ركز التجار المتعاملون في أسواق الطاقة في الآونة الأخيرة بدرجة كبيرة على حركة مخزونات النفط الخام. وعندما ارتفعت تلك المخزونات في تقرير وزارة الطاقة، الذي صدر الأسبوع الماضي كان ارتفاعها أقل من المتوقع، وأقل مما يمكن له أن يفسر التغير في أسعار الخام. وقد تجاهل التجار الى حد كبير الاتجاهات الأخيرة التي تظهر هبوطاً حاداً في مخزونات البنزين والمشتقات الأخرى.

ومع اقتراب موسم قيادة السيارات في فصل الصيف في الولايات المتحدة يتعين ألا تتركز النظرة في الأجل القصير على مخزونات النفط بل على مخزونات الإنتاج وهوامش المصافي. وفيما وصلت مخزونات النفط في الولايات المتحدة الى مستويات عالية قياسية فإن النفط لا يستطيع توفير الوقود لموسم القيادة في الصيف، بينما بوسع البنزين والديزل فقط، وقد هبط مخزون البنزين في الأسبوع الماضي للأسبوع السادس على التوالي، فيما هبط مخزون التقطير –الذي يشمل الديزل– للأسبوع السابع على التوالي.

Ad

منتجات مكررة

وبكلمات اخرى يوجد الكثير من النفط الخام، ولكن كان هناك هبوط في المنتجات المكررة التي يستهلكها السائقون. كما أن مخزونات الإنتاج هبطت في تقرير وزارة الطاقة المذكور بما مجموعه 6.2 ملايين برميل، ما رفع اجمالي هبوط مخزون المنتجات خلال الأسابيع الستة الماضية الى 36.5 مليونا.

وهذا أكبر هبوط في 6 أسابيع في حوالي 11 عاماً – ولن يبدأ موسم القيادة الصيفي قبل سبعة أسابيع اخرى.

وتعكس أسواق الطاقة أهمية منتجات التكرير من خلال ما تتلقاه المصافي من هامش أرباح عبر التكسير الذي يحيل جزيئات الهيدروكربون إلى منتجات بترولية مثل البنزين. ويمثل هامش ربح المصافي حساباً يطرح سعر برميل واحد من النفط من برميل من البنزين. ويوجد أيضاً هامش ربح تكسير في زيت التدفئة، وهامش ربح من 3-2-1 مصمم ليمثل قسمة المنتجات المكررة في المصافي الأميركية للخام الخفيف الذي يعطي حوالي 2-3 بنزين و1-3 زيت تدفئة.

ويتم حساب هامش ربح التكسير من خلال اضافة سعر برميلين من البنزين الى قيمة برميل من زيت التدفئة ناقص سعر ثلاثة براميل من النفط الخام.

ولكن في مثل هذا الوقت من السنة ومع اقتراب عقود تداول موسم القيادة الصيفي في نايمكس وعطلة نهاية أسبوع يوم الذكرى بسرعة، يصبح هامش ربح التكسير في البنزين مؤشراً أكثر أهمية بالنسبة الى أسعار النفط الخام.

تكسير البنزين

وبشكل منطقي تحفز هوامش الربح المصافي على شراء المزيد من النفط لتحويله الى منتجات مكررة. ويجب أن يرفع هذا الطلب على النفط ما يخفض من المخزون ويرفع الأسعار.

وارتفع هامش ربح تكسير البنزين بشدة في الأسابيع الأخيرة على الرغم من الهبوط في مراكز النفط الطويلة التي يملكها تجار مضاربون مع الدنو الوشيك لموسم القيادة الصيفي. وأسهم هذا الهامش المضاعف من ربح التكسير في البنزين خلال الأسابيع الأخيرة بصورة بارزة في التحول المهم الى الارتفاع في أسعار غرب تكساس الوسيط في الأسبوع الماضي، وهي الأسعار التي هبطت لأكثر من شهر في أعقاب الارتفاع الأخير الذي حدث في 23 فبراير الماضي.

وفيما يدفع هامش ربح التكسير سعر النفط الخام الى الارتفاع مع تحسن طلب المصافي دعمت أساسيات السوق أيضاً أسعار النفط. وفي جانب الإمداد من المعادلة يحتمل أن تتعرض بازدياد اتفاقية منظمة «أوبك» التي تم التوصل اليها في 30 نوفمبر الماضي لخفض انتاج النفط الى تجديد خلال اجتماع المنظمة في 25 مايو المقبل.

وفي جانب الطلب تتحسن الديناميكية العالمية مع استمرار تصنيع Caixin الصيني بي ام آي في التوسع، كما يبدو من المحتمل تحقيق تسريع متواضع في وتيرة الناتج المحلي الإجمالي العالمي خلال سنة 2018. ويحتمل أن تولد عوامل الطلب هذه زيادة في نمو الطلب على النفط.

وتحسنت الجوانب الفنية في الآونة الأخيرة أيضاً بالنسبة الى أسعار خام غرب تكساس الوسيط، مع اظهار نماذج تداول مثل مؤشرات الحجم والحالات العشوائية والقوة النسبية أدلة على التحسن. كما أن ارتفاع الأسعار حافظ على اتجاه السعر الأدنى المرتفع منذ شهر أغسطس الماضي.

وإذا حطمت الجوانب الفنية ذلك الاتجاه، فإنه من المحتمل أن يفضي الى هبوط بارز في الأسعار. ولكن مع الهبوط الأشد لمخزونات الإنتاج في الآونة الأخيرة في أكثر من عقد من الزمن وهامش ربح البنزين القوي واحتمال استمرار خفض انتاج منظمة أوبك والتوسع في الطلب العالمي يصعب تخيل كيفية حدوث انهيار فوري في أسعار النفط قبل موسم القيادة الصيفي.