ما استعدادات قطاع الأعمال لما بعد «بريكست»؟
شارك خبراء من كلية لندن للأعمال وجهات نظرهم حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «بريكست» والسبل الذي يمكن لقطاع الأعمال أن يتهيأ من خلالها لمواجهة الآثار المترتبة على هذه الخطوة.
اعتماد نهج يتسم بالحذر
ويرى أندرو سكوت البروفيسور في الاقتصاد، أنه «في ظل النتائج المحتملة لـ«بريكست» ومستوى الشك السائد، فإن اعتماد الحذر هو الخطوة الأفضل حالياً، سواء فيما يتعلق بعمليات الانتقال الكبيرة للأعمال من المملكة المتحدة أو زيادة مستوى الالتزامات ضمنها».«يرتكز الكثيرون في توقعاتهم على طبيعة عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي على المدى الطويل، لكن من الأمور المؤكدة أن المملكة المتحدة ستصبح مكاناً ذا تكلفة أقل للعمل بسبب انخفاض قيمة الجنيه الإسترليني اللازمة لتعزيز التنافسية استجابةً للتغير التجاري الكبير الحاصل. بالإضافة إلى ذلك، سيجد الباحثون عن الأسواق العالمية وعن الاستفادة من الصناعات ذات الطاقات البشرية عالية المستوى في المملكة المتحدة بيئة أكثر ملائمة، حيث ستحاول السياسة الجديدة تخفيف أثر خسارة التبادل التجاري الأوروبي». تمثل «بريكست» فرصة فريدة لطرح التشريعات المرتبطة بالتغير المناخيوقال إيونس إيوانو الأستاذ المساعد في الاستراتيجية وريادة الأعمال: «من المحتمل أن يكون لـ(بريكست) تأثيرات سلبية على سياسة المملكة المتحدة المناخية والبيئية، وبشكل أوسع على برنامجها الخاص بالاستدامة، وحملت قرارات تيريزا ماي إشارات غير مشجعة البتة بعد حل قسم الطاقة والتغير المناخي، والتراجع عن سياسة الطاقة المتجددة. ورغم ذلك، فإن حالة عدم اليقين الحاضرة بقوة تطرح تحدياً وفرصةً فريدةً في ذات الوقت بالنسبة لقطاع الشركات في المملكة المتحدة لتحقيق الريادة عبر المطالبة بتشريعات طموحة وفعالة بشأن التغير المناخي والانفتاح الاقتصادي والنمو الشامل. وأضاف أنه: «سيكون من الضروري تبني وجهة نظر عالمية باعتبار أن قضية مهمة مثل التغير المناخي هي مسألة تهم الكوكب بأسره، لذا سينبغي على قطاع الأعمال في المملكة المتحدة توسيع وتحسين انتشاره العالمي للتصدي للموجة الداعية إلى الانعزال وكراهية الأجانب».
دعوة إلى الاستثمار
ودعا جيليان كو البروفسور المساعد في السلوك المؤسساتي: «أثبتت نتائج التصويت على (بريكست) ونتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية مدى الانقسام، الذي يشهده العالم بين وجهات نظر متقوقعة ومنغلقة. وينعكس ذلك على قطاع الأعمال أيضاً، إذ ينبغي على المديرين والقادة معالجة وإدارة التنوع والاختلاف وفض الخلافات والنزاعات، وإن التفكير من وجهة نظر الأطراف الأخرى يمكن أن يكون الحل الناجح لهذه المسائل، مما يؤكد أهمية الاستثمار في الجهود الرامية إلى فهم وجهات نظر وأفكار ونوايا ومحفزات ومشاعر الطرف الآخر. وعلى الرغم من أن هذا النهج يحمل في طياته بعض المخاطر، لكنه سيكون أمراً ضرورياً وأساسياً خلال السنوات القادمة».مواجهة أسوأ السيناريوهات
من جانبه قال كريس هيغسون الأستاذ المساعد في الممارسات المحاسبية: «بالنسبة للمديرين الماليين، من المرجح أن يتسبب (بريكست) بازدياد التقلبات في سوق الأعمال، مع ارتفاع احتمالية التعرض لآثار سلبية كبيرة. حيث تشهد كثير من الشركات ارتفاعاً حاداً في التكاليف الواجب ضخها لضمان نجاح الأعمال. كما يمكن للشركات أن تشهد انغلاقاً في الأسواق التقليدية، الأمر الذي قد يؤدي لمواجهتها انهياراً في الإيرادات، لذا يمكن لقطاع الأعمال أن يتمنى الأفضل، ولكن في الوقت ذاته يجب التحضر لأسوأ السيناريوهات».وأضاف: «يمكن الاعتماد على نهج الوقاية المالية القديم، الذي يعني إنشاء احتياطيات من الأموال والموارد السائلة والاعتماد على أسهم رأس المال في تأمين التمويل بدلاً من الاستدانة، الذي تنص عليه استراتيجية الميزانية العمومية القوية. وتستمد هذه الأخيرة قوتها من نسبة الاقتراض المنخفضة التي تتمتع بها، حيث تعزز الأموال والديون غير المستخدمة من قدرة الأعمال على مواجهة أسوأ الظروف، وهذا ما تعلمته الشركات والتزمت بتطبيقه بعد أزمة عام 2008».وأردف: «ونقصد بالوقاية المالية من وجهة نظر كشوف الدخل تقليص التكاليف الثابتة بشكل ملموس، لذا يمكن أن نتوقع ضغطاً كبيراً تجاه الوظائف الثابتة ومطالبة مستمرة بساعات عمل «مرنة» بناء على عقود العمل المؤقتة أو غير محددة الساعات. وبالطبع يمكن للوقاية المالية أن تؤمن قاعدةً جيدة للنمو، بفرض تمكن الشركات من الحفاظ على الطاقات البشرية اللازمة لتتمكن من استغلال الفرص المستقبلية».على القادة بث الأمل
ويشدد دان كابل البروفيسور في السلوك المؤسساتي على أن «بريكست» سيحمل الكثير من التغييرات، التي لا نستطيع توقعها، لكن مما لا شك فيه أنها ستكون تغييرات عميقة. وسينبغي على المؤسسات التكيف مع هذه التغييرات والحرص على تبنيها من قبل قواها العاملة».وتابع: «يجب أن يمد القادة موظفيهم بالأمل والهدف والتشجيع لتبني التغييرات، من أعلى قمة الهرم الوظيفي وصولاً إلى قاعدته، ولن تنجح أساليب الإدارة القديمة العائدة لفترة الثورة الصناعية في مواكبة التطور الذي نشهده اليوم، ولا بد من بروز بعض التغييرات الدائمة انطلاقاً من أسفل الهرم الوظيفي إلى أعلاه. وعندما توضّح التحديات وأساليب التكيف اللازمة للتأقلم مع (بريكست)، سينبغي على القادة تقديم الإلهام لموظفيهم ليؤمنوا بضرورة التغيير ويرغبوا به ويدركوه حق الإدراك».يُشار إلى أن كلية لندن للأعمال ساهمت على مدى 10 سنوات الأخيرة في تطوير قدرات رواد الأعمال في المنطقة، انطلاقاً من مقرها الواقع في مركز دبي المالي العالمي في مدينة دبي، حيث تقدم من خلاله برنامج ماجستير إدارة أعمال تنفيذي.