في اقتراع تاريخي وضع حداً لنظام برلماني يرجع إلى امتداد تاريخ جمهورية تركيا الحديثة، انتزع الرئيس رجب طيب إردوغان صلاحيات السلطة التنفيذية كاملة، بأغلبية غير مريحة، تجلت في تصويت أكثر من نصف الناخبين في مركز ثقله مدينة إسطنبول، على رفض التعديلات الدستورية وتحويل البلاد إلى النظام الرئاسي.ووفق النتائج غير الرسمية، فإنه من إجمالي نحو 55.3 مليون تركي يحق لهم الاقتراع، صوّت أكثر من 24 مليوناً بنسبة 51.25% بـ «نعم» على التعديلات، التي تضع بين يدي إردوغان صلاحيات واسعة تخوله إقالة الوزراء وكبار الموظفين الحكوميين والتدخل المباشر في عمل القضاء عبر تعيين 6 من أعضاء المجلس الأعلى المعني بتعيين المدعين العامين بشكل مباشر أو غير مباشر.
ورفض التعديلات، التي سيُلغَى بموجبها منصب رئيس الحكومة وتمهد لبقاء إردوغان البالغ من العمر 63 عاماً، نظرياً في السلطة حتى 2029، نحو 23 مليون ناخب بنسبة 48.75%، كان أبرزهم في إسطنبول، أكبر مدن تركيا ومركز ثقل حزب العدالة والتنمية وإردوغان، إلى جانب أنقرة، التي اختارها مؤسس الجمهورية العلمانية مصطفى كمال أتاتورك في 27 ديسمبر 1919 مركزاً لحركة المقاومة والدفاع. وفي الإجمال، شارك نحو 86 في المئة من الناخبين الأتراك المسجلين في الاستفتاء، الذي لم يعتبره إردوغان عملية اقتراع «عادية»، بل عده «تغييراً لنظام الحكم وتصويتاً من أجل المستقبل والقفز إلى الأمام».وقبل إعلان رئيس الوزراء بن علي يلدريم، في كلمة من مقر «العدالة والتنمية» بأنقرة، الفوز، اتصل إردوغان برئيس الحكومة وزعيم حزب «الحركة القومية» المعارض للتهنئة، مؤكداً أن «نتيجة الاستفتاء واضحة».
في المقابل، اشتكى نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، أردال أكسونجور، أكبر الأحزاب المعارضة، من ممارسات غير قانونية تخللت عملية الفرز، مشيراً إلى أنه سيتقدم بطلب للنائب العام لإعادة فرز نحو 60% من الأصوات.كما نبهت جمعية حقوق الإنسان «آي إتش دي» إلى مخالفات في خمس مقاطعات، شملت منع مراقبي الانتخابات المنتسبين إلى حزب «الشعوب الديمقراطي» المؤيد للأكراد من دخول مراكز الاقتراع، وإجبار ناخبين على الإدلاء بأصواتهم علناً.وفي ولاية ديار بكر، ذات الأغلبية الكردية، أسفر اشتباك، أمام مركز اقتراع، استُخدِمت فيه السكاكين والأسلحة النارية، عن مقتل شخصين وإصابة ثالث.وفي قرار رفضته المعارضة، أعلن المجلس الانتخابي الأعلى أنه سيحتسب أيضاً بطاقات التصويت التي لا تحمل الختم الرسمي لمكتب الاقتراع، وذلك بعد تلقيه شكاوى عدة من أن بعض الناخبين شوهدوا يتسلمون بطاقات تصويت لا تحمل هذا الشعار.