«كابتن غزالي»... شاعر المقاومة يودِّع «أرض الأمجاد»

حلمي النمنم: أشعاره ساهمت في إنقاذ مصر

نشر في 10-04-2017
آخر تحديث 10-04-2017 | 00:04
محمد غزالي
محمد غزالي
رحل منذ أيام شاعر المقاومة الشعبية في مصر، محمد أحمد غزالي، المشهور بـ«الكابتن غزالي» عن عمر ناهز 88 عاماً، ملبياً نداء ربه من داخل منزله في محافظة السويس، بعد صراع طويل مع المرض، وبعد أيام من رحيل رفيقة عمره.
ناضل محمد أحمد غزالي بالقصيدة الشعرية المصرية، في مدن القناة خصوصاً في مدينة السويس، ضد العدو الإسرائيلي الذي استطاعت مصر أن تتخلّص منه وتحرّر أرضها، بالانتصار العسكري عليه في حرب أكتوبر 1973.

«كابتن غزالي» الذي ولد في مدينة السويس في 10 نوفمبر 1928 اشتهر بلقبه هذا ﻷن الشعر لم يكن وحده محور حياته، بل كان شاعراً ورياضياً، إذ استمر يمارس رياضة المصارعة خلال سنوات شبابه، وعمل مدرباً للعبة «الجمباز»، معتبراً أن بناء العقل السليم للإنسان المعاصر بحاجة إلى جسم سليم.

«الكابتن غزالي» أحد رموز القصيدة العامية المصرية، إلى جانب كل من أحمد فؤاد نجم وفؤاد حداد وصلاح جاهين، إلا أنه مارس العمل النضالي على الأرض، سواء من خلال فعل المقاومة المسلحة ضد الأعداء، أو من خلال نشر الأغنية المقاومة التي تبث روح الحماسة في صفوف الجماهير، فهو أسس فرقة «ولاد الأرض» عقب نكسة عام 1967، لبثّ روح الحماسة الوطنية في نفوس أبطال المقاومة الشعبية وقوات الجيش المصري وطلاب الجامعات، ذلك خلال حرب الاستنزاف وانتصارات أكتوبر، مقدماً أعماله للجنود في الجبهة ليساعدهم على تحقيق النصر.

كان غزالي يجوب مدن القناة السويس، بصحبة فرقته خلال حرب الاستنزاف بين مصر وإسرائيل، وهي الفترة التي أعقبت الهزيمة وسبقت النصر، وكان له دور لا يستهان به في تحفيز الجنود والأهالي والجماهير الشعبية في هذه المدن، ذلك من خلال أغانيه التي كانت تشدو بها فرقته على آلة السمسمية.

من أشعاره التي أصبحت «أيقونة» المقاومة الشعبية والانتصار على العدو:

«ولاد مصر العظيمة

تارنا هانخدُه بحرب

للنصر غناوينا

شباب ثوار

ما نسيبش التار

إحنا ولاد الأرض».

ومن أهم كلماته أيضاً التي ألهبت حماسة الجنود وأبطال المقاومة:

غنّي يا سمسمية لرصاص البندقية

ولكل إيد قوية حاضنة زنودها المدافع

غني لكل دارس في الجامعة والمدارس

لمجد بلاده حارس، من غدر الصهيونية

غنّي لكل عامل، في الريف وفي المعامل».

جاءت فكرة الفرقة بعدما استقر غزالي في مدينة السويس بعد النكسة، ولم يغادرها ضمن التهجير الجماعي للمدينة، ولإحساسه بدوره الوطني تجاه بلده فساعد في جمع الجنود المشتتين، وساعد الجرحى، وأوصل الذخائر إلى الجنود وتطوع في المقاومة الشعبية للدفاع عن مدينة السويس.

من أشعاره التي ما زالت تتردد على ألسنة المصريين:

فات الكتير يا بلدنا

مبقاش إلا القليل

أنت بترمي بإيديك قنابل

وإحنا إيدينا تزرع سنابل

ياللي قلوبكوا البوم ساكنها

وإحنا في قلوبنا ساكنة البلابل

وإن كان على الأرض هنحميها

وإن كان على بيوتنا هنبنيها

وعضم إخواتنا نلمه نلمه

نسنه نسنه نعمل منه مدافع وندافع

وندافع ونجيب النصر هدية لمصر

فات الكتير يا بلدنا مبقاش إلا القليل

وزير الثقافة المصري الكاتب حلمي النمنم نعى شاعر المقاومة الكبير محمد أحمد غزالي، مؤكداً أنه كان واحداً ممن ألهبوا روح المقاومة لدى شعب السويس ومدن القناة إبان هزيمة يونيو 1967 بفرقته «ولاد الأرض» التي أسسها بسبب رفضه احتلال الأرض المصرية من الأعداء، داعياً الله أن يغفر له ويلهم أسرته الصبر والسلوان.

في السياق نفسه، نعت الهيئة العامة لقصور الثقافة شاعر مصر الكبير، ووصفته في بيان بأنه «الشاعر المجاهد» وأحد رموز العامية المصرية، الذي قاوم الاحتلال بالشعر والغناء وكان قائداً للمقاومة في مدن القناة بالغناء على السمسمية، ما كان له أثر إيجابي في رفع الروح المعنوية للجنود والمقاومة الشعبية منذ نكسة 1967 حتى انتصار أكتوبر 1973.

الناقد الأدبي عمر شهريار رأى أن غزالي لم يكن شاعراً عادياً، بل كان يكتب كلماته ويلحنها ويؤديها على أصوات الرصاص، فلم يكن صاحب صومعة أو برج عاجي كمعظم الشعراء والمثقفين، بقدر ما كان معجوناً بلهيب المعركة، وأزيز الطائرات.

قال شهريار: «كان غزالي شاعراً جندياً إذا جاز التعبير، فرضت عليه الظروف أن يكون في قلب المعركة، ليحارب بالكلمة وينشد بالبندقية، فالاثنان اختلطا لديه، وكان كل منهما يؤدي دور الآخر»، مشدداً على أن صوت الرصاص كان كالنغمات التي تلهم الشاعر الراحل بأغانيه، وصوت الأغاني كان يحمس الجنود على القتال.

back to top