سارع المجتمع الدولي، وفي مقدمته الدول العربية والخليجية، إلى تأييد ودعم الولايات المتحدة في تدمير القاعدة العسكرية، التي استخدمها نظام الرئيس السوري بشار الأسد في تنفيذ ثاني أكبر مجازره بالأسلحة الكيماوية.

وأعلنت دول خليجية بينها السعودية أمس، تأييدها استهداف الجيش الأميركي لقاعدة الشعيرات العسكرية في محافظة حمص وسط سورية، منوهة بالقرار الشجاع للرئيس دونالد ترامب في القصاص لمقتل وإصابة مئات المدنيين في مجزرة خان شيخون بريف محافظة إدلب الخارجة عن سيطرة الأسد بكاملها.

Ad

ووفق مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية، فإن «المملكة أعلنت تأييدها الكامل للعمليات العسكرية الأميركية على أهداف عسكرية في سورية، رداً على استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية ضد المدنيين الأبرياء».

وحمّل المصدر، «النظام السوري مسؤولية تعرض سورية لهذه العمليات العسكرية»، منوهاً بالقرار «الشجاع لفخامة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يمثل رداً على جرائم هذا النظام تجاه شعبه في ظل تقاعس المجتمع الدولي عن إيقافه عند حده».

بدورها، أعلنت الإمارات «تأييدها الكامل للعمليات العسكرية الأميركية على أهداف عسكرية في سورية»، معتبرة أنها تأتي رداً على الجرائم البشعة التي يرتكبها هذا النظام منذ سنوات.

وفي بيان رسمي، حمّل وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور بن محمد قرقاش «النظام السوري مسؤولية ما آل اليه الوضع السوري»، منوهاً بالقرار «الشجاع والحكيم الذي يؤكد حكمة فخامة الرئيس الأميركي دونالد ترامب».

حقن الدماء

ورأت البحرين، أن الضربة كانت «ضرورية لحقن دماء الشعب السوري ومنع انتشار او استخدام أي اسلحة محظورة ضد المدنيين». وقالت وزارة خارجية المملكة الخليجية في بيان، إن كلمة ترامب التي أعلن فيها عن الضربة تعكس «العزم والرغبة في القضاء على الإرهاب بكل أشكاله».

من جانبه، اعتبر المتحدث باسم الحكومة الأردنية محمد المومني، أن الضربة «رد فعل ضروري ومناسب»، مشدداً على أن الهجوم الكيماوي «فعل لا إنساني وشنيع الأمر الذي أثار ردود فعل دولية واسعة النطاق كان آخرها الضربة الصاروخية الأميركية».

تطورات خطيرة

وقالت وزراة الخارجية المصرية، في بيان، إنها «تتابع بقلق بالغ تداعيات أزمة خان شيخون التي راح ضحيتها عشرات المدنيين السوريين الأبرياء بتأثير الغازات السامة المحرمة دوليًا، وما ترتب على ذلك من تطورات خطيرة».

وأكدت «أهمية تجنيب سورية ومنطقة الشرق الأوسط مخاطر تصعيد الأزمة، حفاظاً على سلامة شعوبها، وضرورة سرعة العمل على إنهاء الصراع العسكري في سورية، حفاظاً على أرواح الشعب السوري، من خلال التزام جميع الأطراف بالوقف الفوري لإطلاق النار، والعودة إلى مائدة المفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة».

ودعا البيان»الولايات المتحدة وروسيا إلى التحرك الفعال على أساس مقررات الشرعية الدولية، وما تتحلى به الدولتان من قدرات، لاحتواء أوجه الصراع والتوصل إلى حل شامل ونهائي للأزمة السورية».

أسلحة الدمار

وفي لبنان، أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون «لبنان الذي وقّع على كلّ الإتفاقات والمعاهدات الدولية، التي تحرّم استعمال أسلحة الدمار الشامل، يدين ويستنكر استعمال هذه الأسلحة من أي جهة أتى، ويدعو في المقابل المجتمع الدولي إلى إلزام اسرائيل والدّول التي لم توقّع هذه المعاهدات، ضرورة التقيّد بمضمونها ومفاعيلها وإخضاع منشآتها النوويّة لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية».

وأشار عون إلى أنه: «كلّما حصلت تطورات عسكرية في سورية، يشهد لبنان تدفّق المزيد من النازحين السوريين إلى أراضيه، ما يزيد حجم الأعباء التي تقع على عاتق الدولة اللبنانية للاهتمام بهم وتأمين رعايتهم».

غير كافية

ورحب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بتدمير مطار الشعيرات لكنه اعتبر أن الضربات الأميركية غير كافية وطالب باجراءات أخرى ومزيد من العمليات.

وخلال تجمع في أنطاكية القريبة من الحدود مع سورية، قال إردوغان: «أريد أن أقول إنني أرحب بهذه الخطوة الإيجابية»، وأضاف «لكن هل هي كافية؟ لا أعتقد أنها كذلك، الوقت حان لاتخاذ خطوات جدية من أجل حماية الشعب السوري المضطهد».

وأضاف:»لا يحق لأحد ان يشعر بالهدوء والأمن في عالم يذبح في الأطفال بوحشية وعلى الجميع أن يراجعوا مواقفهم بعد هجوم إدلب الثلاثاء الماضي».

دعم ورسالة

من جهته، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعم بلاده الكامل للضربة، معتبرا أنها رسالة قوية يجب أن تسمعها إيران وكوريا الشمالية أيضاً.

وقال نتنياهو، في بيان صادر عن مكتبه، إن «إسرائيل تدعم بشكل كامل قرار الرئيس ترامب، وتأمل بأن تكون هذه الرسالة القوية في مواجهة تصرفات بشار الأسد المشينة مسموعة ليس فقط في سورية، بل أيضاً في طهران وبيونغ يانغ وغيرهما».

وتابع البيان إن «الرئيس ترامب وجه بالقول والفعل رسالة قوية وواضح: لن نقبل باستخدام الأسلحة الكيماوية ونشرها».

حلف الأطلسي

وإذ أبدت إيطاليا تأييدها وقالت إنها رد مناسب يردع الأسد عن استخدام الأسلحة الكيماوية وأكدت الدعم الكامل للعملية، حمل الأمين العام لحلف شمال الأطلسي يانس ستولتنبرغ السلطات السورية المسؤولية الكاملة عن الهجوم الأميركي.

ووفقا لبيان مشترك، حملت المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، الأسد، كامل المسؤولية عن التطورات الأخيرة في بلاده، وطلبا بفرض عقوبات.

وكشف وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون عن إطلاعه على قرار الولايات المتحدة قبل تنفيذ الغارات ضد قاعدة جوية تابعة للنظام السوري.

وذكر أن الحكومة البريطانية أجرت في الأيام الماضية «مباحثات معمقة» مع الإدارة الأميركية لبحث الرد المناسب على استخدام النظام السوري أسلحة كيماوية ضد المدنيين، مشيراً إلى أن رئيسة الوزراء تيريزا ماي التي كانت في زيارة للأردن والسعودية كانت على اطلاع مستمر على المباحثات مع الادارة الأميركية.

مجلس الأمن يناقش الضربة الأميركية

اجتمع مجلس الأمن الدولي، أمس، لمناقشة الضربة الأميركية في سورية بعد هجوم كيماوي أدى إلى مقتل أكثر من 80 شخصاً، واتهم النظام السوري بتنفيذه.

وقبل الاجتماع، دعا الأمين العام أنطونيو غوتيريس إلى ضبط النفس، وأكد أن الحل السياسي هو الوحيد لإنهاء النزاع الدامي في سورية.

وعقد الاجتماع بطلب من بوليفيا، التي اعتبرت إطلاق الأميركيين حوالي 60 صاروخاً على قاعدة جوية في سورية يشكل انتهاكاً للقوانين الدولية.

ووصفت روسيا الضربة الأميركية بأنها «عدوان على بلد ذي سيادة»، وحذر ممثلها في الأمم المتحدة فلاديمير سافرونكوف الولايات المتحدة من «تبعات سلبية» في حال التدخل العسكري.

ورعت الأمم المتحدة مفاوضات صعبة بين الأطراف السورية في جنيف لم تثمر حتى الآن.

وأعلن عن اجتماع طارئ للمجموعة الدولية لدعم سورية في جنيف أمس، بطلب من موسكو.

واجتمع مجلس الأمن الدولي، أمس الأول، بشأن الهجوم الكيماوي الذي نفى النظام السوري تنفيذه دون أن يتوصل إلى إدانته وبدء عملية تحقيق. وذكرت وزارة الصحة التركية أن التحليل الأولي أفاد بأن الضحايا تعرضوا لغاز السارين، وتتولى الولايات المتحدة الرئاسة الدورية للمجلس الذي يضم 15 عضواً.

هل تتغير قواعد اللعبة؟

مثّلت الضربات الأميركية على سورية تصعيداً حاداً في الأزمة السورية، لكن العالم العربي لا يعتبرها تغيراً في قواعد اللعبة.

وأبدى محللون سياسيون عرب تشككاً في أنها ستحدث تغيراً كبيراً في اتجاه الصراع في سورية أو في الجهود الرامية لإيجاد حل سياسي له.

وقال عبدالعزيز الصقر، وهو أكاديمي سعودي ورئيس مركز الخليج للأبحاث: «هذا النوع من الضربات لن يسقط النظام السوري. لكنها تظهر توجهاً جديداً من الإدارة الأميركية في المنطقة، وهو أنها ستأخذ بزمام المبادرة بمفردها إذا لزم الأمر».

وشكك مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة في أن تقوض الهجمات الجهود السياسية، وقال: «لا أعتبر هذا تغيراً في سياسة الولايات المتحدة تجاه سورية، لكنها ضربة محدودة ربما استهدف بها ترامب تعزيز موقفه داخل الولايات المتحدة».

شخصيات أميركية دعمت تدخل ترامب في سورية

عبّر العديد من المسؤولين الأميركيين والشخصيات السياسية عن مواقف داعمة لتحرك ترامب في سورية، فيما عبر بعضهم عن مواقف متحفظة، وفيما يلي أبرز هذه المواقف

• بول راين، رئيس مجلس النواب الجمهوري: التحرك في سورية مناسب وصحيح. هذه الضربات التكتيكية تظهر لنظام الأسد انه لم يعد بإمكانه الاعتماد على الشلل الأميركي عندما يرتكب فظائع ضد الشعب السوري.

• جون ماكين، السناتور الجمهوري النافذ: أرحب بهذه المرحلة الأولى التي تتمتع بالمصداقية، وخلافا للادارات السابقة، واجه ترامب لحظة أساسية في سورية وقام بالتحرك.

• تشاك شومر، زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ: تدفيع الأسد ثمنا عندما يرتكب مثل هذه الفظائع أمر جيد، لكن إدارة ترامب يجب أن تتبنى استراتيجية وتشاور الكونغرس قبل تطبيقها.

• هيلاري كلينتون، المرشحة الرئاسية السابقة ووزيرة الخارجية الأميركية السابقة: لدى الأسد سلاح جو تسبب في وفاة العديد من المدنيين. إننا في حاجة إلى تدميره لمنع احتمال قصف الأبرياء ورمي قنابل السارين عليهم مرة أخرى، ويجب إخراج المطارات من العمل.