«الحكومة الإلكترونية» تهدد 95 ألف موظف... والعين على الوافدين

تضرب عصفورين بحجر واحد بالاستغناء عن غير الكويتيين وتغيير التركيبة السكانية

نشر في 08-04-2017
آخر تحديث 08-04-2017 | 00:00
تصريحات ووعود بعدم المساس بالموظفين الكويتيين في الجهات الحكومية تقابلها تساؤلات عن مصير 95 ألف موظف يمثلون متوسطاً نسبته من 20 إلى 30 في المئة من عدد موظفي المؤسسات التي ستطبق برنامج الحكومة الإلكترونية.
تدور السيناريوهات حول إحالتهم للتقاعد، أو استحداث مهام جديدة لهم، أو انضمامهم لفئة البطالة المقنعة المنتشرة في أروقة المؤسسات الحكومية، ويزداد الطين «بلة» في أزمة التضخم الوظيفي بالجهاز الحكومي المترهل، ويرجح السيناريو الأخير والأقرب للتنفيذ وهو التضحية بالعمالة الوافدة، سواء بالتقاعد أو «التفنيش»، ولاسيما أن الغالبية العظمى منهم بعقود مكآفات وليس على الدولة أي التزام مالي تجاههم، كما أن هذا الحل يتوافق مع سياسة «التكويت» وتغيير التركيبة السكانية في الكويت، وهو ما يعني ضرب عصفورين بحجر واحد.
تشير الإحصاءات إلى أن عدد الموظفين في القطاع الحكومي حسب الإدارة المركزية للإحصاء، وفقا للحالة في 30/ 6/ 2016، نحو 377715 مشتغلا، منهم 277935 كويتيا، بنسبة 73.6 في المئة و99780 غير كويتي بنسبة 26.4 في المئة، ويبقى السؤال: هل يمكن التضحية بالعمالة الوافدة بالكامل في الجهات الحكومية، والتي تقارب نسبتها ما يمكن الاستغناء عنه في ظل تطبيق الحكومة الإلكترونية، أم تظل للضرورة استثناءات؟

لا طاقات مهدرة

بعد اعتمادها نظام الحكومة الإلكترونية بشكل واسع في معاملاتها، أثيرت تساؤلات عن مصير بعض موظفيها الذين حل محلهم «الحاسوب» في إنهاء المعاملات، والذين بلغ عددهم وفقا للإدارة المركزية للإحصاء 1378 مشتغلا، منهم 1197 كويتيا، و181 غير كويتي.

وأكد المدير العام للهيئة العامة للمعلومات المدنية، مساعد العسعوسي، في تصريح لـ «الجريدة»، أنه لن يتم الاستغناء عن أي موظف بالهيئة، بعد تحويل بعض المعاملات إلكترونيا، مشيرا إلى أن الهيئة لا توجد بها طاقات مهدرة، ولا يوجد موظفون من دون مهمات حقيقية، بل على العكس تعاني الهيئة نقصا في الموظفين بسبب افتتاح مراكز خدمة جديدة تحتاج إلى موظفين لتغطية الأعمال المتشعبة المنوطة بها.

وبين أن الهيئة تولى اهتماما كبيرا بمسألة التطوير واستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة في إنجاز المعاملات، للتسهيل على المواطنين، وإضفاء مزيد من الدقة والشفافية على العمل، مؤكدا السعى الدائم نحو تقديم الخدمات بصورة أيسر وأفضل، واستغلال الوسائل التكنولوجية في رفع كفاءة منظومة العمل.

وأوضح أن العمل الإلكتروني حول مهمة الموظف من الإدخال والمسح إلى المراجعة والتدقيق والتأكد من صحة البيانات، ما مكن من استغلال الطاقات بصورة أفضل، وعاد بالنفع على الهيئة والمواطن في آن واحد.

وذكر أن موظفي الهيئة غير المؤهلين للتعامل مع التكنولوجيا الحديثة يتم تأهيلهم ورفع كفاءتهم لمواكبة طبيعة الأعمال الموكلة إليهم، وهو ما قوبل بترحيب من الموظفين الذين أبدوا الاستعداد الكامل للتكيف مع الأوضاع الجديدة، ما جعل من الهيئة مثالا يحتذى لمؤسسات الدولة في التحديث والتطوير، حسب وصفه.

ميكنة المعاملات

بينما في بلدية الكويت وصل عدد المشتغلين، وفقا للإدارة المركزية للإحصاء، إلى 6896 مشتغلا منهم 5885 كويتيا و1011 غير كويتي، وبرغم التوسع في العمل الإلكتروني داخلها فإنه لم يتم الاستغناء عن أي موظف حتى الآن، أما في حال التطبيق الكامل للحكومة الإلكترونية، فإن حوالي 1700 موظف سيكون مصيرهم مهددا.

من جانبه، أوضح مدير إدارة مركز نظم المعلومات بالبلدية، طارق المديني، أن بلدية الكويت قامت بالعمل على تطبيق مفهوم الحكومة الإلكترونية من خلال إطلاق مشروع الأرشيف الإلكتروني، مبينا أن الميكنة في الفترة الحالية تتم للمعاملات المرتبطة بالمواطنين، والتي يصل عددها إلى حوالي 50 معاملة، تم ميكنة 25 منها بنسبة 50 في المئة، وجار العمل على ميكنة المعاملات المتبقية خلال الفترة المقبلة، وفق مشروع مدروس بعناية.

وأكد ضرورة رفع كفاءة الموظفين ليتمكنوا من تسيير الأعمال إلكترونيا، مشيرا إلى أنه يرى أن الطاقات الوظيفية التي توفرها الحكومة الإلكترونية يجب استغلالها في تطوير وتوسعة المؤسسة، بدلا من الاستغناء عن الموظفين وإحالتهم للتقاعد.

وذكر أن هدف بلدية الكويت هو التحول إلى بلدية إلكترونية من خلال ميكنة النظم المنظمة لإجراءات العمل، تحقيقا للحكومة الإلكترونية التي تقتضي تقديم كل الخدمات الحكومية عن طريق مواقع الإنترنت، لتبسيط الإجراءات والتسهيل على المواطنين، إضافة إلى توفير الوقت والجهد، ما يساهم في زيادة الإنتاجية ويحقق أقصى درجات الأمان، مؤكدا أن العمل الإلكتروني يحقق مبدأ الشفافية ويقضي على البيروقراطية والفساد داخل المؤسسات.

وأفاد بأنه تم البدء في تطبيق نظام المعاملات الإلكترونية في أوائل شهر فبراير 2017، مؤكدا أنه تم منح الأولوية للمحافظات وعلى رأسها محافظة مبارك الكبير، إضافة إلى ملفات إدارة التراخيص الهندسية، وكذلك المعاملات التي لها علاقة بالبناء. كما تم الربط مع وزارتي العدل والكهرباء، وجار التنسيق مع بقية الوزارات ذات الصلة.

التوظيف الإلكتروني

من جهته، كشف الأمين العام لبرنامج إعادة هيكلة القوى العاملة والجهاز التنفيذي للدولة، فوزي المجدلي، أن برنامج إعادة الهيكلة حصل على جائزة «champion awards» في القمة العالمية للمعلوماتية بجنيف 2016 عن موقعه لتطوير بوابة التوظيف الإلكتروني، حيث لم يتم الاستغناء عن الموظفين، بل زادهم مهارات وخبرات التعامل مع الجمهور عن بعد.

وأكد المجدلي أهمية الحكومة الإلكترونية من خلال ربط التعاملات بين الجهات نفسها وبين المؤسسات الأهلية بين مستفيدي الخدمة من مواطنين ووافدين، لافتا إلى أن هناك تجربة للبرنامج متقدمة، وقطعنا فيها شوطا كبيرا، وهي ميكنة خدمات البرنامج، والتي تسعى إلى تحقيق الحكومة الإلكترونية الشاملة.

وتابع المجدلي، أنه تم تسليم المؤسسات والشركات الأهلية اسم المستخدم والرقم السري الخاص به فيما يخص ميكنة صرف العلاوات الاجتماعية وعلاوة الأولاد العاملين بالجهات غير الحكومية، مما يتيح لهم الدخول على موقع البرنامج الرسمي والتقديم على الخدمة، التي يرغب فيها حال توافر شروط الصرف في حقه، وتم تقديم التوجيه والإرشاد والتدريب اللازم لهم على كيفية استخدام البرنامج.

وأشار إلى ميكنة صرف المكافأة المقررة للخريجين إلى حين التحاقهم بالعمل، وأعدادهم تقدر بالآلاف من أبنائنا وبناتنا الخريجين وتوفير الجهد من خلال مراجعتهم آلياً في منازلهم أو أي مكان يوجدون فيه من غير مراجعة وحضور للبرنامج.

تقاعد الوافدين

وعلى صعيد متصل، أكد السكرتير العام للاتحاد العام لعمال الكويت، فراج العرادة، أن من المستحيل «تفنيش» الكويتيين حال زيادة عدد الموظفين في مؤسسة ما عن حاجتها الفعلية عند اعتماد نظام العمل الإلكتروني، مؤكدا أنه في حالة وجود زيادة في عدد الموظفين يجب على المؤسسة أن تحيل الموظفين الوافدين إلى التقاعد وتبقي على الكويتيين مع توفيق أوضاعهم طبقا للنظام الجديد في المؤسسة أو نقلهم لجهات أخرى، حسب طبيعة العمل.

وأوضح أن نظام الحكومة الإلكترونية يحتاج إلى موظفين لديهم مهارة التعامل مع الحاسوب والشبكات الإلكترونية بشكل يضمن إتمام المعاملات بدقة وحرفية، مما يتطلب تطوير قدرات الموظفين ومهاراتهم وبما يتواكب مع التطورات الحاصلة في المؤسسة، ويقتضي ذلك من كل وزارة أو مؤسسة أن تقوم بتقييم قدرات موظفيها ورفعها عن طريق دورات التدريب وورش العمل، ليصبح الموظف قادرا على أداء مهامه بالشكل الصحيح.

وأكد أن مساحة العمل بنظام الحكومة الإلكترونية في القطاعين الحكومي والخاص في الكويت بحاجة للتوسيع والتطوير بشكل أكبر من المعمول به حالياً، بما يتوافق مع طبيعة عمل كل مؤسسة، لما يحققه ذلك من سرعة ودقة وتسهيل على المواطنين.

وأشار إلى أن إنجاز المعاملات إلكترونيا يساعد بشكل كبير في القضاء على المجاملات والمحسوبية، كما يوفر قدرا أكبر من الشفافية ويمثل أداة لمحاربة الفساد والمفسدين، ويحد من صلاحياتهم التي عادة ما تكون على حساب الوطن والمواطن.

وشدد على ضرورة الحفاظ على حقوق العمال والموظفين والعمل على توفيق أوضاعهم قدر المستطاع بدلا من الاستغناء عنهم وفق النظم الجديدة، التي تتبعها المؤسسة انطلاقاً من مبدأ الإنسانية ومراعاة الظروف الاجتماعية الخاصة بهم، ويجب أن يكون إنهاء خدمة من هم «عالة» على العمل من الوافدين بطريقة حضارية تتناسب مع مبادئ ومكانة الكويت الإقليمية والدولية.

وعن آلية تطبيق الحكومة الإلكترونية، أكدت الباحثة في تقنيات الحكومة الإلكترونية وعضو هيئة التدريس بكلية الهندسة وعلوم الحاسوب في جامعة الكويت، صفاء زمان، أن الحكومة الإلكترونية تتيح تقليل عدد الموظفين بنسبة تتراوح بين 20 و30 في المئة، مما يعود بالنفع على الميزانية العامة للمؤسسة وللدولة، مشيرة إلى أن بعض المؤسسات التي شرعت في تنفيذ المشروع تستغل الموظفين، الذين ليس لهم دور فعال في ظل الحكومة الإلكترونية في وظائف أخرى.

وقالت زمان، إنه «رغم امتلاكنا كل المقومات المؤهلة لبناء نظام متكامل يربط بين جميع الوزارات، فإننا تأخرنا كثيراً في هذا المضمار، وسبقتنا إليه معظم دول الخليج، خصوصاً دبي، التي تخطت مرحلة الحكومة الإلكترونية إلى الحكومة الذكية».

الهياكل التنظيمية

وأشارت إلى أن النظام الإلكتروني يستطيع إنهاء الكثير من المهمات التي يقوم بها العنصر البشري خلال العمل بالنظام التقليدي، ما يتيح للمؤسسة التخلي عن عدد من الوظائف الإشرافية والإدارية، إضافة إلى تغيير الهياكل التنظيمية داخل المؤسسة، وإعادة صياغة بعض الوظائف والمسميات لتتماشى مع النظام الجديد.

وبينت أن المشرفين على الحكومة الإلكترونية يجب أن يكونوا على قدر كبير من الكفاءة والخبرة التقنية ليتمكنوا من إنشاء شبكة قوية وحمايتها من الاختراق والتخريب، أما الموظفون الذين سيتعاملون مع النظام مباشرة فليست هناك حاجة ليكونوا محترفين في مجال البرمجة، ويكفي فقط خضوعهم لدورة تدريب بسيطة لفهم طبيعة العمل الإلكتروني، وتمكينهم من أداء مهمات الإدخال والتدقيق والتعديل بنجاح، وبطبيعة الحال، فإن الموظف غير القادر على التعامل مع التقنيات الحديثة ليس له مكان في مؤسسة تقوم على تقنية الحكومة الإلكترونية.

أمن المعلومات

وذكرت زمان أن حماية البيانات وأمنها من أهم المخاطر التي تهدد الإدارات الإلكترونية بصفة عامة والحكومة الإلكترونية بالأخص، حيث إن الاختراق أصبح الخطر الرئيس الذي يهدد الحكومة الإلكترونية، مشددة على ضرورة تأمين المعلومات والبيانات على الشبكة العنكبوتية، وإحاطتها بسياج تقني قوي يمنع اختراقها، إضافة إلى الاهتمام بجانب التوعية لدى الموظفين بضرورة الحفاظ على سرية المعلومات وكلمات المرور وغيرها من خصوصيات العمل، التي يؤدي وقوعها بيد المخربين إلى هدم النظام، كما تجب مراعاة تصميم النظام بطريقة بسيطة ودقيقة وتجنب استخدام برمجيات معقدة وصعبة، خصوصاً في ظل وجود موظفين مبتدئين، ما سيؤدي إلى فشل التجربة، إضافة إلى صعوبات أخرى مثل القرارات والتوصيات الفورية التي من شأنها إحداث عدم توازن في التطبيق، ما يتطلب توحيد البيانات على مستوى المؤسسة، بجانب الصعوبات التي تنتج عن مقاومة التغيير من قبل الموظفين والعملاء التي تحتاج إلى نشاط تسويقي يبرز إيجابيات المشروع ويفند ادعاءات وتخوفات البعض من تطبيقها.

«التخطيط»: تقليص القطاع العام وتكويت «الخاص»

قال الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، د. خالد مهدي، إن توجه الدولة العام في الكويت يهدف إلى تقليص هيمنة الدولة على الأنشطة الاقتصادية، وإفساح المجال للقطاع الخاص لقيادة التنمية وفقا لرؤية سمو أمير البلاد بجعل الكويت مركزاً مالياً وتجارياً عالمياً، في ظل بيئة جاذبة للاستثمار، على أن يكون للدولة دور تنظيمي ومراقب، ويتولى القطاع الخاص الدور القيادي في تشغيل العجلة الاقتصادية في البلاد.

وكشف مهدي أن تطبيق الحكومة الإلكترونية في الكويت يقتضي تقليص القطاع العام، وتكويت القطاع الخاص، وجعل القطاع الحكومي أكثر فاعلية.

الكحكي: نحتاج إلى جيل جديد... والخطأ 0%

رأى يوسف الكحكي (مهندس برمجيات)، أن ما يطرأ على الهيكل الوظيفي عند اعتماد نظام الحكومة الإلكترونية هو بنسبة كبيرة تغيير كيفي وليس كميا، حيث يتم استبدال الموظفين محدودي القدرات الذين ليست لهم أهمية في النظام الجديد بمتخصصين كالمبرمجين والمطورين والمصممين والمختبرين وداعمي البرامج، ما يعني استحداث وظائف جديدة بدلا من الوظائف التقليدية.

وأشار الكحكي إلى أن المؤسسة تكون بين خيارين، إما الاستغناء عن جزء من الموظفين القدامى والتعاقد مع تقنيين محترفين، أو تطوير قدرات موظفيها ليتمكنوا من أداء المهام التي تتطلبها الحكومة الإلكترونية.

وأكد أنها تقنية رائعة تصل بنسبة الخطأ في المعاملات إلى 0%.

لن يتم الاستغناء عن أي موظف... نحن نعاني نقصاً «المعلومات المدنية»

العمل الإلكتروني يحقق مبدأ الشفافية ويقضي على البيروقراطية والفساد «البلدية»

التوظيف الإلكتروني لا يستغني عن الموظفين «إعادة الهيكلة»

مستحيل «تفنيش» الكويتيين... والوافدون إلى التقاعد «اتحاد العمال»
back to top