«الكذب يكون بالكلمات وكذلك بالصمت»... هذه المقولة قد تلخص الوضع القائم في القطاع النفطي، وكيفية تعاطيه مع المشاريع الحيوية خارج الكويت، ونعني بالمصافي الخارجية تحديداً مشروع مصفاة الصين، الذي قارب التفاوض بشأنه السنة العاشرة.

وفي الشهر الماضي قالت الصين، إن إجراءات مشروع مشترك مع دولة الكويت لبناء مصفاة ومنشآت بتروكيماوية بمدينة شينجيانغ جنوبي البلاد تتم على قدم وساق، وانه من المقرر أن يكتمل تشييده في عام 2020.

Ad

وأضافت صحيفة «تشاينا ديلي» الصينية الحكومية، ان «تكلفة المشروع الذي يشيد على جزيرة (دونغاي) التابعة لمدينة شينجيانغ، تقدر بنحو 1.5 مليار دولار، وتديره عن الجانب الكويتي مؤسسة البترول الكويتية، وعن الجانب الصيني شركة (سينوبيك) الصينية لتكرير النفط».

ومع ذلك مؤسسة البترول الكويتية ملتزمة الصمت، وآخر تصريح حول المشروع كان ان الخلاف متوقف على آلية تسعير المنتجات.

إن ما يزيد الشك أكثر هو غياب الشفافية في مشروع ضمن خطة التنمية، إذ إن رئيس شركة البترول العالمية الكويتية تعمد عدم التطرق إلى آخر مستجدات المشروع، والأغرب ان المسؤول في زيارة إلى الصين، ويصرح من هناك حول مصفاة فيتنام دون أن يشير إلى مصفاة الصين!

وفي زيارة سابقة لوفد رفيع المستوى من مؤسسة البترول الكويتية، يضم الرئيس التنفيذي نزار العدساني، عقب توليه مسؤولية القطاع النفطي، للوصول إلى حلول وسط، فإن المؤسسة، أو شركة البترول العالمية التابعة لها، لم تفصح عن أي نتائج لهذه الزيارة، علماً بأن القيادة السياسية في الكويت زارت الصين وكانت المصفاة أحد المواضيع التي تم دعمها.

وفي هذا الصدد، قالت مصادر نفطية إن «المشروع يشوبه الكثير من الغموض، وقد تتعمد القيادات النفطية عدم الحديث، لإخفاقها في مهامها، ففي السابق كانت أسباب عدم التوصل إلى اتفاق ان الجانب الصيني يرفض بناء مجمع للبتروكيماويات مرفق بالمصفاة، والكويت كانت متمسكة بهذا الأمر، لضمان اقتصادية المشروع, واليوم الجانب الصيني يصرح بأن المشروع مستمر مع الكويت ومرفق فيه مجمع للبتروكيماويات، إلا أنه تم تقليص المشروع لتصبح المرحلة الأولى ٢٠٠ ألف برميل، بالإضافة الى مجمع إيثيلين جلايكول ٨٠٠ ألف طن، على أن تتم توسعة المشروع في مرحلة لاحقة».

الجدير بالذكر أن الكويت ذهبت الى بناء مصفاة في عمان «الدقم» دون مجمع للبتروكيماويات.

أين الشريك الثالث؟

وأوضحت المصادر أن شركة «توتال» الفرنسية، وهي الشريك الثالث في المشروع، تدعم موقف الكويت في المفاوضات، وأن تكون المصفاة ذات جدوى اقتصادية، ولكن الآن بعد المضي في المشروع هل «توتال» موجودة؟ ومن الشريك لبناء مجمع البتروكيماويات؟ مشيرة إلى أنه من الخطأ الكبير المضي في مشروع الصين دون الشريك العالمي للمصفاة «توتال»، والمطلوب الشفافية في المشاريع الحيوية، التي غابت عن القطاع النفطي مؤخراً.

أما بالنسبة إلى قضية تسعير المنتجات من مشروع الصين، وان تكون بالسعر العالمي، فأشارت المصادر إلى أن لها حلولا كثيرة خاصة بعد انخفاض أسعار النفط، حيث كان عذر الصينيين ان هذا الأمر متعلق بقرار من الحكومة الفدرالية، ولا يمكن إعطاء الكويت معاملة تختلف عن الشركات الأخرى.

وقالت «من الحلول لهذا الموضوع إعطاء الكويت نحو 500 محطة بنزين، لكونها مربحة وتغطي خسائر المصفاة، وهذا ما اتبعته شركة ارامكو في تفاوضاتها مع الصين»، مضيفا أن «من الحلول الأخرى إعطاء الكويت رخصة لتصدير المنتجات البترولية بالسعر العالمي، وهي أيضاً تغطي خسائر المصفاة».

قواعد اللعبة

وأشارت المصادر إلى أن الطرف الصيني كان واضحا، حيث قال للكويت منذ البداية: «لا نحتاج الى أموال أو تكنولوجيا أو أيد عاملة، بل نحتاج إلى النفط فقط»، موضحة أن «المشاريع بين الدول لها قواعد، حيث يجب أن يحقق كلا الطرفين الاستفادة، وإذا أخذنا نموذجاً بين الصين والعراق، فالأخير منح تراخيص لتطوير حقوله لبعض الشركات الأجنبية، ومن ضمنها الصينية، وكانت النتيجة استفادة العراق بضمان تسويق نفوطه الى الصين».

وزادت: «إذا نظرنا إلى نموذج أخير بين الصين والسعودية، فالأخيرة أيضا أدخلت الصين في مشاريعها»، مبينة أن «الصين اليوم متعطشة، لأنها سوق مهم، لزيادة الطلب على النفط، فهل فهمت مؤسسة البترول الكويتية قواعد اللعبة؟».