مصر تعود إلى «حال الطوارئ» بعد «مجزرة أحد السعف» وحزن وغضب خلال تشييع قتلى «الكنيستين»
• الجيش يبدأ الانتشار ومقتل 7 أعضاء في خلية إرهابية بأسيوط... و«داعش» يقصف إسرائيل من سيناء
• 100 ألف جنيه تعويضاً لأسرة كل ضحية
• البرلمان يبدأ مناقشة «تيران وصنافير»
بعد «مجزرة أحد السعف» التي تبناها «داعش»، أقرت الحكومة المصرية، أمس، إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسي حال الطوارئ في البلاد 3 أشهر، فيما سادت مظاهر الحزن والغضب خلال تشييع الأهالي جثامين ضحايا الهجومين الإرهابيين.
غداة يوم حزين فقدت فيه مصر نحو 47 قتيلا، إثر تفجيرات في كنيستين بطنطا والإسكندرية، وافق مجلس الوزراء المصري، أمس، على إعلان حال الطوارئ في البلاد، والعمل به بداية من الساعة الواحدة من ظهر أمس. وأعلن مجلس الوزراء، في بيان أمس، أنه وافق على قرار الرئيس السيسي، وأضاف المجلس: "تتولى القوات المسلحة وهيئة الشرطة اتخاذ ما يلزم لمواجهة أخطار الإرهاب وتمويله، وحفظ الأمن بجميع أنحاء البلاد"، ويفترض وفقا للدستور المصري أن يعرض قرار إعلان حالة الطوارئ على البرلمان خلال سبعة أيام لإقراره، كما لا يجوز تمديده مدة ثلاثة أشهر أخرى إلا بموافقة البرلمان.وجاءت الموافقة بعد قرار الرئيس السيسي مساء أمس الأول إعلان حالة الطوارئ في البلاد مدة 3 أشهر، وإنشاء مجلس أعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف.
من جانب آخر، أفادت وزيرة التضامن الاجتماعي، غادة والي، بأن مجلس الوزراء وافق خلال اجتماعه، أمس، على معاملة ضحايا الحادثين الإرهابيين معاملة الشهداء، وصرف معاش استثنائي قدره 1500 جنيه، يضاف إلى المعاش التأميني، وصرف تعويض مالي قدرة 100 ألف جنيه لكل ضحية في الحادث، كما تم التوافق على إقرار مجموعة من التيسيرات للإسراع في صرف التعويضات، وتم توجيه لجان الإغاثة لتقديم كامل الدعم النفسي لأسر الضحايا.وشهدت مصر يوما دمويا أمس الأول، بالتزامن مع بدء مسيحيي مصر (نحو 10 في المئة من السكان)، احتفالات أسبوع الآلام، بصلاة أحد الشعانين، إذ وقع تفجير داخل كنيسة مارجرجس بمدينة طنطا في محافظة الغربية (وسط الدلتا)، أسفر عن سقوط 30 قتيلا وإصابة 78 آخرين، أعقبه انفجار في مدخل كنيسة مارمرقس بالإسكندرية، أسفر عن مقتل 17 شخصا وإصابة 40 آخرين، وأفلت بابا الإسكندرية، توضراوس الثاني، الذي كان موجودا بالداخل، من هجوم الانتحاري الذي كان يستهدف اغتياله.
مصادرة صحيفة
قالت صحيفة "البوابة" اليومية، التي يترأس تحريرها الكاتب الصحافي والنائب البرلماني عبدالرحيم علي، المُقرب من أجهزة الدولة الأمنية، إنها فوجئت بمصادرة عدد أمس، وهي المصادرة التي تحدث للمرة الأولى في عمر الجريدة، وذلك بحسب بيان أصدرته الصحيفة.وأوضح البيان أن قرار المُصادرة جاء بسبب موقفها من أحداث أمس الأول، لأنها أعلنت صراحة في صدر صفحتها الأولى أن هناك تقصيراً أمنياً يستوجب المحاسبة، وتغيير الاستراتيجية الأمنية المُتَّبعة في مواجهة الإرهاب.
انتشار أمني
ومع بدء سريان حالة الطوارئ، لاحظ مراسلو "الجريدة" انتشارا أمنيا مكثفا في شوارع المحافظات المصرية، خاصة أن القوات المسلحة دفعت بعناصر من وحدات التأمين الخاصة بها للانتشار في المحافظات، لمساعدة قوات الشرطة في تأمين المنشآت والأهداف الحيوية، تنفيذا لقرار القائد الأعلى للقوات المسلحة الرئيس السيسي، الصادر أمس الأول، وشهدت نحو 503 كنائس بالقاهرة والجيزة، أمس، استنفارا أمنيا في محيطها، تحسبا لأي هجمات إرهابية أخرى.ورغم العمل بـ "الطوارئ" فعليا، قرر مجلس النواب تأجيل التصويت على فرض حالة الطوارئ إلى اليوم، لحين حضور رئيس مجلس الوزراء شريف إسماعيل، حيث دعاه رئيس البرلمان علي عبدالعال للحضور إلى مقر المجلس وعرض رؤية الحكومة في شأن طلب إعلان حالة الطوارئ، ولا يُتوقع أن يثير البرلمان (الذي يضم أغلبية مطلقة مؤيدة للسيسي)، أي اعتراض على تمرير "الطوارئ".وأبدى عبدالعال موافقة مسبقة بقرار الطوارئ، إذ قال في جلسة البرلمان العامة أمس، إن حالة الطوارئ تم تطبيقها، وعلى جميع المؤسسات الالتزام بهذا القانون حرصا على المصلحة العليا للمصريين، مضيفا: "حالة الطوارئ تطبق على وسائل الإعلام والصحافة"، مشددا على أن أي شخص سيخرج عن منظومة الطوارئ سيتم تطبيق القانون عليه، وأن القانون ينظم آليات العمل بمواقع التواصل الاجتماعي، "وأي استعمال سيئ لها سيضع أصحابها تحت طائلة القانون".غضب الرئيس
وجاءت التحركات الحكومية أمس غداة اجتماع مجلس الدفاع الوطني، برئاسة السيسي وحضور رئيس الحكومة ورئيس البرلمان ووزيري الدفاع والداخلية وقيادات عسكرية ورئيس المخابرات العامة، وبدا الرئيس حزينا وغاضبا في المؤتمر الصحافي الذي أعقب اجتماع مجلس الدفاع الوطني، إذ أعلن حالة الطوارئ مدة 3 أشهر في جميع البلاد، وتشكيل المجلس القومي الأعلى لمقاومة ومكافحة الإرهاب والتطرف في مصر، والذي ستكون له صلاحيات لمجابهة الإرهاب، واتخذ السيسي قبلها قرارا بإعلان حالة الحداد مدة 3 أيام.وقدم السيسي العزاء لكل الشعب المصري في الضحايا الذين سقطوا بعد الحوادث الإرهابية، وأضاف: "مش هأقول دول مسيحيين ولا مسلمين، ولكن كلهم مصريين"، مشددا على أن ما يحدث من عمليات إرهابية هو محاولة لتمزيق المصريين وتحطيمهم، مطالبا المصريين بأن يكونوا كتلة واحدة ليصعب على أي قوة هزيمة مصر والنيل منها"، ووجه السيسي حديثه للمصريين قائلا: "لازم نخلي بالنا علشان خاطر مصر وشعبها ومستقبلها، واحنا قد التضحية، وهنهزم الإرهاب، وأعلنا أننا هنواجهه بقوة ونجحنا في سيناء، واتحركوا إلى منطقة تانية".وعبر السيسي، الذي تلقى اتصالات هاتفية من قادة دول العالم لتعزيته، عن استيائه من "الخطاب الإعلامي" للحوادث التي شهدتها مصر، قائلا: "لو سمحتم خلوا بالكم من مصر وشعبها... مش معقول نشاهد الواقعة التي حدثت ويتكرر عرضها في كل القنوات وعلى مدار اليوم"، مطالبا البرلمان ومؤسسات الدولة بالتصدي بمسؤولية لمجابهة التطرف في مصر وتجديد "الخطاب الديني"، مشددا على ضرورة تحمل الشعب "هذا الألم الذي حدث بعد أن أثبتم خلال الشهور والسنوات الماضية صلابة تعجب لها الجميع من أعداء مصر".تحقيقات وجنازات
وفيما شيع الآلاف جثامين قتلى الهجومين الإرهابيين، وسط بكاء وعويل وصراخ، وحزن عام وغضب، كشفت المعاينة والتحقيقات الأولية التي باشرتها النيابة العامة في حادث الكنيسة المرقسية بالإسكندرية، وتفريغ كاميرات المراقبة بالكنيسة، أن الانتحاري الذي فجر نفسه، حاول في بادئ الأمر دخول الكنيسة من بوابة جانبية، حتى يتمكن من التوغل داخلها وإحداث أكبر قدر من الأضرار والخسائر البشرية، غير أن الحراس المعينين رفضوا وأرشدوه إلى أن الدخول يكون من خلال بوابة أخرى مخصصة لذلك، وعبر جهاز إلكتروني لكشف المعادن. وتبين من تقرير تفريغ الكاميرات أنه لدى دخول الانتحاري أطلقت البوابة الإلكترونية صافرة إنذار، ليتردد الانتحاري للحظات قبل الدخول خشية إلقاء القبض عليه لدى تفتيشه، ففجر نفسه، فيما قررت النيابة التحفظ على بعض الأشلاء الآدمية، وتكليف المعمل الجنائي والطب الشرعي إجراء تحاليل الحمض النووي والبصمة الوراثية (دي إن إيه) للتوصل إلى هوية أصحابها، في حين انتهت النيابة من الاستماع إلى أقوال 23 مصابا يرقدون بعدد من مستشفيات الإسكندرية.في الأثناء، قال مطران الأقصر للأقباط الكاثوليك، الأنبا عمانويل عياد، أمس، إن زيارة بابا الفاتيكان الحبر الأعظم فرانسيس، ستتم في موعدها المقرر يومي 28 و29 الجاري، وأنه لا نية لإلغائها، وأضاف عياد الذي يترأس اللجنة المنظمة لزيارة البابا لمصر، في بيان: "الأحداث الأخيرة لم تؤثر على الزيارة، وهي قائمة بكل جدولها الذي أعلن مسبقا".تصفية وقصف
في هذه الأثناء، قتل 7 من العناصر "التكفيرية"، فيما أصيب مجندان، وذلك في تبادل لإطلاق النار، جرى بين قوات الجيش والعناصر، جنوبي مدينة العريش في سيناء، أمس.في موازاة ذلك، قال مصدر أمني إن "قوات الأمن تعاملت مع أفراد خلية إرهابية مكونة من 7 أشخاص في صحراء عرب العوامر بمحافظة أسيوط بصعيد مصر، وأن عناصر الخلية التي كانت تخطط لتنفيذ أعمال تخريبية تم قتلهم بعد مطاردات وتبادل لإطلاق النار على مدى ساعات".إسرائيل
من جهة أخرى، قال الجيش الإسرائيلي، أمس، إن صاروخا أطلق من سيناء وسقط داخل مزرعة بمستوطنة إسرائيلية، إلا أنه لم يسفر عن أي خسائر.وفيما تبنى "تنظيم ولاية سيناء" التابع لتنظيم "داعش"، الهجوم في بيان له نشره عبر وكالة "أعماق"، وقال إن الصاروخ من طراز "غراد" واستهدف مستوطنات مجمع أشكول، التزمت السلطات المصرية الصمت.وأعلنت السلطات الإسرائيلية إغلاق معبر "طابا" الحدودي مع مصر، صباح أمس، كما دعت رعاياها إلى مغادرة شبه جزيرة سيناء، لدواع أمنية، وصرح وزير المواصلات الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بأن إغلاق معبر طابا جاء بسبب "الأوضاع الأمنية" في سيناء، وأن إغلاق المعبر سيستمر حتى نهاية احتفال اليهود بعيد الفصح الأسبوع المقبل.ويعد التحذير الإسرائيلي هو الثاني من نوعه خلال أقل من شهر، إذ دعت إسرائيل رعاياها إلى مغادرة سيناء في نهاية مارس الماضي لدواعٍ أمنية، فيما قلل مدير المركز الوطني للدراسات الأمنية، خالد عكاشة، من الخطوة الإسرائيلية، قائلا لـ "الجريدة": "ليست المرة الأولى، بل هي مجرد إجراء احترازي تفعله إسرائيل في فترات متنوعة لحماية رعاياها بالطريقة التي تراها".«الطوارئ» يقيد الاجتماعات والتنقلات والإعلام
سادت الشارع المصري حالة واسعة من الترقب والقلق، عقب إعلان فرض حال الطوارئ في البلاد مدة 3 أشهر.قلق المواطنين كان منبعه نص القانون في بعض مواده، ومنها أنه يسمح بـ: * وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور في أماكن أو أوقات معينة، وكذلك تكليف أي شخص بتأدية أي عمل من الأعمال. • مراقبة الرسائل أيا كان نوعها ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم، وكل وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طباعتها. تحديد مواعيد فتح المحال العامة وإغلاقها، وكذلك الأمر بإغلاق هذه المحال كلها أو بعضها. • الاستيلاء على أي منقول أو عقار والأمر بفرض الحراسة على الشركات والمؤسسات، كذلك تأجيل أداء الديون والالتزامات المستحقة. • إخلاء بعض المناطق أو عزلها وتنظيم وسائل النقل وحصر المواصلات، وتحديدها بين المناطق المختلفة.
البرلمان
في سياق منفصل، وبينما وافق البرلمان المصري بأغلبية الثلثين، على تعديلات قانون التظاهر، بما يتوافق مع حكم سابق للمحكمة الدستورية العليا، أحال رئيس البرلمان علي عبدالعال، اتفاقية الحدود البحرية بين مصر والسعودية، التي تقر التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، إلى لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، تمهيدا لمناقشتها في جلسة عامة، وسط توقعات بأن يقر البرلمان الاتفاقية.