Ad

يتوجه الناخبون الأتراك اليوم إلى صناديق الاقتراع للتصويت في الاستفتاء الشعبي على مشروع التعديلات الدستورية الذي تقدم به حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، ويتضمن الانتقال من النظام البرلماني إلى الرئاسي.

الاستفتاء السابع

ومنذ تأسيس الجمهورية في تركيا، شهدت البلاد 6 استفتاءات على التعديلات الدستورية، كانت نتيجة 5 منها إيجابية (في الأعوام 1961 و1982 و1987 و2007 و2010)، بينما انتهت إحداها بنتيجة سلبية (في عام 1988).

55 مليون ناخب

ودعي 55 مليونا و319 ألفا و222 ناخبا تركيا من التصويت للاستفتاء الدستوري السابع، في 167 ألفا و140 صندوقا بجميع ولايات البلاد، فيما جرى تخصيص 461 صندوقًا لأصوات النزلاء في السجون.

إجراءات أمنية

وكشف وزير الداخلية سليمان صويلو أنه تم تكليف 251 ألفا و788 عنصرا من الشرطة و128 ألفا و455 من الدرك للمشاركة في تأمين مراكز الاقتراع يوم الاستفتاء، لافتا إلى أنه تم أيضا تخصيص نحو 51 ألفا من "حراس الأمن" (عناصر محلية متعاقدة مع الدولة لمكافحة الإرهاب) في 26 ولاية، فضلا عن قرابة 18 ألف متطوع من تلك العناصر للمساهمة في حفظ الأمن خلال عملية التصويت.

وذكرت وكالة أنباء الأناضول أن 33 ألفا و600 شرطي سينشرون اليوم في إسطنبول لضمان حسن سير الاقتراع.

إردوغان

وكثف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان جهوده أمس، وعقد 4 مهرجانات انتخابية لكسب أصوات الناخبين عشية الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي تعزز صلاحياته الرئاسية، ومن شأنها أن تكتب اسمه في سجلات التاريخ، في حال فوزه، أو تؤذن بأفول نجمه الذي هيمن على الساحة السياسية التركية على مدار الأعوام الـ15 الماضية منذ تولى رئاسة الوزراء بين 2003 و2014، قبل أن ينتخب رئيسا.

وشارك إردوغان بأربع مسيرات في إسطنبول انتهت قبل الساعة 6 مساء بالتوقيت المحلي، وهو الموعد النهائي للحملات الانتخابية، فيما شارك رئيس الوزراء بن علي يلدريم في خمسة تجمعات كلها في إسطنبول، بهدف اقناع أكبر عدد ممكن من الناخبين الذين مازالوا مترددين قبل التصويت الذي تبدو نتائجه غير محسومة.

وقال الرئيس البالغ من العمر 63 عاما في أول مهرجان أمس: "إن شاء الله سيكون غدا يوم عيد لتركيا"، داعيا الأتراك إلى التوجه إلى مراكز الاقتراع للتصويت بـ "نعم".

وعقد مسؤولون من حزب "العدالة والتنمية" الحاكم اجتماعات خلال المرحلة الأخيرة من السباق الذي يشهد منافسة شديدة، فيما تشتكي القوى المعارضة للتعديلات الدستورية من قيود فرضت على أنشطتها بسبب ما وصفته بـ "وجود تحيز قوي في وسائل الإعلام لمصلحة الحكومة".

وبعد 9 أشهر على محاولة الانقلاب على إردوغان، دعي الأتراك إلى التصويت، اليوم، على الإصلاح الدستوري، الذي ينص خصوصا على إلغاء منصب رئيس الوزراء لمصلحة تعزيز موقع الرئيس الذي سيمتلك صلاحيات واسعة.

ويجري الاستفتاء أثناء حالة طوارئ صارمة فرضت بعد محاولة الانقلاب. وفي ظل سجن عشرات الآلاف، ومن بينهم العشرات من الصحافيين، فضلا عن إغلاق مؤسسات إعلامية.

وتؤكد الحكومة أن التعديل لابد منه لضمان استقرار البلاد، والسماح لها بمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية. لكن المعارضة ترى في ذلك جنوحا إلى التسلط من قبل رجل تتهمه بالسعي إلى إسكات كل الانتقادات، خصوصا منذ المحاولة الانقلابية التي قام بها عسكريون في 15 يوليو الماضي.

تحالف ومخاوف

ويدعم "العدالة والتنمية" الإسلام المحافظ الحاكم مع حزب "العمل القومي" التعديلات الدستورية. وهذا التحالف ضروري لكنه هش، إذ إن القوميين منقسمون بشأن التعديلات التي قد تسمح لإردوغان بالبقاء في السلطة حتى 2029.

واضطر الرئيس أمس الأول لطمأنة حلفائه القوميين، بعدما اتهم زعيم "العمل القومي" دولت بهجلي أحد مستشاري إردوغان بأنه اعتبر أن الفدرالية احتمال قائم بعد الاستفتاء. وقال الرئيس التركي: "لا يوجد شيء من هذا القبيل".

ويعارض حزب "العمل القومي" أي شكل من أشكال الفدرالية يمنح المناطق الكردية في جنوب شرق البلاد نوعا من الحكم الذاتي.

ويرى المراقبون أن نتيجة الاستفتاء سيحددها إلى حد كبير الناخبون القوميون الذين يعارضون أي تنازل للأكراد، ويخشون أن يلين إردوغان موقفه من هذه المسألة بعد الاستفتاء.

وفي مؤشر إلى القلق الذي يشعر به القادة الأتراك من تصريحات بهجلي، أكد رئيس الوزراء أنه سيقدم استقالته فورا "إذا كانت هناك مادة واحدة في التعديل الدستوري تمهد لدولة فدرالية".

ويشغل الأمن حيزا كبيرا في تنظيم الاستفتاء، إذ إن السلطات تضاعف الاعتقالات في أوساط الجهاديين بعد سلسلة اعتداءات وهجمات في الأشهر الـ18 الأخيرة تم تحميل مسؤوليتها إلى مقاتلي تنظيم "داعش" والمقاتلين الأكراد من حزب "العمال الكردستاني" المحظور.

حملات أشرس

في غضون ذلك، وفيما يتخوف البعض من إمكان شن السلطات التركية لحملة تطهير أشرس في حال تم إقرار التعديلات الدستورية التي تعطي رئيس الجمهورية صلاحيات كاسحة، فتح المدعي العام التركي تحقيقا بشأن عدد من الشخصيات الأميركية، من بينها زعيم الأقلية الديمقراطية بمجلس الشيوخ، تشارلز شومر، وممثل الادعاء السابق، بريت بهارارا، إضافة إلى اثنين من الشخصيات البارزة في وكالة الاستخبارات الأميركية (سي.آي.إيه) بعد تقديم شكوى جنائية قدمتها مجموعة من المحامين الأتراك تتهمهم بالارتباط برجل الدين التركي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن، الذي سبق أن اتهمه إردوغان بتدبير محاولة الانقلاب.

في موازاة ذلك، أصدرت إحدى محاكم إسطنبول أمس، أمرا بالقبض على 12 صحافيا كانت قد أفرجت عنهم مارس الماضي، في إطار تحقيقات حكومية بشأن محاولة الانقلاب.

إردوغان ينبش التاريخ ويسمي أوروبا «الرجل المريض»

عمد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى تأجيج التوترات بين بلاده والاتحاد الأوروبي، عندما نعت التكتل بـ"الرجل المريض"، وهو الوصف الذي اشتهرت به الامبراطورية العثمانية منذ منتصف القرن التاسع عشر، عندما تكبّدت خسائر متتالية وفقدت أراضيها لمصلحة الدول الأوروبية التي خططت فيما بينها لاقتسام أملاكها الممتدة على ثلاث قارات.

وفي كلمة أمام آلاف من مؤيديه عشية الاستفتاء الذي يجري اليوم لتوسيع صلاحياته، تعهد إردوغان بإعادة النظر في علاقات بلاده مع التكتل، منتقداً قواعد عضوية الاتحاد الأوروبي المعروفة بمعايير كوبنهاغن.

وكان إردوغان صرح في مارس الماضي بأنه قد يجري استفتاء بشأن مواصلة محادثات عضوية الاتحاد الأوروبي التي بدأت في عام 2005، وسيعزز فوزه في الاستفتاء الذي يجري اليوم وضعه داخلياً في التعاملات مع الاتحاد.

وتركيا عضو في حلف شمال الأطلسي "ناتو"، وشريك مهم للاتحاد الأوروبي في اتفاق خاص باستضافة ملايين من اللاجئين الذين فروا من سورية بسبب الحرب الدائرة منذ ستة أعوام.

وجاء تصعيد إردوغان بعد يوم من هجوم شنه الرئيس التركي على منظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي انتقدت الجو السياسي المشحون في تركيا عشية الاستفتاء.

وقال مخاطباً المنظمة: "من أنتم؟ عليكم قبل كل شيء أن تعرفوا حدودكم، وهذا الأمر لا يعنيكم".