لم تحقق اللجنة التشريعية البرلمانية هدف المصالحة وطي صفحة الخلافات السياسية في تقريرها بشأن قانون العفو العام، إذ كررت نفس الأخطاء الدستورية السابقة بتوجيه التشريع لخدمة فئة دون أخرى، وحصرت الاستفادة من «العفو العام» في أطراف من الحراك السياسي، ورمت بطوق النجاة إلى جميع أعضاء «قروب الفنطاس»، في حين استبعدت قضايا أخرى، لاسيما المرتبطة بحرية التعبير والرأي.وبحسب ما جاء في الصيغة النهائية من القانون، فإن الجرائم المشمولة فيه لا تشمل تلك الدعاوى التي حركتها الحكومة وفق قانون الوحدة الوطنية، أو قانوني «المطبوعات والنشر» و«المرئي والمسموع»، والإساءة للدول الشقيقة والصديقة، بل إن هذا القانون تجاهل جريمة سوء استخدام الهاتف، وهي إحدى أكثر التهم توجيهاً من الحكومة لمستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي من أصحاب الآراء السياسية.
«التشريعية البرلمانية» قصَرت الجرائم المشمولة في «العفو» التي مست أعضاء الحراك على قوانين الجزاء وأمن الدولة والتجمهر، وهو بمنزلة انتقائية وتفصيل لعفو خاص تحت عنوان عفو عام، في حين أن متطلبات تجاوز الخلافات في السنوات الأخيرة يفترض أن تشمل ما أمكن من الأفراد المدانين على خلفية قضايا سياسية، حتى تتحقق فلسفة العفو العام.عدوى الانتقائية انتقلت بشكل لافت من الجسد الحكومي في التنفيذ إلى الجسد النيابي في التشريع، وبلغت أخطر مراحلها حين تقاطعت مصلحة السلطتين في تشريع واحد، كما حدث في «حرمان المسيء» و«البصمة الوراثية».إذا أرادت اللجنة التشريعية تدارك الخطأ «غير المقصود» فإن خيارها الوحيد هو سحب تقريرها من المجلس وإعادة فتح باب مناقشة القانون بشكل أوسع من حصره في أعضاء اللجنة، خصوصاً مع من أدين على خلفية موقف أو رأي سياسي، ولا ينطبق عليه هذا القانون، أما إذا كان «العفو العام» مقصوداً فيه الانتقائية فإن هذا الأمر يحمّل أعضاء مجلس الأمة مسؤولية تصويب الخطأ حتى لا تتكرر الأخطاء التشريعية السابقة.