تعتمد أفلام شهدتها السينما المصرية أخيراً على أماكن محدودة للتصوير، بالإضافة إلى الاستعانة بوجوه جديدة لا تتقاضى أجوراً كبيراً، ما يساهم في إنجاز التصوير في وقت قصير وبميزانية قليلة.

أبرز هذه الأعمال «ممنوع الاقتراب» لميرفت أمين وبيومي فؤاد، و{يوم من الأيام» لهبة مجدي ورامز أمير، بالإضافة إلى «يا تهدي يا تعدي» لآيتن عامر ومحمد شاهين، ولم تستمر غالبيتها في الصالات أكثر من أسبوعين، إذ رفعت بعدما فشلت في جذب الجمهور.

Ad

يقول بيومي فؤاد إن أعمال البطولة الجماعية للشباب ليست أفلام مقاولات حتى لو كانت ميزانيتها ضعيفة وتُصوّر في أماكن محدودة، مؤكداً أن الفنان عندما يوافق على مشروع تكون لديه رغبة في تقديم أمر جيد، ولا يمكن لومه في حال لم يتحقق ذلك.

ويضيف فؤاد أن تصنيف الأفلام والحكم المسبق عليها ليسا في صالح صناعة السينما لأن المنتجين يقدمون أفلاماً متباينة في الميزانيات كي يحققوا الاستمرارية في السوق، خصوصاً أن الميزانيات الكبيرة لا تحقق الإيرادات المتوقعة، من ثم تعرّض منتجون كثيرون للخسائر بسبب صرف مبالغ كبيرة في تنفيذ أعمال لم تحقق الأرباح المتوقعة منها.

بدوره، يشير الناقد محمود قاسم إلى أن البحث عن الربح التجاري في السينما أمر سائد لدى غالبية المنتجين راهناً، لذا يركّزون على إنتاج أفلام قليلة التكلفة بجودة متوسطة، خصوصاً أن ثمة احتكاراً لأسماء بعينها للأعمال ذات الميزانيات الكبيرة بناء على نجاحات سابقة، ولا تجد منتجاً يبادر إلى تقديم فيلم ضخم أو بميزانية متوسطة لنجوم جدد أو فنانين شباب لم يحصلوا على حقهم في البطولة رغم موهبتهم الفنية.

ويوضح قاسم أن مفهوم سينما المقاولات اختلف كثيراً اليوم عما كان عليه في الماضي، سواء بعد الحرب العالمية أو في منتصف الثمانينيات، ذلك لاختلاف العصر وتطوره، مؤكداً أن المنتجين يستمرون في صناعة هذه الأعمال لأنهم يحققون أرباحاً منها، إذ لا يحصل المشاركون فيها على أجور كبيرة وتُسوّق للفضائيات المختلفة بما يتجاوز قيمة إنتاجها، وفي النهاية يربح المنتج والأبطال أيضاً لأنهم لن يجدوا من يمنحهم البطولة في أعمال أخرى جيدة نظراً إلى قدرتهم التمثيلية المحدودة.

القصة والجودة

في سياق متصل، يؤكد المخرج علي عبد الخالق أن الأعمال السينمائية الراهنة لا يمكن وصفها بأفلام المقاولات التي انتشرت في الثمانينيات والتسعينيات، مشيراً إلى أن الميزانيات ليست معياراً وحيداً للحكم على أي فيلم، بل قصته وجودته لأن ثمة أعمالاً لا تحتاج إلى ميزانيات كبيرة في تنفيذها لبساطة فكرتها.

كذلك يشير عبد الخالق إلى أن انتعاشة أفلام المقاولات قبل نحو أربعة عقود كانت مرتبطة بالتسويق في الخارج لتحقيق العائد المادي، لافتاً إلى أن الأعمال الراهنة حتى منخفضة التكلفة تتضمّن عناصر إيجابية يمكن الاستفادة منها بمشاريع أخرى.

ويقول المخرج بيتر ميمي إن ربط تصنيف الأفلام بميزانيتها يظلمها لأن ثمة أعمالاً تحتاج إلى غرافيك ومشاهد حركة متعددة، على عكس الأفلام الرومانسية الكوميدية مثلاً، مشيراً إلى أن اختيار الممثلين يكون رهناً بالاختيارات وبنوع العمل، علماً بأن بعض المنتجين يعزف عن التعاون مع الوجوه الجديدة.

ويوضح ميمي أنه يترك للجهور الحكم على أعماله، خصوصاً أن توصيف «المقاولات» الذي يطلق على أعمال عدة لا يأتي في محله غالباً، مشدداً على رفضه تصنيف الأفلام لأنه يضعها في إطار غير صحيح.

«ياباني أصلي»

يلفت المخرج محمود كريم إلى أن البعض صنّف مشروعه الأول «ياباني أصلي» كفيلم مقاولات قبل عرضه، على اعتبار أنه لم يتضمّن مشاهد في اليابان، موضحاً أن الأحداث لم تتطلّب ذلك، ويؤكد أن مفهوم سينما المقاولات لا يناسب العصر الراهن بسبب اختلاف الظروف وتغير طبيعة جمهور السينما أو التلفزيون.