تركيا: طموحات إردوغان «السلطوية» على المحك
● تقارب في استطلاعات الرأي حول استفتاء تغيير النظام إلى رئاسي
● مشاركة قياسية لأتراك الخارج... والرئيس «المبحوح» يلغي لقاءات
قبل 3 أيام من تصويت الأتراك، في استفتاء، على تعديلات دستورية تعزز وتوسع صلاحيات رئيس الجمهورية وتنقل نظام الحكم في البلاد من البرلماني المعمول به حالياً إلى الرئاسي، تبدو طموحات الرئيس رجب طيب إردوغان الذي لم يخسر أي استحقاق انتخابي من العشرة، التي واجهها منذ وصول حزبه «العدالة والتنمية» إلى السلطة في 2002 على المحك مع إظهار نتائج استطلاعي رأي اليوم ، أن أغلبية ضئيلة، بين 51 و52 في المئة، سيصوتون بنعم في الاستفتاء.والاستفتاء، الذي ينظم، 16 أبريل الجاري، بعد تسعة أشهر على الانقلاب الفاشل، يوليو الماضي، سيصوت فيه 55.3 مليون ناخب، لإلغاء منصب رئيس الوزراء لمصلحة توسيع صلاحيات الرئيس بشكل كبير.
جهد وشكوك
وبينما لم يدخر الرئيس التركي جهداً للفوز في الاستحقاق المقبل، الذي يعد الأهم على الإطلاق في مسيرته السياسية، تبرز شكوك حول إمكانية تحقيقه لانتصار سهل مع التشكك في تصويت الأكراد، خمس الأتراك، لمصلحة تمرير التعديلات، التي ستوسع صلاحيات إردوغان وقد تسمح له بالبقاء في السلطة حتى 2029 في ظل انهيار الهدنة بين حكومة «العدالة والتنمية» والمتمردين من حزب «العمال الكردستاني».وجال إردوغان «63 عاماً» في مختلف أنحاء بلده بلا كلل وعقد عشرات اللقاءات موقداً حماسة الحشود حتى فقد صوته، وقرر أمس إلغاء لقاءات كان يعتزم عقدها بشرق البلاد. وتضمنت جولة الرئيس في الأسابيع الأخيرة لإثارة حماسة داعميه، دياربكر الكردية وإزمير الإيجية وإسطنبول حيث خط أولى سطور حياته السياسية.وأثبت إردوغان، الذي يفتخر بتواضع أصله، أكثر من أي وقت ميزاته كخطيب لا مثيل له، ملقياً كلمات طعمها بأبيات شعر قومية وآيات قرآنية، معتمداً على برهات صمت متعمدة لترسيخ كلماته في الأذهان.وظل إردوغان خلال الجزء الأكبر من حملته يهاجم زعيم حزب المعارضة الرئيسي وهو حزب «الشعب الجمهوري»، الذي يقود التصويت بـ»لا». واتهم إردوغان زعيم الحزب كمال قليجدار بالكذب. ورد قليجدار بأنها لغة لا تلائم الرؤساء.بصمة تاريخية
وعلى الرغم من تصوير إردوغان في الغرب على أنه «سلطان لا يمكن زحزحته عن العرش»، فإن تكثيفه لجهود الحشد للاستفتاء سلط الضوء على الخطر الذي يواجه بعد عام حافل بالتوترات شهد محاولة انقلاب وحملة تطهير واسعة ضد أنصار تيار الداعية فتح الله غولن الذي يتهمه الرئيس التركي واعتداءات إرهابية دامية، فيما يواجه الاقتصاد، الذي كان ركيزة شعبيته، صعوبات.وتقدم الحكومة الإصلاح على أنه أساسي لتكون للدولة سلطة تنفيذية مستقلة ولوضع حد بشكل نهائي للحكومات الائتلافية الضعيفة في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، قبل وصول «العدالة والتنمية» الإسلامي إلى السلطة.وفي حين يرى أنصار الرئيس أن التعديل الدستوري ضروري لضمان الاستقرار على رأس الدولة، يندد معارضوه بنص مفصل على مقاس إردوغان المتهم بميله إلى التسلط.ويبدو الرئيس المهيمن على السياسة التركية منذ 15 عاماً مصمماً على ترك بصمته في تاريخ بلاده على غرار مؤسس الجمهورية التركية الحديثة مصطفى كمال أتاتورك.فهو غالباً ما يردد عبارة «الحمار يموت وسرجه باق. الرجل يموت وأعماله باقية»، ويكثف الإشارات إلى السلطان محمد الثاني «الفاتح»، غازي القسطنطينية في 1453.وسبق أن بدلت مشاريعه الضخمة للبنى التحتية وجه تركيا، ولا سيما إسطنبول حيث بات لمضيق البوسفور الذي تخترقه أنفاق عدة، جسر ثالث.وتولى إردوغان منصب رئيس الوزراء بين عامي 2003 و2014 قبل أن ينتخب رئيساً، وهو منصب يفترض أن يكون بروتوكولياً.إقبال خارجي
ومساء أمس ، قال الرئيس التركي، إن الأتراك الذين يعيشون في الخارج يخرجون بأعداد أكبر للتصويت في الاستفتاء، في تطور يقول القائمون على استطلاعات الرأي إنه قد يصب في مصلحة إردوغان. وأضاف إردوغان في حفل في مدينة شانلي أورفة «ثمة تدفق مذهل للأصوات في الخارج. أدلى نحو 1.42 مليون شخص بأصواتهم».وأفسدت الحملة بشأن الاستفتاء علاقات تركيا ببعض حلفائها الأوروبيين. وقال إردوغان إن حظر بعض التجمعات لوزراء أتراك في إطار الحشد للاستفتاء في هولندا وألمانيا لأسباب أمنية كشف عن انتهاج البلدين أساليب أشبه بالنازية.