تصريحات الصدر... من يقصد بها؟

نشر في 10-04-2017
آخر تحديث 10-04-2017 | 00:22
 صالح القلاب المفترض أن يقرأ النظام السوري ومعه الإيرانيون والروس، وأيضاً الأميركيون والدول الغربية المؤثرة كلها، والمعارضة السورية بكل فصائلها، والعرب والعجم، وكل من يعنيه هذا الأمر، تصريحات الزعيم العراقي الشيعي مقتدى الصدر، الذي برز كقائد وطني مؤثر وفاعل وفعال على مدى الفترة منذ عام 2003 حتى الآن، وكعروبي يخشى على بلاد الرافدين العربية من الفتنة المذهبية المتصاعدة، ومن التدخلات الخارجية الإقليمية منها والدولية.

طالب مقتدى الصدر، الذي كان والده وعمته قد دفعا حياتهما ثمناً لقول كلمة الحق ومقاومة السلطة الجائرة، في هذه التصريحات التي يحتاج قولها إلى شجاعة غير متوفرة لدى غيره من الذين يعتبرون أنفسهم قادة من خارج إطار المعارضة، إن في بغداد وإن في دمشق، الرئيس السوري بشار الأسد بالتنحي لتجنيب بلاده الويلات، محذراً واشنطن من فيتنام جديدة في سورية بسبب ضرباتها لمطار الشعيرات وقرى في ريف حمص!

وقال هذا الزعيم الشيعي، الذي تكرست قيادته في السنوات الماضية منذ عام 2003، "وحسب ظني فإن هذه السياسات ستجر المنطقة إلى صراعات لاسيما بوجود رايات أخرى تدعي إنقاذ هذا البلد الجريح الذي أصبح ميداناً لصراعات سياسية مقيتة".

والأهم في هذا البيان، الذي أصدره الصدر أمس الأول، أنه قال: "أدعو الجميع للانسحاب العسكري من سورية، وتسليم زمام الأمور للشعب الذي هو صاحب الحق الوحيد في تقرير مصيره... وإلا فسيكون هذا البلد عبارة عن ركام، وسيكون المنتفع الوحيد هو الاحتلال والإرهاب"، والسؤال هنا: لمن يا ترى يوجه مقتدى الصدر هذا الكلام، الذي يحتاج إلى جرأة غير متوفرة عند غيره من القيادات الدينية والسياسية في بلاد الرافدين؟! إنه برأيي موجه بالدرجة الأولى لإيران، التي لم يعد تدخلها السافر في الشؤون العراقية لا مقبولاً ولا محتملاً، وخاصة من الشيعة العرب الذين باتوا يشعرون بأن هذا التدخل أصبح بمنزلة احتلال غاشم من غير الممكن احتماله أو السكوت عنه.

ثم إنه موجه للروس والأميركيين على حد سواء، ولكل المتدخلين عسكرياً في هذا البلد العربي، الذي تحول إلى مزقٍ من "الكانتونات" المسلحة المتحاربة، والدليل أن السيد مقتدى الصدر لم يستثن أحداً من دعوته للانسحاب من سورية، وأنه بالتأكيد يقصد إيران بالدرجة الأولى، ويقصد أيضاً روسيا والولايات المتحدة وتركيا ومتدخلين آخرين عرباً وأوروبيين ومن كل الملل والنحل!

والمؤكد أن أياً من الذين خاطبهم السيد مقتدى الصدر في هذا البيان، الذي يستحق الإشادة والتقدير، لن يستجيب لهذه المناشدة والمطالبة، فإيران إن لم تواجه بقوة فعلية رادعة، سواء في العراق أو في سورية، فإنها ستعمق احتلالها لهذين البلدين العربيين، وستتطلع إلى احتلال دول عربية أخرى، وأيضاً فإن المؤكد أن بشار الأسد لن يستقيل، ولن يتخلى عن موقعه إلا رغم أنفه، وأن روسيا، كما هو واضح، تسعى لوجود على شواطئ المتوسط إلى الأبد، وأن الأميركيين عادوا إلى الشرق الأوسط وبكل هذه القوة، وأنهم لن يتركوه... لأنهم يعتقدون، وهذا صحيح، أنه منطقة مصالح حيوية لهم حتى على المدى البعيد: أي منطقة على مدى هذا القرن كله!

back to top