هل سيتم تسليم مدير «التأمينات» السابق؟
![أ.د. غانم النجار](https://www.aljarida.com/uploads/authors/30_1682522974.jpg)
وحيث إن الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم، فقد تم قبول الدعوة شكلياً، وتم وضعه تحت الإقامة الجبرية حتى مارس ٢٠٠٠، إذ أطلق سراحه لاعتبارات صحية من دون محاكمة، أما الحقيقة فهي أن وزير الداخلية حينذاك جاك سترو نقض قرار مجلس اللوردات بتسليمه لإسبانيا، بترتيب من رئيس الوزراء حينذاك توني بلير، لاعتبارات سياسية بحتة. وتم ترحيله في ليلة ليلاء بعيداً عن عيون الناس، إلى أن توفي في تشيلي في ٢٠٠٦. إذاً، هناك شق سياسي واضح في المسألة. إن كانت الحكومة عندنا جادة فعليها أن تعمل على تحييد الشق السياسي مع الحكومة البريطانية. من واقع الخبرة في تسليم المحكومين أو المتهمين، فإن أي استهداف لسياسيين عادة ما يكون أضعف من غيره. وبالتالي صار على الجهة الطالبة بذل جهد كبير لإقناع المحكمة البريطانية بصدقية مزاعمها.في ١٥ ديسمبر ٢٠١٦ وقعت الكويت وبريطانيا اتفاقية تسليم المحكومين، ويفترض أن تكون قد تمت مناقشتها في جلسة أمس. وحتى إن صدرت الاتفاقية الجديدة ونشرتها الجريدة الرسمية، فمن غير المتوقع أن تؤثر على مجريات القضية في الوقت الحالي.بالطبع، وصول المسألة إلى حد تجميد الأموال بعدة بلدان وقبول قضايا ضد المدير السابق لم يتم بسبب الاهتمام الحكومي، ولكن بسبب متابعة شخص واحد، لا مؤسسات، ولا بنوك ولا هيئات رقابية أو تشريعية، بل حظي المدير العام بدعم غير محدود من الكثير من أعضاء البرلمان بمن فيهم شخصيات معارضة، إلى أن كرس د. فهد الراشد جهداً كبيراً، وهو عضو سابق بمجلس إدارة مؤسسة التأمينات، متابعاً الموضوع بجهد ذاتي ومالي خاص في دول عديدة، حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه. بالطبع كان للتعاون اللاحق للسلطات عموماً والنيابة خصوصاً أثر كبير على تحرك القضية، مساندة لمساعي استرجاع الأموال العامة المسروقة ومعاقبة السارق، ونأمل أن تستمر في ذلك.مسألة استرجاع وإعادة تسليم المدير السابق للكويت ليست بالسهولة التي يتوقعها البعض، ولكنها ليست مستحيلة، خاصة أنه تم إبرام الاتفاقية. صحيح أن هناك تفاهماً قضائياً بين البلدين، ولكنه أضعفُ من الاتفاقية الكاملة. والآن تنظر محكمة ويستمنستر في الطلب الكويتي بتسليم المدير السابق، وتدرس مدى انطباقه على المعايير الحقوقية، وقد تنجح أو لا تنجح.