حرامي المقالات
لا بأس أن يتكلم الناس بلكنات مختلفة في الكويت، لكن ما قام به أحد الكتّاب المتدينين شكلاً والمعروف عنه في الأوساط الصحافية أنه سارق للمقالات، من نشر لمقطع مصوّر لرجل مسن يتحدث بلهجة كويتية غير متقنة ارتبطت غالبا بالكويتيين المنحدرين من أصول فارسية، يقصد به السخرية من طائفة معينة.
قبل أسابيع قام أحد الكتّاب المتدينين شكلا بنشر مقطع مصوّر لرجل مسن يتحدث بلهجة كويتية غير متقنة ارتبطت غالبا بالكويتيين المنحدرين من أصول فارسية؛ متهكما في تعليقه على المقطع على اللكنة التي تحدث بها هذا الرجل المسن، موحياً بانتمائه إلى منطقة سكنية معينة يقطنها الكثير ممن ينحدرون من أصول فارسية.وبعد أن نبهه الكثير من المتابعين بأن هذا الرجل المسن من عائلة الكندري الكريمة، قام المتدين شكلا أو كما هو معروف عنه في الأوساط الصحافية بأنه سارق للمقالات، قام هذا السارق بمسح ما نشره.أنا شخصيا أجد أن الكارثة لم تكن تتمثل بالتغريدة التي نشرها سارق المقالات ولا العبارات التهكمية، بل إن المصيبة كل المصيبة هي أنه قام بمسح ما نشره بعد أن عَلم أن هذا الرجل المسن الفاضل ينتمي إلى أسرة الكندري الكريمة.
وإني أرى أنه لا بأس أبدا أن يتكلم الناس بلكنات مختلفة في الكويت، فكل أهل الكويت مهاجرون من كل البقاع المحيطة، وهناك لكنات تدل على أصول تلك الهجرات من الشمال أو الجنوب أو الشرق أو الغرب، ولا بأس أيضا من التقليد أو الإشارة لتلك اللكنات بقالب كوميدي كما حدث ويحدث في غالب الأعمال الفنية الكويتية، كدور داود حسين في مسرحية "انتخبوا أم علي" أو شخصية نهاش فتى الجبل وغيرهم، وهو أمر متداول ومقبول في كل بقاع العالم.إلا أن مسح التغريدة أو ما أسميته بالمصيبة حسبما أرى هو ما يعكس النية السيئة لسارق المقالات، فلماذا مسح التغريدة؟ هل زالت لكنة الرجل المسن بعد أن تبين لناشر التغريدة أنه ينتمي إلى عائلة الكندري؟ أم أن هدف هذا المتدين شكلا هو السخرية من طائفة معينة، وعندما فطن أن رميته لم تصب الهدف المأمول مسح ما كتب، وهنا مربط الفرس وأساس المصيبة، فالهدف كما أرى لم يكن السخرية من لكنة بقدر محاولة الانتقاص من طائفة.لم ينتبه الناس لهذا الأمر وانصرفوا عنه بالتركيز على هوية الرجل المسن فقط، وتلك مشكلتنا الأساسية، فنظرتنا وتحليلنا واتخاذ المواقف مبنية على ما يظهر على السطح فقط دون تدقيق أو استيعاب، وهي السطحية نفسها التي تقودنا إلى دوامات المشاكل كل يوم.