عندما تصل "الوقاحة السياسية" بـ "الكرملين الروسي" إلى حد القول إن روسيا ستواصل العملية العسكرية التي تقوم بها في سورية دفاعاً عن نظام بشار الأسد فهذا يعني أنه "ليس بعد الكفر ذنب"، وأن هذه الحرب التدميرية والإفنائية كانت منذ البدايات وحتى الآن حرباً روسية، وأن "داعش" و"النصرة" أيضاً هما من اختراع موسكو ومعها إيران، وهذا النظام الاستبدادي الذي لم يعد له في هذا البلد، الذي من سوء طالعه أنه وقع في براثن عصابة مجرمة منذ عام 1970، وربما قبل ذلك وحتى الآن، إلا أقل من "مرقد عنزة" حسب مصطلحات أشقائنا اللبنانيين.

إنه لا يمكن أن يرتكب بشار الأسد جريمة الحرب هذه، التي إن ليس هو مصاب بالبله بالفعل فإن المفترض أنه يعرف مسبقاً أنها ستأخذه بالنتيجة إلى حيث أُخذ جنرالات يوغوسلافيا القتلة، بدون تعليمات مباشرة من فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف الذي بقي يلعب دور جنرال غرفة العمليات المشتركة بين هذا النظام المجرم وبين قاعدة "حميميم" الروسية وبين إيران وحراس ثورتها الذين باتوا يحتلون سورية والعراق وكادوا يحتلون اليمن (السعيد) لولا "عاصفة الحزم".

Ad

عندما يبادر الروس إلى الإعلان عن أنهم سيواصلون عمليتهم العسكرية دفاعاً عن نظام بشار الأسد، بينما لا يزال أطفال خان شيخون يتلوون ألماً ويصارعون سكرات الموت، وعندما يتصرف وزير خارجيتهم على أنه الوكيل لهذه الحرب المجرمة التدميرية التي مزقت سورية ونثرت شعبها في أربع رياح الأرض وغيبت مئات الألوف منه في سجون كانت أقيمت في عهد حافظ الأسد في فترة مذابح حماة الشهيرة وما قبلها وما بعدها ينطبق عليها ذلك القول إن "الداخل إليها مفقود والخارج مولود"... فهذا يعني أن هذه الجريمة التي ارتكبت هي جريمة روسية من أولها إلى آخرها.

إنه يجب أن يُفهم ومنذ الآن أنه إن لم تتوفر عزيمة دولية فعلية لأخذ بشار الأسد إلى حيث أُخذ جنرالات يوغوسلافيا القتلة والمجرمون، وإن لم يتم إخراج الروس والإيرانيين من سورية، هذا البلد العربي الذي يحتلونه احتلالاً عسكرياً مباشراً يعترفون به ولا ينكرونه، فإن جريمة خان شيخون ستتبعها جرائم كثيرة، فالهدف هو تصفية اللون السني بالهجرة الجماعية، وتحت ضغط القذائف والصواريخ والغازات السامة في عملية تغيير "ديموغرافي" طائفي بات واضحاً، ولا ينكره إلا أعمى بصر وبصيرة أو متواطئ مشترك في هذه الجريمة أو متخاذل لا يهمه إلا خلاص نفسه.

لم تعد لبيانات الشجب والاستنكار، التي أُتخمت بها هذه الأمة على مدى قرن بأكمله، أي قيمة، ولذلك فإنه إن لم يبادر العرب إلى وقفة فعلية وجادة بعد هذه الجريمة النكراء فإن "وجبات" غاز السارين ستنتقل إلى دول عربية أخرى... ربما أولها بعد سورية العراق... والمثل يقول: "أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض"... ومن يعش فسيرى أكثر كثيراً مما حصل في خان شيخون، وهذا إن لم تستيقظ هذه الأمة من هذا السبات العميق الذي تغرق به.