تتعلق بالسياسة الخارجية لمصر خلال المرحلة المقبلة، قد تكشف التحالفات الجديدة في المنطقة، لكونها ترسخ عودة القاهرة إلى أحضان حليفها القديم «واشنطن»، بعد فترة جفاء قاربت 10 أعوام.

السيسي- استغل حديثه إلى فضائية «فوكس نيوز» الأميركية، مدة 15 دقيقة في برنامج «سبيشيال ريبورت»، الذي تمت إذاعته مساء أمس الأول، لمدح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قائلاً: «إنه شخص رائع وكذلك إدارته، حقق نجاحاً غير مسبوق لصالح أميركا وشعبها، ووعد بتقديم دعم كبير لمصر، وأنا أثق في وعوده»، بينما لام السيسي تصاعد النفوذ الروسي في المنطقة، قائلاً: «روسيا في سورية دفاعاً عن مصالحها، والفراغ الذي صنعته إدارة أوباما جعل روسيا تمتلك موطئ قدم كبير في المنطقة»، في حين تدعي موسكو أنها تدعم نظام بشار الأسد، حفاظاً على الشعب السوري، وتحتفظ قواتها بوجود دائم في ثلاث قواعد عسكرية في سورية.

وكانت العلاقات بين مصر وروسيا بلغت درجة عالية من التنسيق، في أعقاب إزاحة حكم جماعة «الإخوان» من السلطة 3 يوليو 2013، تجلت في زيارات متبادلة بين الرئيسين السيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، شهدت توقيع عدد من اتفاقيات الشراكة الاقتصادية والعسكرية مع روسيا، في ظل فتور في العلاقات بين القاهرة وواشنطن ودول أوروبية.

من جانبه، لم يعتبر الباحث المُتخصص في الشؤون الروسية، في «مركز الأهرام للدراسات»، نبيل رشوان، تصريحات السيسي تدشيناً لمرحلة فتور مع روسيا، وقال لـ«الجريدة»: «التقارب المصري مع أميركا حالياً ليس بالضرورة أن يكون على حساب العلاقات القوية بين القاهرة وموسكو»، لافتاً إلى أن هناك العديد من الملفات العالقة بين مصر وروسيا مثل استمرار تعليق موسكو الرحلات الجوية مع مصر، لكن تلك الملفات من الصعب أن تؤثر على العلاقات.

وتابع: «القاهرة تحتاج إلى الروس في العديد من ملفات التسوية في المنطقة بينها الأزمة في سورية، وموقف مندوب مصر في مجلس الأمن تجاه أحداث خان شيخون، يُؤكد تنسيق مصر لمواقفها مع سورية وروسيا».

أستاذ العلوم السياسية، حسن نافعة، قلل من حجم الإنجاز المتحقق في أميركا، قائلاً لـ»الجريدة»: «من المبكر الجزم بأن مصر عادت إلى الانحياز للحليف القديم أميركا، على حساب الروس، فزيارة واشنطن لم يتمخض عنها معايير مُحددة تُعزز من هذا الاتجاه».

لستُ دكتاتوراً

من جانب آخر، حرص السيسي على تصحيح بعض المفاهيم، خلال حواره مع «فوكس نيوز»، التي تُثار عنه في وسائل الإعلام الغربية، إلى جانب حرصه على بيان حقيقة الأوضاع على الأرض، حيث قال: «الدولة المصرية تحترم مواطنيها، ولست دكتاتوراً، وبقائي في منصبي لفترة رئاسية ثانية مرهون برغبة الشعب».

ولفت إلى أنه أجرى نقاشات مع عدد من أعضاء «الكونغرس»، حول ملف حقوق الإنسان في مصر، مؤكداً سعيه للحفاظ على مواطني بلاده في منطقة غير مستقرة، تنتشر بها ثقافة وأفكار متطرفة، وأن الدولة تقوم بدورها على محورين، أولهما حماية المواطنين، والآخر منع التطرف مع مراعاة حقوق الإنسان، وأن جميع ما تم اتخاذه خلال الفترة الماضية يتفق مع صحيح القانون والدستور.

وعن علاقة مصر بدول الخليج، وصف السيسي العلاقة مع دول الخليج بـ«القوية»، وتابع: «لسنا أصدقاء فقط إننا إخوة، وأمن منطقة الخليج جزء من أمن مصر»، رداً على إمكانية حدوث تطورات في المنطقة خصوصا فيما يتعلق بإيران.

وأضاف «الأمن القومي العربي جزء لا يتجزأ وهذا شيء لا يتغير».

وعن الأزمة الليبية، طالب السيسي بضرورة دعم المجتمع الدولي للجيش الوطني الليبي، مضيفاً: «كان يجب إمداده بالتجهيزات اللازمة ليتمكن من أداء مهامه»، وتابع: «إذا ساعدنا الجيش الوطني الليبي فلن تكون هناك مجموعات مسلحة، ولن يصبح الشعب الليبي أسيراً للمتشددين».

في الأثناء، التقى السيسي في مقر إقامته بواشنطن مجموعة من الشخصيات المؤثرة في المجتمع الأميركي، والتي تضم مسؤولين سياسيين وعسكريين سابقين، بالإضافة إلى قيادات مراكز الأبحاث ودوائر الفكر وقيادات المنظمات اليهودية الأميركية. كما قام السيسي، أمس الأول بزيارة إلى مقر وزارة الدفاع الأميركية، «البنتاغون»، حيث كان في استقباله وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس.

في غضون ذلك، أكد وزير المالية المصري، عمرو الجارحي أن لقاء الرئيس مع رئيسة «صندوق النقد الدولي» كريستين لاغارد كان طيباً، عكس طبيعة العلاقات الإيجابية بين مصر والصندوق.

البشير في إثيوبيا

وانتقد خبراء مصريون في الشؤون الإفريقية، أمس، زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى إثيوبيا، قبل يومين، ضمن احتفالات أديس أبابا بسد النهضة، الذي تعتقد القاهرة أنه سيخصم ثلث حصتها من مياه نهر النيل.

وبينما انتقد متخصصون الزيارة، اكتفي الناطق باسم الخارجية المصرية أحمد أبوزيد في حديثه مع «الجريدة» بالإشارة إلى قوة العلاقات التي تربط مصر بدولة السودان، وقال: «هناك تنسيق بين البلدين على جميع الصعد والملفات ذات الاهتمام المشترك».

فيما قال مدير وحدة وادي النيل في «مركز الأهرام للدراسات»، هاني رسلان لـ«الجريدة»: «زيارة البشير استمرار وتأكيد لموقف السودان الداعم لبناء إثيوبيا سد النهضة على حساب المصالح المائية المصرية، وتوقيت الزيارة رسالة تأكيد أن السودان اختار الانحياز إلى الجانب الإثيوبي على حساب مصر»، مشيراً إلى أن «البشير يفضل توازنات اللحظة الراهنة على العلاقات الاستراتيجية الأبدية مع مصر».

back to top