أصدرت محكمة الاستئناف، دائرة الطعون بأحكام الجنح المستأنفة (التمييز) الثانية برئاسة المستشار نجيب راشد ملا، وكيل المحكمة، وعضوية المستشارين هشام أحمد ومسلم الشحومي ومحمد بعث الله وطارق أبوعيدة، حكما ببراءة متهم وافد طاعن في السن من القتل الخطأ بسيارته أثناء سيرها بنهر الطريق مكان وقوع الحادث.

وكان المتهم الطاعن قد أدين بحكم قضائي بأول درجة بحبسه شهرا مع الشغل والنفاذ، ولم يرتض المتهم ذلك الحكم، فطعن عليه بالاستئناف، وأصدرت محكمة الجنح المستأنفة السابعة على إثر الطعن بالاستئناف حكما بتعديل حكم أول درجة بالإلغاء، والقضاء بحبس المتهم الطاعن أسبوعين مع الشغل والنفاذ، وذلك من خلال التعويل على تقرير الخبير الفني- اللجنة الثلاثية – الذي انتهى إلى أن المسؤولية بالحادث تقع على عاتق المتهم الطاعن، مما تستخلص منه المحكمة توافر ركن الخطأ في جانب المتهم، ومن ثم قيام مسؤوليته عن الحادث، والذي نتج عنه وفاة المجني عليه، حيث لم يرتض المتهم ذلك الحكم.

Ad

تشكيك بالأدلة

وتقدم المحامي مجبل البذال بمذكرة دفاع احتوت على أسباب الطعن على الحكم الاستئنافي، شارحا لعدالة المحكمة أوجه الخطأ القانوني، وكذلك التشكيك بأدلة الاتهام وهدم أركان الجريمة بعناصرها، ذاكراً في دفاعه القانوني أنه لا يجوز التعويل على تقرير الخبير الفني أو تقرير الطب الشرعي أو مخطط الحادث وحدها في إدانة الأشخاص، ولا يمكن أن يكون أي من تلك الأدلة قرينة أو دليلا أساسيا على ثبوت الاتهام، أي لابد من مساندة تلك الأدلة بأخرى حتى تقتنع المحكمة بإدانة أي متهم.

واستجابت المحكمة التي أصدرت حكما بالبراءة من خلال ترسيخ مبدأ مهم من مبادئ القضاء الجزائي، وهو الأول من نوعه بحكمها الفريد، من خلال حكمها العادل باعتبار أنها محكمة قانون، وإن دل ذلك فإنما يدل على الفهم العميق والقانوني لعدالة المحكمة، لتعطي درساً في تتطبيق القانون من خلال ما جاء بحيثياتها وأسباب حكمها بأن تقرير الطب الشرعي وتقرير الخبير الفني ومخطط الحادث لا تصلح جميعها ووحدها لأن تكون قرينة أو دليلا أساسيا على ثبوت الاتهام، حيث لابد أن تكون تلك العناصر والأدلة معززة بأدلة أخرى، وإلا كان حكم محكمة الموضوع معيبا ويستوجب تمييزه، وهو ما قضت به الدائرة التي أصدرت حكما بالبراءة، فكان الحكم عنوانا للحقيقة، ودرسا في أصول القضاء الجزائي.