جمال

نشر في 07-04-2017
آخر تحديث 07-04-2017 | 00:04
 دانة الراشد نكاد أن ننسى أجسادنا وما تحمله من أنين، نتجاهل أنفسنا وسط زحام الحياة ومتطلباتها التي لا تنتهي، وفي نبضها السريع وعجلتها التي لا تتوقف عند أي حد، يحدث أن يمر الجمال أمامنا ومن حولنا مرور الكرام دون أن نلحظه، ذلك الجمال العظيم الموجود في الأشياء البسيطة، والتي أخذناها كمسلمات مع مرور الزمن واكتظاظه بالمسؤوليات، الأمر هنا يتطلب عيناً وقلباً يلحظان الجمال.

ارفع رأسك إلى السماء لتجد الأفق اللامتناهي، وقرص الشمس الذهبي الفخور يستحيل فضة قمرية خجلى وماساً منثوراً في رقصة الليل والنهار الأزلية، نرى من خلالها أن التغيير هو سنّة الحياة وناقوسها الأبدي. انظر إلى قارعة الطريق فستجد النوّير الشجاع يشق طريقه خلال الأسمنت وعلى جوانب طرق الإسفلت، يشرق بانتعاش هو الآخر ليعلمنا دروساً في الإصرار وأن للطبيعة دائماً اليد العليا، وعلى مقربة من تلك الأزهار، لاحظ الحمام الوديع يلتقط قوت يومه مصحوباً مع بعض الزوار الموسميين من طيور الربيع الملونة التي تأتينا مع الاعتدال الربيعي، والنُّحَام صديق البحار. لاحظ ذلك الجمال البسيط وتمعن في استثنائيته في التجلي والظهور رغم قساوة البيئة وجفائها.

اهجر علب الأسمنت الصمّاء واقصد البحر يوماً، تمتع بعذوبة نسماته وعظمة حضوره، شاهد تلألؤ سطحه إثر انعكاس أضواء المباني عليه، لا تسمح لحياة الروتين أن تجعل قلبك يتحجر ويتبلّد تجاه الشعور بالجمال، تأنَّ يوماً في تناول وجباتك، واستمتع بعبق الرائحة والنكهات المتمازجة.

اترك عنك الجمال المتكلف المبهرج، واستمتع ببساطة الكائنات وعفوية الأشياء، انظر إلى روعة براءة الطفل وشعوره بالدهشة والفضول تجاه كل ما يقابل طريقه، لا تفقد ذلك الشعور يوماً فيتسرب من الحياة لونها وتصبح رمادية رتيبة بعد أن كانت مدهشة وغنية بالتنوع، اقرأ شيئاً بعيداً عن اهتمامك لأن في الحياة آفاقاً عديدة ربما تجرك لمكامن جديدة للجمال.

"قف واشتمّ الزهور" كما يقول المثل الغربي، واسمح لجمال الأشياء من حولك أن يشحن قلبك بالسكينة والمحبة، فتغدو حياتك أكثر سعادة، ودمتم بجمال.

back to top