أتناول في هذا المقال حدثين: الأول يتعلق بالظاهرة التي طفت على الساحة الكويتية خلال السنوات الأخيرة والمتمثلة في تكوين مجموعات سياسية من بعض الشخصيات التي تجمعها توجهات معينة يلعبون من خلالها على عدد من القضايا التي تشغل المواطنين، ويحاولون دغدغة مشاعرهم بالعبارات الرنانة والشعارات البراقة دون أن يكون لهم تأثير أو إنجاز، حيث ما تلبث هذه المجموعات أن تختفي وتتوارى عن المشهد فجأة، كما ظهرت فجأة لأن أهدافها في أغلب الأحيان يكون البحث عن التلميع الإعلامي والتكسب السياسي والانتخابي.

ولأن هذه المجموعات السياسية لا تولد من رحم الشعب، ولا تعبر عنه، فإنها لا تجد لها الأرضية الخصبة لتنمو وتكبر، ولعل ذلك ينطبق على من أطلقوا على أنفسهم "مجموعة الـ80" الذين يرفضون التعديلات المقترحة على قانون الجنسية، حيث زعموا أنهم يمثلون الشعب ويتحدثون بلسانه، ولكن الشعب لفظهم سريعاً ولقنهم درساً قاسياً، حيث شن المواطنون هجوماً قاسياً على أعضاء هذه المجموعة، وأنهم لا يمثلونهم، وطالبوهم بتشكيل مجموعات تحل المشاكل الإسكانية والصحية والتعليمية لا الوقوف ضد قانون تعديل الجنسية، كما فعلت من قبل "مجموعة الـ26" التي رفضت قانون إسقاط القروض والفوائد.

Ad

ويزعم البعض أن لقاء سمو أمير البلاد، حفظه الله، بأعضاء هذه المجموعات يضفي الشرعية عليها، ولكن في الحقيقة هذا كلام حق يراد به باطل لأن صاحب السمو منذ كان رئيساً لمجلس الوزراء إلى أن أصبح حاكماً للبلاد اعتاد على لقاء المواطنين، ‬ودائماً سموه يحرص على استقبال واستدعاء شخصيات كويتية لها اسمها وثقلها بالبلد لسماع وجهة نظرها، فيما‮ ‬يحدث على الساحة الكويتية‮، ‬وأيضاً لا‮ ‬يرفض سموه، حفظه الله، طلب مقابلة أو لقاء‮ ‬يتقدم به أعضاء جمعيات النفع العام والنقابات المهنية أو كبار رجالات الأسر والعائلات الكويتية أو كبار التجار، فجميعهم تعودوا على لقاء سمو الأمير للتشاور معه فيما‮ ‬يخص شؤون البلاد، ويخص طلباتهم ورؤيتهم لبعض الأمور التي‮ ‬تهتم بالمصلحة العامة للبلاد أو المصلحة الخاصة بهم‮. ‬

الموضوع الثاني الذي أود الحديث عنه يتعلق بالقمة العربية التي عقدت يوم الأربعاء الماضي على ضفاف البحر الميت في الأردن، حيث إنها خرجت كسابقاتها من القمم ببيان هزيل لا يقدم ولا يؤخر ولا يغير شيئاً من واقع الأوضاع المأساوية لعدد كبير من الشعوب العربية، التي تئن تحت وطأة الحروب والنزاعات الطائفية والفقر والتشرد، فمعظم الكلمات التي ألقاها الزعماء قديمة ومكررة، وفضفاضة ولا تحمل رؤى واقعية أو حلولاً قريبة للمشكلات التي تعانيها دولنا، وظهر الانقسام واضحاً بين بعض القادة حول مفهوم الإرهاب، ورفض تصنيف جماعات سياسية على أنها إرهابية.

ومع كل قمة عربية هناك دائماً أسئلة تراودني منها: لماذا ينصبّ مجهود وزراء الخارجية العرب الذين يجتمعون قبل لقاء القادة على صياغة البيان الختامي الذي لا يخرج بجديد عن الأعوام السابقة، ويمكن نسخه بدون عناء؟ ولماذا لا يعقدون ورش عمل وجلسات يناقشون من خلالها القضايا الخلافية، ويبحثون عن حلول واقعية تعالج المشاكل ليتم إقرارها والتعهد بتطبيقها خلال فترة زمنية محددة؟ ولماذا لا تكون هناك شفافية وصدق في الطرح والرؤى، وتكشف كل دولة عن توجهها ومن تدعم ومن تساعد؟ ولماذا لا تكون هناك محاولات للوصول إلى نقاط تفاهم أو تقارب؟ والأهم من ذلك كله لماذا تعقد هذه القمم العربية بشكل سنوي طالما أنه لا فائدة منها، ولم نر لها تأثيراً يذكر على مدار عقود من الزمن؟