ربما يختلف الكثيرون معي إزاء التساؤل الذي يحمله عنوان المقال، لأن الوطن يعيش فينا، ولا نعيش نحن فيه فقط، حتى وإن هاجرنا منه لظروف العمل أو الحروب أو لأسباب أخرى فإنه يبقى في الفكرة شامخاً، وفي القلب حنيناً واشتياقاً في كل ثانية تمر علينا ونحن بعيدون عنه، يؤرقنا حال أهلنا من الشعوب التي جاعت أو قُتِلت أو سجنت أو تألمت، يؤلمنا ما يحدث في أوطاننا من خراب ودمار، ولكن ماذا لو جربت شعور أنك لا تستطيع أن تعود إلى وطنك أو عجزك عن الهروب إلى بلد آخر يمنحك الإقامة والاستقرار؟حيرة وألم وقلة حيلة ومرارة قد تدفعك للتفكر والشعور بالألم والحسرة لحال تلك الشعوب، ولا حول ولا قوة إلا بالله، أسر شردت ورحمة انتزعت من قلوب بني عقيدتهم وعروبتهم، فلا هم منحوهم الأمان، ولا قبلت البلاد الأخرى أن تمنحهم الإقامة والاستقرار، كم عايشت من قصص وحكايات على أرض الواقع لبعض الناس، فحزنت لمعاناتهم، لاسيما أن حكوماتهم هي التي أوصلتهم إلى هذه الكوارث، وألحقت ببلادهم الدمار والقتل والتخريب والهدم، بلا رحمة أو هوادة تحت شعار الحفاظ على البلاد والعباد، فحوّلت حال العباد إلى مأساة تفكك أسري واجتماعي من قهر وإحباط وشعور بالرغبة في الانتقام وكره الحياة والبشر نتيجة الظلم والاستعباد!
هنا لجأ المشردون لا إلى البحث عن الوطن بمعنى الأهل والانتماء والأرض، ولكن عن الوطن لمجرد المعيشة، حتى وإن كانت الأسرة مفككة بتوزعها في أنحاء الأرض، إذ لم تبق إلا المراسلات الإلكترونية لاطمئنان بعضهم على الآخر، وتوقف الأولاد عن الدراسة، وهربت الأسرة إلى ما أتيح لها من ملاذ، وكثيراً ما وقف الموت أمام المطاردين الخائفين ليحول دون وصولهم إلى ذلك الملاذ، ليودعوا الحياة غرقاً بمصارعة أمواج لا ترحم ضعفهم ولا تسمع أنينهم ولا تمسح دموعهم ولا تداوي جرحهم، وسط مشاعر باردة من الآخرين، تشهد على موت ضميرنا العربي، وفقداننا أبسط قواعد الفقه في عقيدتنا كشعوب، وتخلى كثير من قادتنا عن دورهم في حماية تلك الشعوب. وإذا كان هناك من يتهم الشعوب بأنها جاهلة، وأنها التي تسببت في تلك المأساة، فهل نعتبر أن بحث شعبٍ ما عن حريته وحقوقه وحلمه بأن يعيش حياة كريمة ينعم فيها بالعدل يعد جهلاً، وهل هذا هو جرم تلك الشعوب المنكوبة؟
مقالات - اضافات
هل جربت البحث عن وطن؟
08-04-2017