تركيا تمدد «الطوارئ»... والمعارضة تطالب بإلغاء الاستفتاء

• لجنة الانتخابات تنفي حدوث تزوير وتنظر الاعتراضات... و«العدل» تبدأ تعديل 7 قوانين في الدستور
• أوروبا: النتائج المتقاربة تظهر انقسام الأتراك
• إيران وروسيا تدعوان إلى عدم التدخل بالشؤون التركية

نشر في 17-04-2017
آخر تحديث 17-04-2017 | 20:20
إردوغان لدى وصوله إلى ضريح السلطان سليم الأول حاكم الإمبراطورية العثمانية ما بين 1512 و1520 في إسطنبول اليوم (أ ف ب)
إردوغان لدى وصوله إلى ضريح السلطان سليم الأول حاكم الإمبراطورية العثمانية ما بين 1512 و1520 في إسطنبول اليوم (أ ف ب)
صعدت المعارضة التركية اليوم، تشكيكها في صحة فرز بطاقات استفتاء تعديلات الدستور وطالبت بإلغاء النتائج التي جاءت متقاربة وأقرت بموجبها التعديلات، التي تحول نظام الحكم إلى رئاسي، وبينما اتسمت ردود فعل دول الاتحاد الأوروبي تجاه نتيجة الاستفتاء بالتوجس والتخوف من الانقسام الشعبي في تركيا، طالبت روسيا وإيران بعدم التدخل في الشأن الداخلي التركي.
غداة إجراء تركيا لاستفتاء تاريخي على تعديلات دستورية تقدم بها حزب "العدالة والتنمية" الحاكم لتغيير نظام الحكم المعمول به من البرلماني إلى الرئاسي، وأظهرت النتائج الأولية فوزاً ضئيلاً للمعسكر المؤيد، طالب بولنت تزجان نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري (أكبر أحزاب المعارضة)، اليوم، بإبطال نتائج الاستفتاء، التي تعطي الرئيس رجب طيب إردوغان سلطات كاسحة، قائلاً إنه سيطعن في العملية أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إذا اقتضى الأمر.

وقال تزجان، إن الحزب تلقى شكاوى من عدة مناطق، عن عدم تمكن الناخبين من التصويت في سرية، مضيفاً أن بعض عمليات الفرز تمت في السر.

واعتبر قرار لجنة الانتخابات العليا القاضي بقبول بطاقات اقتراع غير مختومة، بمنزلة مخالفة صريحة للقانون.

ورأى خلال مؤتمر، أن "القرار الوحيد الذي سينهي الجدل بشأن شرعية التصويت وعملية فرز الأصوات وتهدئة مخاوف الناس القانونية هو أن تبطل لجنة الانتخابات هذه النتائج".

وأكد أن الحزب سيقدم شكوى لسلطات الانتخابات البلدية ولجنة الانتخابات، وبحسب نتيجة الشكاوى، سيتوجه إلى المحكمة الدستورية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وغيرها من الجهات المعنية.

صعوبة التزوير

في المقابل، أكد رئيس اللجنة العليا للانتخابات سعدي غوفن اليوم، صعوبة وقوع أي تزوير في بطاقات الاقتراع، التي استخدمت اليوم الأول بالاستفتاء الشعبي "خصوصاً أنها مصنوعة من طرفنا ومن ورق خاص".

وطمأن المواطنين الأتراك أنه في حال وقع أي تزوير يمكن كشفه فوراً بالتالي لا يتم احتسابه بنتائج الاستفتاء.

كلام غوفن جاء خلال تصريحات رداً على قول زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال قلجدار أوغلو، إن "اللجنة العليا للانتخابات قررت اعتماد البطاقة الانتخابية والظرف، غير الممهورة بختم لجان الصناديق، بعيد بدء الاقتراع في الاستفتاء".

وفي سياق تأكيد عدم إمكانية وقوع أي تزوير، شدد غوفن على أن "لجان الصناديق تتحقق من هويات المقترعين وتقارنها بقوائم قيود سكان كل منطقة، قبل عملية التصويت".

وأوضح أن "البطاقات الانتخابية والظروف مصنوعة من قبل اللجنة العليا للانتخابات من أوراق خاصة كتلك التي تُصّنع منها العملات الورقية، ومرفقة بختم اللجنة".

ونفى غوفن أن يكون قرار اعتماد البطاقات الانتخابية والظروف التي تخلو من ختم لجان الصناديق أتى بعيد بدء عملية التصويت، قائلاً إن "القرار اعتمد قبل دخول أي صوت في صناديق الاقتراع، ولا يمكن تحميل هذا القرار أي معنى آخر".

وشدد على أنّ "البطاقات والظروف التي قد تكون مزورة لا تحسب في عملية التصويت".

وكان غوفن أعلن،مساء أمس، أن مجموع المصوتين بـ"نعم" في الاستفتاء على التعديلات الدستورية بلغ 24 مليوناً و763 ألفاً و516 مقترعاً، أي نحو 51.25 في المئة، والمصوتين بـ"لا" 23 مليوناً و511 ألفاً و155 مقترعاً أي نحو 48.75 في المئة.

وأضاف غوفن، أن النتائج النهائية للاستفتاء ستُعلن خلال 11 أو 12 يوماً كحد أقصى، بعد النظر في الاعتراضات المقدمة.

تمديد وتعديل

في غضون ذلك، شرعت وزارة العدل التركية، في تعديل 144 مادة في 7 قوانين في دستور البلاد، لتتواءم مع التعديلات الدستورية الجديدة عقب الموافقة عليها بالاستفتاء الشعبي.

ومن بين القوانين التي ستعدلها الوزارة، قانون الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وسجلات الناخبين، والأحزاب السياسية، والمجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين، وقانون القضاء العسكري.

ومن جهة أخرى، مددت الحكومة التركية خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي اليوم حالة الطوارئ المفروضة منذ الانقلاب الذي فشل في يوليو الماضي.

توجس أوروبي

في الأثناء، اتسمت ردود الفعل الأوروبية تجاه نتيجة الاستفتاء التركي بالتوجس. وقالت المفوضية الأوروبية،مساء أمس، إنه يتعين على أنقرة السعي إلى تحقيق إجماع وطني واسع على التعديلات الدستورية التي تمثل أكبر تحول في تاريخ تركيا نظراً إلى الفارق الضئيل الذي فاز به معسكر "نعم".

واعتبرت ألمانيا أن النتائج المتقاربة للاستفتاء تلقي على عاتق إردوغان مسؤولية كبيرة وتظهر مدى انقسام المجتمع التركي.

في السياق أشارت المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل ووزير الخارجية زيغمار غابرييل إلى أنه يتعين على السلطات التركية تهدئة المخاوف بشأن مضمون الاستفتاء وإجراءاته التي أثارتها لجنة من الخبراء القانونيين الأوروبيين.

وقالا في بيان "الحكومة الألمانية تحترم حق المواطنين الأتراك في اتخاذ قرار بشأن نظامهم الدستوري". وأضاف البيان أن الحكومة الألمانية تتوقع من الحكومة التركية أن تجري "حواراً محترماً" مع كل أطياف المجتمع التركي وكل أطراف المشهد السياسي بعد حملة صعبة للترويج للاستفتاء.

وفي مارس الماضي، قالت "لجنة البندقية"، وهي لجنة من الخبراء القانونيين في مجلس أوروبا، إن "التعديلات المقترحة على الدستور" التي تعزز صلاحيات إردوغان تمثل "خطوة خطيرة إلى الوراء" بالنسبة للديمقراطية.

وسلطت ميركل وغابرييل الضوء على تحفظات اللجنة وقالا إنه يتعين على تركيا، كعضو في "مجلس أوروبا" ومنظمة "الأمن والتعاون في أوروبا" وكدولة مرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، أن تسعى لمعالجة هذه المخاوف بسرعة.

وتابع بيان ميركل وغابرييل "يجب إجراء نقاشات سياسية بهذا الشأن في أسرع وقت ممكن على مستوى ثنائي وبين المؤسسات الأوروبية وتركيا".

من جانب آخر، حذرت فرنسا اليوم، بأنه في حال نظمت تركيا استفتاء حول معاودة العمل بعقوبة الإعدام، فإن ذلك سيكون "ابتعاداً عن القيم الأوروبية" والتعهدات التي اتخذتها أنقرة في إطار عضوية بمجلس أوروبا، وذلك بعدما أعلن إردوغان عن احتمال الدعوة إلى مثل هذا الاستفتاء.

وأشار بيان للرئاسة الفرنسية إلى أن الأرقام المعلنة بعد الاستفتاء والاحتجاجات الواردة عليها تظهر أن المجتمع التركي منقسم حول الإصلاحات العميقة المقررة.

وتحدث إردوغان،مساء أمس، عن إمكانية تنظيم استفتاء جديد حول معاودة العمل بعقوبة الإعدام بموافقة المعارضة.

من جانب آخر، هنأت المملكة العربية السعودية الرئيس التركي بنتائج الاستفتاء وأعربت عن أملها في أن تسهم التعديلات في مزيد من الإنجازات التنموية.

من ناحيتها، أكدت إيران احترامها لتصويت الشعب التركي في الاستفتاء، ودعت الى عدم التدخل بالشؤون الداخلية لتركيا فيما حثت الحكومة الروسية على احترام نتائج الاستفتاء باعتبارها من "أعمال السيادة".

انتعاش الأسهم والليرة

شهدت سوق الأسهم والليرة التركية تحسناً، اليوم، بعدما فاز الرئيس رجب طيب اردوغان بفارق ضئيل في استفتاء على تعديل دستوري يوسع صلاحياته، وسط آمال المستثمرين بأن تعزز النتيجة الاستقرار في البلد الذي عانى اضطرابات العام الماضي.

وارتفع سعر الليرة التركية مقابل الدولار بنسبة 1.6 في المئة، فجرى تداول الليرة عند 3.67 للدولار في تمام الساعة 8.00 (ت غ).

وكانت العملة التركية فقدت أربعة بالمئة من قيمتها مقابل الورقة الخضراء، إثر عدم الاستقرار السياسي، ما جعل منها أسوأ عملة سوق ناشئ أداء لعام 2017.

وراهن عدد كبير من المستثمرين على رجوح كفة "نعم" في الاستفتاء كأفضل طريقة لضمان عودة الاستقرار الاقتصادي والسياسي.

وارتفع سوق أسهم اسطنبول بعد النتيجة بنسبة 0.74 في المئة مع بدء التداول. وبحلول الساعة الثامنة بتوقيت غرينتش، ارتفعت الأسهم بنسبة 0.6 في المئة.

وقال الخبير الاقتصادي الكبير في مجموعة "بي جي سي بارتنرز" في إسطنبول، ازغور التوغ إن "السوق سيرحب على الأغلب باستمرار الاستقرار وتقلص فرص إجراء انتخابات مبكرة". إلا أنه أكد أنه لا يتوقع حدوث تغيرات كبيرة، رغم ترحيب الأسواق بالنتيجة على المدى القريب.

ويواجه إردوغان عددا من المشاكل الاقتصادية بينها ارتفاع بمستويات التضخم والبطالة، خاصة في أوساط البالغين من العمر بين 15 و24 عاما.

وأشارت أرقام صدرت الاثنين إلى ارتفاع نسبة البطالة في يناير إلى 13 في المئة، في زيادة بـ1.9 نقطة مئوية مقارنة بالفترة نفسها من عام 2016، وفقاً لمكتب الاحصائيات التركي.

فرنسا محذرة إردوغان من إعادة عقوبة الإعدام: «تبعدكم عن قيم أوروبا»
back to top