رياح وأوتاد: صفقات يقابلها استجوابات
على الإخوة في المجلس تقديم الاستجوابات المدروسة التي تقوم على أسس سليمة من الدستور والمصلحة العامة دون عقد صفقات مبهمة، أما الحكومة فعليها عدم الخضوع لأي استجواب مخالف للدستور وعدم الموافقة على أي صفقة تخالف المصلحة العامة أو القانون الذي أعلنت تمسكها به.
يبدو أن الصفقات التي أشرت إليها في مقالي السابق (كثرت الصفقات في زمن الغانم) لم تكن خافية عن كثير من الرموز والفعاليات السياسية في البلاد، الذين تلقيت منهم اتصالات كثيرة مؤيدة منذ صباح يوم نشر المقال، كما يبدو أيضا أن بعض أعضاء مجلس الأمة لم ترق لهم الصفقات التي يقوم بها بعض الأطراف فيه، فأعلنوا استمرار تهديدهم باستجواب الوزراء، وأولهم رئيس مجلس الوزراء، ولكن الحقيقة أن كلا الطرفين في المجلس يعبر بمواقفه هذه عن الأزمة التي يمر بها المجلس الحالي والتي تمثلت بغياب الرؤية السليمة. فمثلا في موضوع سحب الجناسي كان على كل طرف أن يلجأ إلى القنوات الدستورية مثل التحقيق أو اللجان المختصة، وبالتالي إطلاع الشعب على شفافية ومدى صحة وقانونية سحب الجناسي، ثم اتخاذ أي إجراءات تصحيحية إذا لزم الأمر، وذلك بدلا من عقد الصفقات من طرف أو التهديد بالاستجواب من طرف آخر، الأمر الذي قسم الشعب الكويتي إلى راض أو ساخط، وصوّر من صدّق الحكومة السابقة من وزراء أو مواطنين بمظهر الكاذب أو المتحامل! وكل ذلك بسبب عدم الكشف عن المعلومة الصحيحة والموثقة من قبل الحكومة والأعضاء الحاليين.ولا شك أن موضوع سحب الجناسي لا يصلح لاستجواب رئيس الوزراء دستورياً لأن هناك وزيراً مختصاً وهو المساءل بهذا الموضوع إذا ثبت خطؤه أو انحرافه، وكذلك أسعار الكهرباء والماء الجديدة التي أقرت بقانون في مجلس الأمة السابق على القطاعين التجاري والاستثماري، وبالتالي لا يجوز أن تكون موضع استجواب لرئيس الوزراء، وبإمكان النواب تعديل أو إلغاء هذا القانون رغم أني أرى أنه قانون جيد طال انتظاره ولا داعي لإلغائه.
وبالإضافة إلى ذلك ينوي الطرف الثاني وضع تغيير مجلس إدارة الكويتية كمحور في استجواب لرئيس مجلس الوزراء في حين يرد الطرف الأول بأنه سيشكل لجنة تحقيق في هذا الموضوع، وذلك لسحب البساط وقطع الطريق أمام وضعه في الاستجواب، يعني كأنهم في اللعبة الشعبية "حاور زاور". ومع قناعتي أن ما جاء في استقالة السيدة رشا الرومي (وليس قرار الاستقالة ذاته) يصلح مادة مهمة للاستجواب، إلا أن الوزير المساءل هو الوزير المختص لا رئيس الوزراء.شخصيا أرى أن رئيس الوزراء يمثل حكومة دولة الكويت، ويجب أن يستمد قوته من هذا المنصب دون الحاجة إلى هذه الصفقات ولا الخضوع للتهديد بالاستجواب من أجل استمراره، وعليه وعلى وزرائه شرح القرارات المعنية وبيان صحتها وموافقتها للقانون أو سحبها بشجاعة إذا تبين عكس ذلك، مع إعلان القرار الحكومي على الملأ في كل حالة للقضاء على كل التناقضات والانقسامات الشعبية التي أحاطت بالبلاد منذ شهور.والخلاصة أن على الإخوة في المجلس تقديم الاستجوابات المدروسة التي تقوم على أسس سليمة من الدستور والمصلحة العامة دون عقد صفقات مبهمة، أما الحكومة فعليها عدم الخضوع لأي استجواب مخالف للدستور وعدم الموافقة على أي صفقة تخالف المصلحة العامة أو القانون الذي أعلنت تمسكها به، وأن تكون قراراتها معلنة شفافة.