رفضت اللجنة المالية والاقتصادية البرلمانية قرار الحكومة بزيادة أسعار البنزين وزيادة تعرفة الكهرباء والماء.

ورأت اللجنة، في تقريرها إلى مجلس الأمة، أن "إصلاح الاختلالات الهيكلية أمر مستحق، ولا خلاف عليه، بل ان الحكومة تأخرت كثيرا في الاصلاح الاقتصادي، وكان من الأجدر أن تبدأ بتلك الإصلاحات في فترة الرخاء عندما كانت الموازنة العامة تحقق وفورات وفوائض مالية تمكنها من تحمل كلفة هذه الإصلاحات، دون أن يشعر بها المواطن البسيط، ولكنها لم تستشعر هذا الخلل إلا عندما دق ناقوس الخطر، وبدأت الموازنة العامة تعاني شح الإيرادات، ولاحت في الأفق العجوزات المالية. عندها فقط قررت الحكومة ان تبدأ باتخاذ اجراءات وقدمت وثيقة الاصلاح الاقتصادي التي تتضمن 6 محاور رئيسية".

Ad

وتابعت: "على الرغم من أن الوثيقة تضمنت العديد من السياسات والإجراءات الرامية الى تحقيق التوازن في هيكل الاقتصاد، فإن الحكومة اختارت الحل الاسهل، وهو المواطن البسيط، من خلال تخفيض فاتورة الدعم، بدلا من ان تبدأ بمكامن الهدر والانفاق غير المبرر في الجهات الحكومية والمناقصات العامة".

وأكدت عدم جواز زيادة الرسوم والتكاليف المالية المقررة على السلع والخدمات والمنتجات المدعومة التي تقدمها الدولة للمواطنين، إلا بقانون صادر عن مجلس الأمة، وتثبيت أسعار البنزين على ما كانت عليه قبل تاريخ 1 سبتمبر 2016، وإلغاء القانون رقم 20 لسنة 2016 بشأن تحديد تعرفة وحدتي الكهرباء والماء.

واستندت اللجنة إلى متانة الأوضاع الاقتصادية في الكويت، وهو ما أكدته وكالات التصنيف الائتماني الدولي في تصنيفها الأخير، حيث ابقت وكالة موديز على تصنيف الكويت (AA) كما هو دون تغيير.

كما استندت إلى أن زيادة تعرفة وحدتي الكهرباء والماء على قطاعات دون الأخرى هي معالجة اقتصادية غير صحيحة، فالزيادة على القطاع التجاري والصناعي والاستثماري سينعكس بشكل غير مباشر على المواطن عن طريق ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وأن اقرار الزيادات بقانون سواء على السلع والخدمات المدعومة أو الرسوم سيلزم الحكومة بتقديم دراسة شاملة لمثل هذه الزيادات والآثار المترتبة عليها، وبالتالي ستتضح رؤية المشرع في مدى استحقاق هذه الزيادة.

بينما لم تتخذ الحكومة أي اجراءات لمراجعة أسعار البنزين، كما سبق أن أعلنت، كما انها لم تقدم الدعم الذي وعدت به للشرائح المتضررة (الدخل المحدود).

وقالت: "كان من الأوجب ان تبدأ الحكومة بتطبيق برامج الاصلاح الاخرى، سواء الواردة في وثيقة الاصلاح الاقتصادي او التي عرضها البنك المركزي قبل أن تبدأ بإلغاء الدعوم، فهناك العديد من الإصلاحات المستحقة التي يمكن أن تخفض العجز في الموازنة العامة بشكل مؤثر كوقف الهدر في مؤسسات الدولة، وإعادة النظر في مكافآت ومزايا القياديين، وتحصيل الأموال المستحقة للدولة لدى الغير، وزيادة رسوم الانتفاع بأراضي وأملاك الدولة، وإلغاء ودمج أجهزة الدولة ذات الاختصاصات المتشابهة وغيرها.

وأكدت اللجنة غياب الدور الحكومي في العمل على زيادة مشاركة القطاع الخاص بتطوير البنية التحتية لتحسين بيئة الأعمال وتعزيز التنافسية لإصلاح سوق العمل.

ولفتت إلى أن الحكومة لم تراع الأثر الاقتصادي لزيادة الرسوم على دخل الفرد، وعلى أسعار السلع والمنتجات والخدمات، وكيفية الحد من الآثار السلبية على الاقتصاد والمستهلك التي قد تترتب على هذه الزيادات، وارتفاع معدل التضخم في الكويت والذي يشكل تهديدا للمستهلك الكويتي دون وضع خطة لكيفية مواجهة هذا التضخم.

وقالت اللجنة إن الاختلالات الهيكلية القائمة في الاقتصاد الكويتي تفرض ضرورة المضي قدما في تنفيذ برنامج شامل للاصلاح المالي والاقتصادي، ولا خلاف على أن ذلك مسؤولية مشتركة تشارك فيها مختلف الأطراف (الحكومة والمجتمع)، إلا أن ذلك يستوجب البدء في تنويع مصادر الدخل وعلاج مكامن الخلل في اجهزة الدولة ومؤسساتها.

خطط الإصلاح

من جهتها، أوضحت وزارة المالية أن التخلي عن تعديل هيكل أسعار البنزين أو إلغاء القانون رقم 20 لسنة 2016 المتضمن نظام الشرائح في تحديد تعرفتي وحدة الكهرباء والماء من شأنه أن يخل بمدى جدية خطط الاصلاح التي اعتمدتها الحكومة في العام الماضي، والتي أدت الى المحافظة على التصنيف الائتماني السيادي لدولة الكويت.

الترشيد... لا الجباية

أفادت وزارة الكهرباء والماء بأن انخفاض تعرفة وحدتي الكهرباء والماء كان السبب الرئيسي في غياب مفهوم الوعي الاقتصادي لدى المستهلكين، حيث شجع المستهلكين على الاسراف وعدم بذل السبل للحد من الهدر والاقتصاد في الاستخدام.

وبينت ان الكويت أصبحت الاولى عالميا في استهلاك هاتين الخدمتين، حيث بلغت نسبة الهدر في استهلاكهما 30 في المئة، مع ارتفاع تكاليف الانتاج لتصل تقريبا الى 2800 مليون دينار لعام 2016، ومن المتوقع ارتفاعها الى 10 مليارات بحلول عام 2040.

وأضافت الوزارة أن الهدر في استهلاك الكهرباء يعد هدراً في الموارد والثروات الطبيعية وثروة البلاد، مؤكدة أن زيادة الكهرباء والماء لا تشمل القطاع السكني الذي يستهلك 40 في المئة من انتاج الخدمتين، كما سيتم تطبيق الزيادة تدريجيا لتخفيف الآثار السلبية المحتملة.

وأكدت أن هدف زيادة تعرفة وحدتي الكهرباء والماء هو ترشيد الاستهلاك، لا جباية الاموال، إلى جانب زيادة الوعي بأهمية الحفاظ على الثروات الطبيعية من اجل توفير الحياة الكريمة للأجيال المقبلة.

بدورها، شددت وزارة النفط على ضرورة إعادة توزيع الدعوم بربط الدعم بالأهلية والاستحقاق وتعزيز مبدأ العدالة، عبر توجيه الدعم لمستحقيه، وتشجيع الترشيد والحد من الهدر وسوء الاستخدام، والتدرج في تطبيق آلية التسعير الجديدة، ورفع اسعار الغازولين بالتدرج، وإضافة هامش ربحي يبلغ 15 في المئة على منتج ألترا.