لا أريد أن أضع نفسي محل الخبراء الدستوريين، ولا أريد أن أزايد على الإخوة النواب ولا على توقيت تقديمهم للاستجواب، ولا عن الهدنة التي أعطوها للحكومة، فكل ذلك لا يعني شيئاً أمام حق النائب في مادة الاستجواب الذي كفله الدستور له، ولكن قبل ذلك هناك مجموعة من الأسئلة يطرحها الشارع حول الجدية والهدف من تقديمها إلى رئيس مجلس الوزراء في حين تدخل أغلب المحاور ضمن اختصاص وزرائه. أياً كانت مجريات هذا الحق الدستوري، سواء بصعود الرئيس المنصة وتفنيده ما جاء في صحيفة الاستجواب، أو لجوئه إلى طلب التأجيل وفق المدة الدستورية، أو بطلب تحويلها إلى المحكمة الدستورية، أو للجنة التشريعية، أو التصويت على مناقشتها بالسرية، فكل ما سبق له سوابق، وحتى هذه اللحظة لا نتمنى أن نسمع أي تنبؤات حول حل المجلس أو الدفع إلى ذلك مهما كانت المبررات.
الأصل في النظام الديمقراطي قبول كل الآراء ما دامت تدور في فلك الصلاحيات الدستورية، فرغبة البعض شيء والالتزام بقواعد العمل الديمقراطي شيء آخر ما دامت هناك لوائح يمكن الاحتكام إليها داخل قبة عبدالله السالم. الكلفة السياسية لحل المجلس ليست بالأمر الهين، والمراهنة على تغيير التركيبة البرلمانية للمجلس القادم ضرب من الخيال، ولمن يقرأ جيداً فإن عليه النظر والتمعن في مخرجات المجلس الحالي لمعرفة مزاج الشارع، وحتى إن تغيرت بعض الأسماء فلن يتغير معها النوع، وأصوات الناخبين منقسمة بين نواب معارضة ونواب موالاة ونواب معاملات يمشون تحت الساس.أرجع إلى محور الاستجواب الأول الذي أشغل الرأي العام بين مؤيد ومعارض بعد إصرار السلطة على الانفراد دون غيرها فيما يتعلق بمراسيم أو قرارات سحب أو إسقاط أو إفقاد الجنسية الكويتية عن بعض حامليها، والذي اعتبره السادة النواب مخالفاً للمعاهدات والمواثيق الدولية، وانتهاكاً للحقوق المدنية والسياسية للمواطن بعدم تمكينه من الترافع أمام القضاء الكويتي.المستغرب في هذا المحور أن أهميته لا تكمن في بسط سلطة القضاء لكن في رأي النواب الذي أسقط القانون من الداخل، ولذلك كان من الأولى على السادة المستجوبين ومن يرى أهمية رفع ملف سيادة السلطة عن قوانين الجنسية أن يبادر إلى التنسيق، وإلى إيجاد صيغة توافقية مع زملائه لحشد الدعم الكافي لمثل هذا التعديل نحو تعزيز قيم المواطنة.بقية المحاور في كلا الاستجوابين قضايا مستحقة في إطارها العام، كقضية تكافؤ الفرص الوظيفية وشروط شغلها، وكذلك مراقبة الصرف العام ورفع الأعباء عن المواطنين وعدم الإخلال بمبدأ المساواة، وكذلك متابعة مؤشرات الأداء العامة للدولة ومحاسبة المفسدين والمقصرين، وإيجاد بدائل للدخل القومي، ومعالجة الخلل في التركيبة السكانية، وإيجاد فرص وظيفية حقيقية تكون داعمة للاقتصاد الوطني.كل تلك القضايا مستحقة، ويمكن حلها داخل مجلس الأمة دون اللجوء إلى مادة الاستجواب عبر تقديم القوانين والتشريعات اللازمة، إن كان القصد تحريك عجلة الاقتصاد في بيئة إدارية واجتماعية تسمح بمعالجة كل القضايا والمشاكل التي جاءت عليها صحيفتا الاستجواب المقدمة من السادة النواب.ودمتم سالمين.
مقالات - اضافات
صعود الرئيس
21-04-2017