قبل خمسة أيام من الدورة الأولى لانتخابات رئاسية يتعذر التكهن بنتائجها، أوقفت قوى الأمن الفرنسية رجلين «متشددين» أمس، في مرسيليا جنوبي البلاد للاشتباه بتحضيرهما لاعتداء «وشيك».

وأفاد مصدر قريب من الملف بأن الموقوفين هما الفرنسيان كليمان ب. (22 عاماً) ومحي الدين م. (29 عاماً) اعتقلا لوقائع «ذات طابع إرهابي». فقد أنذرت السلطات الأسبوع الفائت فرق حملات المرشحين المحافظ فرنسوا فيون واليمين المتطرف مارين لوبن والوسطي إيمانويل ماكرون بهذا الشأن.

Ad

وصرح وزير الداخلية ماتياس فيكل بعد توقيف الرجلين «المعروفين بتشددهما» لدى السلطات بأن الموقوفين كانا يخططان لاعتداء «مؤكد» في الأيام التالية.

وأكد الوزير «بذل كل الجهود لضمان أمن هذا الموعد الكبير» أي الانتخابات الرئاسية المقررة في 23 ابريل للدورة الأولى، و7 مايو للدورة الثانية.

وسينشر أكثر من 50 ألف شرطي وجندي لضمان الأمن أثناء الاستحقاق الذي يبدو صعباً في الدورة الأولى بين أربعة مرشحين من اليمين المتطرف واليمين والوسط واليسار المتطرف.

بعد صدور اتهامات بشأن وظائف وهمية بحق فيون وكذلك لوبن، وبروز الشاب «التقدمي» الخارج عن اصطفافات اليسار أو اليمين إيمانويل ماكرون، وكاريزما الخطيب المفوه لليسار المتشدد جان لوك ميلانشون يبدو الناخبون الفرنسيون مرتبكين فيما أكد حوالي 30 في المئة منهم عجزهم عن الاختيار.

وفي الأيام الأخيرة تقلصت الفوارق بين المرشحين. وكتبت صحيفة ليبراسيون أمس: «أحجية بأربعة رؤوس» في اختصار لوضع «غير مسبوق ولا يعقل» في البلد بعد حملة تخللتها مفاجآت.

وقال فريديريك دابي من معهد إيفوب للاستطلاعات «في جميع الانتخابات الرئاسية السابقة تقريباً اتضحت تركيبة الدورة الثانية اعتباراً من فبراير أو مارس». وأضاف: «لكن المواجهة بأربعة لاعبين تقاربت نتائجهم كثيراً بين 19 و23 في المئة أمر غير مسبوق».

وسط هذه الأجواء يضاعف المرشحون الجهود لإقناع الناخبين المترددين وكذلك الذين قد يمتنعون عن التصويت.

وأضاف دابي، أن «العنصر الأهم هو سلوك الممتنعين عن التصويت» الذين يفوق عددهم حالياً ما بلغه في أي استحقاق سابق. وأضاف أن هؤلاء شكلوا «20 في المئة في 2012 و18 في المئة في 2007 وباتوا حالياً في محيط 30 في المئة».

وأمس الأول، أجرى ماكرون جولة في أروقة سوق الجملة في رونجي جنوب باريس غداة تجمع شارك فيه 20 ألفاً من مؤيديه في العاصمة، فيما توجه فيون «المقتنع بتأهله للدورة الثانية» إلى شمال فرنسا.

أما ميلانشون، الذي قام بنزهة الاثنين على عبارة في منطقة باريس، فيستعد للمشاركة في لقاء سيتم نقله بالصورة التجسيمية (هولوغرام) بشكل متزامن في ست مدن.

كذلك تتجه لوبن إلى مدينة مرسيليا المتوسطية، التي تعتبر أحد معاقلها غداة تشديد نبرتها ومطالبتها بـ»تعليق الهجرة القانونية».

وقد يضاعف بروز الخطر الأمني خطر العزوف عن الاقتراع. ويظهر بحث رويترز في الانتخابات السابقة، أنه كلما كانت نسبة الإقبال أقل في الجولة الأولى زاد الغموض بشأن أي المرشحين سيخوض جولة الإعادة في السابع من مايو.

واستناداً إلى الماضي، فإن الإقبال سيكون المتغير الرئيسي. ففي الانتخابات الماضية انخفض مستوى الحاجز، الذي يتعين على المرشحين تخطيه للتأهل للجولة الثانية مع زيادة معدل الامتناع عن التصويت في الجولة الأولى.

وقالت مؤسسة يونيجستشن السويسرية لإدارة الصناديق، التي تدير 23 مليار يورو (24.5 مليار دولار)، في مذكرة بحثية «هذا (التقارب) يثير خطر حدوث مفاجأة لأنه يقلل بصورة كبيرة الأصوات اللازمة للوصول إلى الجولة الثانية».

وكانت أقل نسبة أصوات يحصل عليها المرشحان المؤهلان لجولة الإعادة في الانتخابات الفرنسية منذ 1965 هي 25 في المئة في المتوسط. بيد أن جان ماري والد لوبن تأهل في 2002، عندما كان زعيماً للحزب الذي سيطرت عليه في 2011، بأصوات بلغت نسبتها فقط 16.9 في المئة، وهو مستوى متدن قياسي للتأهل بفعل معدل امتناع قياسي عن التصويت بلغ 28 في المئة، مما أثبت أن الاستطلاعات في ذلك الوقت كانت خاطئة على نحو محرج.

ويعني هذا أنه كلما تزايد عدد الأشخاص، الذين لا يصوتون كلما تراجع حد التأهل للجولة الثانية.