الإعلامي الكبير الراحل جلال معوض صاحب فكرة حفلات «أضواء المدينة» التي أضاءت سماء القاهرة طوال الخمسينيات والستينيات، وكانت محط أنظار المصريين، والعرب عموماً الذين كانوا يزورون القاهرة خصيصاً لحضورها. وكان يحييها آنذاك النجوم الكبار فريد الأطرش، وعبد الحليم حافظ، وشادية، وغيرهم من عمالقة الغناء العربي.

بالإضافة إلى ذلك، كان لـ«أضواء المدينة» الأثر الإيجابي والمساهمات البناءة في تقديم عشرات المطربين والمطربات للجمهور فعرفهم وتواصل معهم عبر هذه الحفلات.

Ad

كان انسحاب أنغام من حفلة «أضواء المدينة» أخيراً قبل انطلاقها بساعات قليلة كالقشة التي قصمت ظهر البعير، خصوصاً أن مسؤولي اتحاد الإذاعة والتلفزيون في مصر راهنوا عليها لتشكّل عودة قوية بعد فترة انقطاع عن إقامة هذه الحفلات.

تسبّب عدم رضا أنغام عن بعض التجهيزات ورغبتها في الحصول على كامل مستحقاتها في إلغاء الحفلة، كذلك تضامن معها وائل جسار واتخذ الموقف نفسه. النجمة المصرية اكتفت بعرض تسجيل صوتي وبتعليق عبر صفحتها على «فيسبوك» حيث قالت: «نظراً إلى عدم التزام الجهة المنظمة، اتحاد الإذاعة والتلفزيون، بإرسال تذاكر الطيران ودفع أجور الموسيقيين والفنانين وتوفير الإقامة وإنجاز التصاريح... كما هو متفق عليه، لن يتسنى لنا السفر وإقامة الحفلة».

من جانبها، قالت الإعلامية نادية مبروك، رئيسة الإذاعة المصرية والمسؤولة الأولى عن الحفلة: «وفرنا سبل نجاح الحفلة كافة وكان سيذهب عائدها بالكامل إلى صندوق تحيا مصر»، مشيرة إلى تذليل العقبات، «لكن ما حدث لم يكن في أيدينا ولسنا مسؤولين عن إلغاء الحفلة»، مشددة على أن اتحاد الإذاعة والتلفزيون مُصرّ على استئناف الحفلات وستقام الحفلة الملغاة في وقت لاحق.

كذلك شدّدت مبروك على أن مسؤولية الاتحاد الوحيدة بحسب العقود كانت تتضمّن نقل البث الإذاعي والتلفزيوني من خلال الشبكات الإذاعية والقنوات التلفزيونية التابعة للاتحاد فقط لا غير. أما في ما يتعلّق بإبرام تعاقدات مع مطربي الحفلة أو إجراء اتصالات بهم أو حتى توفير تذاكر السفر وحجز أماكن الإقامة، فكل هذا ليس مسؤولية الاتحاد على الإطلاق، على حد قولها.

آراء

على صعيد متصل، أشاد المتحدث الإعلامي لنقابة المهن الموسيقية طارق مرتضى بنية الدولة عودة الحفلات الكبرى، مشيراً إلى أن ثمة أخطاء جسيمة تسببت في إلغاء الحفلة الأخيرة من بينها أن الجهات المنظمة لم تحصل على تصاريح من النقابة والمصنفات، بالإضافة إلى عدم دفع الرسوم للنقابة عن المطرب وائل جسار، وطالب بتلافي الأخطاء كي يتمكن التلفزيون من إدارة مثل هذه الحفلات الكبرى، لا سيما أن النقابة تدعمها لأنها تعود بالنفع على الجميع.

من ناحيته، يرى الخبير الإعلامي الدكتور سامي الشريف (رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون الأسبق) أن أخطاء كثيرة تسببت فى إلغاء الحفلة، موضحاً أنه إذا كانت الدولة تنوي إعادة «أضواء المدينة» فعلاً فإن ذلك لن يكون صعباً بل يحتاج إلى المزيد من التركيز والعمل الدؤوب، مشيراً إلى أن تاريخ هذه الحفلات الطويل سيشفع لها لدى الجمهور، من ثم ينسى الخطأ الأخير.

وقال الشريف: «تتمتع «أضواء المدينة» بتاريخ طويل، ولا يمكن أبداً أن تنتهي بمجرد إلغاء الحفلة الأخيرة»، مشدداً على ضرورة تلافي الأخطاء وعدم تكرارها، خصوصاً أن الجميع سواء الفنانين أو تلفزيون الدولة في حاجة ماسة إلى عودة مثل هذه الفعاليات الغنائية التي تثري الحركة الفنية العربية وتؤكد الدور الفني الريادي المهم لمصر مجدداً.

الموسيقار الكبير حلمي بكر استنكر تصرّف أنغام، مشيراً إلى أن المطربين الكبار الذين بدأوا ودعموا فكرة «أضواء المدينة» كانوا يقفون إلى جانب بلدهم وتلفزيون الدولة، موضحاً أن الواقعة الأخيرة يجب ألا تمرّ مرور الكرام ولا بد من محاسبة كل مقصر، وعلى أنغام ووائل جسار تسديد النفقات التي صرفت على التجهيز للحفلة.

وشدّد بكر على أن «ماسبيرو» في حاجة ماسة إلى الدعم من خلال هذه الحفلات التي ستؤكد أنه قادر على العودة إلى الفعاليات الغنائية الكبرى، موضحاً أنه كان من المستحيل أن يتخلى العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ أو السيدة أم كلثوم أو فريد الأطرش عن جمهورهم، ومشدداً على أن تاريخ «أضواء المدينة» لن ينتهي بمجرد إلغاء حفلة أنغام.

سلطان يرحب بعودة الحفلات الفنية

رحّب الموسيقار الكبير محمد سلطان بعودة الحفلات الفنية التي كانت تقيمها الدولة المصرية سواء «ليالي التلفزيون» أو «أضواء المدينة»، مشيراً إلى أهمية اختيار عناصر فنية جيدة مشرفة وتفعيل لجنة الاستماع واكتشاف المواهب، فضلاً عن إنتاج الأغاني الراقية، خصوصاً أن لدينا مطربين ومطربات على مستوى عال جداً يستطيعون إحياء هذه الحفلات ولكن يحتاجون إلى النصح والإرشاد والتوجيه.