النجاشي «كالِب» أطاح حكم «ذو نواس» اليهودي حافر الأخاديد

نشر في 14-04-2017
آخر تحديث 14-04-2017 | 00:05
No Image Caption
الكثير من الناس لا يعرف أن سبب احتلال الأحباش لليمن قبل بعثة الرسول، صلى الله عليه وسلم، بـ 50 سنة تقريباً، هو فزعة النصارى لإخوانهم في الدين ضد اليهود الذين كانوا يسيطرون على الحكم في اليمن. والقصة ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه الخالد في سورة "البروج"، حيث قال: "قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ".

ووفق بعض الروايات التاريخية، فإن أصحاب الأخدود هم النصارى الذين قتلهم "ذو نواس"، آخر ملوك حِمْيَر، واسمه "زرعة بن عمرو بن زرعة الأوسط بن حسان"، حيث أمرهم باعتناق اليهودية فرفضوا، فقام بتجميع نحو سبعين ألفاً منهم في أخاديد حفرها لهم وأشعل فيهم النار. وقد استطاع أحد النصارى، وهو دوس بن ثعلبان، من الفرار، واتجه إلى الحبشة، وقص على نجاشيها "كالِب" ما حدث وطلب منه النصرة، فطلب النجاشي من دوس أن يذهب إلى قيصر الروم ويطلب منه سفناً لنقل الأحباش إلى اليمن للانتقام.

وفعلاً حصل ذلك، وغزا جيش نجاشي الحبشة بقيادة "إرياط" اليمن وسيطر عليها، وهرب "ذو نواس" إلى البحر وغرق، وفي رواية أخرى هرب إلى الجبال واختفى فيها.

وبعد فترة قصيرة، تولى الحكم في اليمن أبرهة، الذي حاول هدم الكعبة الشريفة، فأرسل الله تعالى عليه طيراً أبابيل، ورجع مدحوراً مهزوماً، ولم يكد يصل إلى مدينته حتى خرجت روحه ومات.

وطبقاً لما تم اكتشافه قبل عشر سنوات تقريباً في جنوب المملكة العربية السعودية، فقد عثرت السلطات السعودية في منطقة رقمات، التي تقع على بُعد خمسة كيلومترات جنوب وادي منطقة نجران، على ما يدل على أنها منطقة الأخدود التي أشار إليها القرآن الكريم.

يقول أحد المسؤولين السعوديين المختصين في الآثار إن "الثابت لدينا أن الحريق كان هائلاً وقوياً جداً، حيث إنه أشعل المدينة بكاملها، وما زال رماد الحريق موجوداً للآن، إضافة إلى عظام للبشر وللحيوانات التي حرقت". وقد عبَّر أحد شعراء اليمن القدماء عن ذلك بالأبيات التالية:

أو ذو نُواسٍ حافرَ الأخدود في

نجران لم يخش احتمال جُناحِ

ألقى النصارى في نيارٍ أُجّجَتْ

بوقود جمرٍ مضرمٍ لفّاحِ

فدعا له ذو ثعلبان احابشاً

منهم بقاع الأرض غير ضواحِ

فتقحّمَ البحر العميق بنفسه

وسلاحه وجواده السبّاحِ

فغدا طعاماً بعد عزّ باذخٍ

للحوت من نونٍ ومن تمساحِ

وهكذا، نرى أن الأحباش سيطروا على اليمن آخر مرة (وليست المرة الأولى) في تلك الفترة من القرن السابع الميلادي، لكن حكمهم انحسر بسرعة ولم يستمر طويلاً. إلا أن العلاقة بين العرب والأحباش استمرت إلى اليوم وتوسعت، فكانت الهجرة الأولى والثانية إلى الحبشة (613 و615 هجري)، ثم نشأت ممالك إسلامية في الحبشة حافظت، في فترات معينة، على علاقة تبعية مع الحكم المركزي في الشمال، واختلفت في فترات أخرى، واستمرت هذه الممالك مئات السنين.

في المقال المقبل سنتحدث عن الهجرة الأولى والهجرة الثانية وتفاصيلهما بإذن الله.

back to top