الدين والكراهية!

نشر في 15-04-2017
آخر تحديث 15-04-2017 | 00:25
 د.نجم عبدالكريم تعددت الأديان... والكره واحد!

ما تلك الدماء التي سالت على امتداد التاريخ، وحتى التي تسيل في زماننا الراهن - في مختلف الأديان - إلا كان يقف خلفها من يؤججون الكراهية والأحقاد من أولئك الذين جعلوا من أنفسهم أوصياء للسماء على أهل الأرض... لنقف اليوم قليلاً على نموذج من هذه العينات.

***

• صراع حتى الموت بين رجلين، حيث أقسم كل منهما علانية على أن يشرب من دم خصمه! وكل هذا باسم الدين مع أن الأديان ما نزلت على الإنسان إلا لتشيع المحبة بين البشر، لكن الصراعات من أجل الهيمنة المطلقة جعلت أبناء الدين الواحد يقسمان على أن يشربا من دم بعضهما البعض.

• الأول: هو رأس الكنيسة الرومانية... بابا روما الإسكندر بورجيا الذي قال في خطبة له في الكنيسة: أقسم إن ظفرت بهذا الكافر أن أشرب من دمه ودم أنصاره وعشيقاته علانية في أكبر ميادين فلورنسا.

• الثاني: سافونا رولا الذي دخل تاريخ المذابح الجماعية الدينية، والذي ما إن بلغه تهديد بابا روما حتى رد عليه قائلاً: يخوفني السفاح بورجيا بشرب دمي في فلورنسا... حسناً... أنا لن أكتفي بشرب دمه بل سأطلق أنصار الطهارة الدينية في كنيستي ليعبوا من دمه ودم أبنائه من السِفاح ودماء عشيقاته وبناته الزانيات، وسألقي بصاحبته المجرمة صانعة السموم فانوزا إلى كلاب فلورنسا لينهشوا لحمها الدنس الذي أذلت به في مخادع الخنا كل كاردينالات روما.

***

• بورجيا شهدنا قصص فترة توليه البابوية من خلال مسلسلات تلفازية، وأظهرت الكثير من تجاوزاته كرجل يحتل مكان الصدارة في زعامة الكاثوليكية! وأظهرت كذلك - ميكيافيللي - وهو يدافع عنه مبرراً له أفعاله المخزية بقوله: "لقد فعل بورجيا ما فعل لحماية الدولة... فلولاه لانهارت الكاثوليكية، ولفقدت روما سلطتها الدينية.

• ومما كتبه التاريخ عن بورجيا أنه مكّن لأسرته معظم وظائف الدولة العليا، وأغدق عليهم بالأموال والمزارع، كما تعرّض في فترة توليه بابوية روما الكثير من الشعراء وكبار الشخصيات الدينية للذبح والحرق، وهناك من مات مسموماً لأن بورجيا كان بارعاً في صناعة السموم.

• أما سافونا رولا فهو يكرر أنه سيعيد للمسيحية صفاءها ونقاءها بعد أن لوثها بورجيا، وتنفيذاً لهذا القرار قام بإعدام عشرات الآلاف من البشر! بل إن له مقولة شهيرة يعبر فيها عن كراهيته للنساء: "تمنيت أن نساء العالم كلهن تجسّدن بامرأة واحدة لأقطع رأسها، وأنقذ من بقي من ذرية آدم من شرورهن".

• اللوحات الزيتية صورت رولا بوجه سفاح أثيم، جبهة ضيقة، أنف كبير معقوف، وشفته السفلى ساقطة، وفم يتلمظ لدماء ضحاياه، وعيناه تظهران شرارة الحقد.

***

• لكن لوثر قال عنه: "لا أنكر أن سافونا رولا رغم أخطائه البشعة التي أسلمته إلى خازن الجحيم هو الذي مهد الطريق للمذهب المعارض للكاثوليكية لكي يظهر إلى الوجود، المذهب البروتستانتي، والذي واجه هو الآخر مذابح دموية وكراهية لم تزل سائدة بين أبناء الدين المسيحي".

back to top