أزمة علَم كردستان: بغداد هادئة وإردوغان يرث «منطق المالكي»

نشر في 07-04-2017
آخر تحديث 07-04-2017 | 00:10
علَم كردستان
علَم كردستان
ينشغل العراقيون بجملة من المفارقات الكبيرة كشفت عنها الأزمة الأخيرة في محافظة كركوك المتنازع عليها بين 3 قوميات هي العربية والتركمانية والكردية، مع وجود مسيحي واضح.

واندلعت أزمة بعد إقدام الأكراد في مجلس المحافظة على اتخاذ قرار برفع علم كردستان فوق الإدارات الرسمية بالمحافظة، ورد البرلمان العراقي بقرار مضاد برفع علم العراق حصراً.

ورداً على قرار البرلمان العراقي، اتخذ الأكراد في مجلس محافظة كركوك بقيادة المحافظ نجم الدين كريم، وهو جراح أعصاب معروف في الولايات المتحدة والعراق، قراراً باستفتاء في المحافظة حول الانضمام إلى كردستان.

وفسر الرد الأخير بأنه خطوة من جانب واحد لتقرير مصير تابعية المحافظة الإدارية، وخرقاً لآلية وضعها دستور العراق (المادة 140) لمعالجة الخلاف، تتمثل بإحصاء السكان ثم الاستفتاء، وهو ما أثار ردود أفعال غاضبة عند التركمان خصوصاً.

ومن المفارقات أن حكومة بغداد وأركانها ومسانديها من الشيعة، تحدثوا بهدوء لافت، كما لوحظ في تصريحات رئيس الوزراء حيدر العبادي وزعيم الكتلة الشيعية عمار الحكيم، حيث طلبوا بلطف بالغ، أن يقدر حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي السابق جلال طالباني، وهو الطرف المسيطر على كركوك منذ 14 عاماً، «الظروف الحرجة» ويتراجع عن قرار رفع العلم وتنظيم استفتاء.

وراح العراقيون يقارنون بين لغة العبادي ومنطق سلفه نوري المالكي الذي عرف باستخدام عبارات «حربية» في مثل هذه المواقف، تتحدث عن القتال والدم والعقاب.

لكن بغداد إذ هدأت، وحرصت الأطراف المحلية الأخرى على استخدام عبارات فيها تحوط وحذر واضحين، فإن أنقرة لجأت إلى خطاب عنيف (يعوض غياب المالكي)، حيث يستمر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في معالجات خطابية عنيفة لمعظم مشكلاته، حيث استخدم عبارات أقل ما ورد فيها هو أن من رفع العلم في كركوك «سيندم».

ويشكل موقف إردوغان مفارقة نادرة، إذ إنه منذ زمن طويل، لم ينتقد الأكراد العراقيين بهذه الطريقة، وراح يبني تحالفاً استراتيجياً معهم تضمن هيمنة كاملة على خطوط تصدير النفط الكردستاني واستثمارات واسعة في أربيل خصوصاً.

أما أكثر المحرجين في هذه الأزمة فهم قادة العرب السنة العراقيين الذين تتوتر علاقتهم بالشيعة ويحاولون تعويضها بصلات جيدة مع الأكراد، بينما يجدون أنفسهم محرجين الآن بين جمهورهم العربي الغاضب، وموقف حليفهم في أنقرة، والخطوات الكردية المحرجة.

أما أبرز الانتقادات الموجهة إلى الأكراد، فهو أنهم خرقوا التوافق السياسي في مدينة نصف سكانها عرب وتركمان، بينما يتمسك الأكراد في بغداد بمبدأ التوافق وينتقدون الشيعة الذين خرقوه مراراً.

ويسود في العراق استغراب واسع من لجوء أكراد كركوك إلى هذه الخطوة التي تحمل كلفة سياسية وإعلامية كبيرة، في توقيت يتطلب عمل الجيش العربي مع القوات الكردية، ليس في الموصل فحسب، بل في معركة الحويجة المرتقبة والمحاذية لكركوك من الغرب، حيث تشكل أكبر تحد أمني للمدينة وحقول النفط، وتعد آخر معقل خطير لـ «داعش» بعد الموصل.

وتقول مصادر مطلعة، إن حزب رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني المنافس لحزب طالباني، والذي يخوض معه مواجهات سياسية تتعلق بإدارة موارد النفط في كردستان، يشعر بالحرج، لأن الخطوة وضعته في خلاف مع بغداد وأنقرة في الوقت نفسه، وهي مواجهة ستعكر مزاج الحليف الأميركي المشغول بمعارك الموصل، وستعقد الوضع في الإقليم الذي يمر بظروف اقتصادية وعسكرية صعبة للغاية.

وسبق لقياديين في حزب بارزاني أن أكدوا يأسهم من الحلول، معربين عن اقتناع بأن من الأفضل للأكراد «مغادرة البيت العراقي» وإعلان الاستقلال، والحفاظ على علاقة «شركاء وجيران» وثيقة مع بغداد.

وفي مبادرة يمكن أن تهدئ الأزمة، وصل يوم الأربعاء، وفد من إقليم كردستان إلى بغداد برئاسة 3 شخصيات من الجناح الكردي الموصوف بالاعتدال من الحزبين الرئيسيين، حيث أعلن مكتب العبادي لاحقاً، أنه اتفق مع الوفد على إزالة العوائق التي حالت دون تفعيل المادة 140 الدستورية الخاصة بمناطق النزاع، وشددا على أهمية التهيئة لمستلزمات الإحصاء السكاني ثم الاستفتاء «بعد إكمال تحرير جميع الأراضي».

back to top