«سمانا... مو كويتية!»
كالعادة قصة جديدة لإشغال الناس، وعنوانها هذه المرة مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية، والدليل على ذلك حالة الهيجان في وسائل التواصل الاجتماعي، والكم الهائل من المعلومات والاتهامات والتخوين وتبديد ملايين الدنانير بالفساد دون أن تكون هذه المعلومات مذيلة بأسماء أو مواقع رسمية لمن يروجها!كحال بقية المسرحيات الحكومية لم تتكبد صاحبة الجلالة الرشيدة عناء إعلان أي موقف رسمي وصريح، ليس حول المعلومات الخطيرة بما فيها التسريبات على لسان مسؤولين كبار في الحكومة ومنهم عدد من الوزراء فقط، ولكن عن أسباب ومبررات تغيير مجلس إدارة الكويتية المفاجئ، والذي لم يكمل نصف مدته القانونية.مجلس الإدارة بقيادة السيدة رشا الرومي هو الفريق الوحيد الذي نجح منذ التحرير في إعادة بصيص الأمل في روح "الكويتية" التي ماتت إكلينيكياً وتلاعبت بها الحكومة عبر قرارات عشوائية وقوانين خصخصة ارتجالية تبين أنها كانت مؤامرة على تفريغ هذه المؤسسة الوطنية من الكادر الوطني، وفي مقدمتهم الطيارون الكويتيون، وكانت المؤسسة تعاني خسائر مستمرة ومتراكمة على مدى عقدين من الزمن، وباءت كل محاولات تحديث الأسطول الوطني بالفشل والفضائح.
المجلس الأخير هو الذي قام بتفعيل المؤسسة ونجح في تحديث الأسطول الجوي وإلغاء مشروع الخصخصة، وفي عهده تم توقيع عقد بناء مشروع المطار الجديد، والغريب أن تعقد السيدة الرومي مؤتمراً صحافياً لشرح الرؤية المستقبلية للمؤسسة وتسلسل دخول الطائرات الجديدة في الخدمة حتى عام 2022، وبعد ذلك بساعات قليلة يصدر قرار تشكيل مجلس جديد وبطاقم كامل مختلف. لعل "القمندة" الحقيقية في إزاحة مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي تحديداً يعود إلى الشعار الذي رفعته رشا الرومي "سمانا كويتية"، في إشارة واضحة وشجاعة بأن المؤسسة ستبقى الناقل الوطني والرسمي للدولة، وأن طائرات الخطوط الجوية الكويتية ستبقى تحلق في السماء تحت اسم "الكويتية" وبالعلم الكويتي، وهذا ما لا يعجب البعض ممن يريد تصفية كل أصول الدولة خصوصاً في الوقت المناسب.لم تنجح خصخصة الكويتية برغم وجود قانون قائم لعدة سنوات، والسبب في ذلك أنه لم يتقدم أحد لتلك العروس القبيحة والمفلسة، فطائراتها كانت حزمة من الخردة، ولم يتجاوز أسطولها درزنين من الطائرات، نصفها خرب ومطار مهترئ تتسرب في كل مبانيه المياه مع أبسط رشة مطر.هذه العروس اليوم تملك 30 طائرة جديدة وتم تسريح 60% من موظفيها، وخلال خمس سنوات ستتجمّل بمطار حديث كلفته إلى الآن 4 مليارات دولار، فمن الطبيعي أن يكثر خطّابها!إذا أخطأت الإدارة السابقة فيجب أن تتحلى الحكومة بالشجاعة لبيان تجاوزاتها ومحاسبة المقصرين، ولكن صمت الحكومة دليل على مشروع بيع هذه المؤسسة الوطنية، ويبقى عزاؤنا الأخير في المجلس الجديد ورئيسه المهندس سامي الرشيد، الذي ظلم أيضاً في يوم من الأيام، بأن يصمد في روحه الوطنية المعهودة، وألا يسمح بأن يتغير شعار المؤسسة في عهده لتكون "سمانا مو كويتية!".