من قريتين صغيرتين تبعدان عن مدينة قنا، "أقصى جنوب الصعيد"، نحو 45 كيلومترا، نشأ الإرهابيان محمود مبارك ابن قرية "الشويخات" المتهم بتفجير "الكنيسة المرقسية" في الإسكندرية عبر ارتدائه حزاماً ناسفاً، وممدوح بغدادي، ابن القرية المجاورة لها "الظافرية"، والمتهم بتفجير كنيسة طنطا، الأحد الماضي.

قريتان بسيطتان يبحث أغلب أبنائهما عن قوت يومهم، وسط الأراضي الزراعية حيث يعملون مزارعين، منهم من يبقى مزارعاً، ومنهم من يغادر للدراسة والبحث عن فرصة عمل في الخارج، وهو ما نجح فيه المتهم محمود مبارك، بعدما سافر إلى إحدى دول الخليج للعمل بإحدى شركات البترول، ووصل راتبه هناك إلى ما يعادل 40 ألف جنيه مصري، شهرياً.

Ad

أما المتهم الثاني ممدوح البغدادي، فكان ميسور الحال، بعدما ذاع صيته بين مدرسي الدروس الخصوصية، الذين يفضلهم التلاميذ نظراً لمهارته في التدريس، على الرغم من فصله من المدرسة التي عمل بها مدرساً للرياضيات، بسبب كثرة انقطاعه وتغيبه عن العمل، فيما اختفى المتهمان، اللذان كانا صديقين، من قريتيهما منذ نهاية العام الماضي بعد القبض على صديقهما الثالث حمادة جاد، من قبل قوات الأمن.

ووفقاً لروايات أهالي القريتين، لم تكن علاقة محمود وممدوح هي صداقة وليدة اعتناق الفكر الجهادي فحسب، لكنها كانت صداقة ممتدة منذ سنوات الطفولة، حيث اعتادا معاً تأدية الصلاة في زاوية خارج القرية، وبدأ اعتناقهما الأفكار المتطرفة عام 2010، وتم القبض عليهما قبل ثورة 25 يناير 2011، قبل أن يخرجا بعدها ويتم القبض عليهما منذ نحو عامين.

يسر الحال بعد معاناة عائلتي ممدوح ومحمود لم يكن سبباً كافياً لتغيير حياتهما للأفضل، فدخل الاثنان في خلافات مع أئمة المساجد، وقاما بتكفيرهم وأصبحا يرفضان الصلاة داخل المساجد، وحاولوا نشر أفكارهما بين أهالي القرية، على الرغم من بقاء محمود فترات طويلة خارج البلاد بحكم طبيعة عمله، حيث تنقل بين عدة دول خلال عمله على حفار لاستخراج البترول.

تحول ممدوح ومحمود بحسب أصدقائهما في القرية كان مفاجئاً للجميع، على الرغم من حسن أخلاقهما التي يشهد بها الجميع، ومعاملتهما الجيدة للمحيطين، كما أن محمود كان يلعب في فريق قريته لكرة القدم، وخلال العامين الأخيرين أصبح نادر الظهور في القرية، ولا يقوم بزيارة والدته المريضة وشقيقته إلا نادراً.