الكويت أدمنت شراء الولاء السياسي على حساب تنافسية الاقتصاد
أصبحت مرتعاً للفساد ولم تسلم الهوية الوطنية من العبث
قال تقرير الشال الاقتصادي الاسبوعي ان قراءة التاريخ القديم والمعاصر تؤكد أن التنمية لا تنجح ما لم تكن قرينة دولة، والفشل في تحقيقها قرين الفشل في بناء الدولة، تلك الخلاصة مستمدة من مراجعة نحو 4 قرون لتاريخ العالم الحديث والقديم، وهي خلاصة كتاب جميل بعنوان "لماذا تفشل الأمم؟". ومن أهم أساسات أي دولة، نجاعة سياستها لضمان استقرارها المالي والاقتصادي، الاستدامة، وحياد وقوة شبكتها القانونية، وتعزيز قيمة المواطنة، أي الهوية، إلى حد التقديس، حتى أن بعض دساتير الدول تنص على تسيير أساطيلها دفاعاً عن مواطن. وأشار التقرير إلى أن ما يحدث للكويت معاكس تماماً لمتطلبات بناء أساسات دولة، فالحكومات المتعاقبة أدمنت شراء الولاء السياسي بالمال على حساب تنافسية الاقتصاد واستدامة مالية الدولة، وهي أداة مدمرة، التقطها معارضوها ومواليها على حد سواء، وأدمنوا استخدامها، وأصبحت الكويت حالياً في مأزق مالي واقتصادي. وطوعت الحكومة القوانين لخدمة أهداف خاصة على المدى القصير، والتقط الرسالة معارضوها ومواليها، وباتت القوانين تصاغ لمصلحة هذا الطرف أو ضد ذاك الطرف لمصلحة من هو في مركز قوة، لتحقيق مكاسب سياسية قصيرة الأمد، وأصبحت البلد مرتعاً للفساد، واهتزت قاعدة الدولة الثانية. ولم تسلم الهوية الوطنية من العبث، واستخدمت، ليس لتعزيز الانتماء للدولة، وإنما لترجيح طرف على آخر وفقاً للعبة السياسية في ظرف ما، ووصمت بالمنحة، أو المكافأة -بيت ووظيفة- للموالاة، حتى لو خالفت القانون مادامت الموالاة لطرف في السلطة، وأصبحت المتاجرة بها أداة متاحة لخصوم الحكومة وأعوانها.
الدول الحصيفة
وأضاف: إن اهتزت تلك القواعد الثلاث، اهتز كل البناء المقام عليها، وفي الدول الحصيفة، لا يسمح العقلاء باستمرار التعدي على تلك القواعد، والنموذج الصادم المطروح اليوم، هو ذلك الجدل حول السكان المواطنين الذي شارك فيه كل طرف، ما عدا الحكومة، حتى أعطى كل طرف نفسه الحق بالتفتيش عن أحقية الآخر بالمواطنة، وهي فتنة ما بعدها فتنة. وحسم هذا الجدل في غاية السهولة، وهو أن تتولى الحكومة عرض الأرقام الصحيحة، وهي تملكها، وتحصر حجم التلاعب في ملفات الجنسية، إن وجد، وتتعامل معه وفق القانون، وليس وفق الموقف السياسي. وحتى تقوم الحكومة بنشر أرقامها من أجل احتواء فتنة تمعن في تمزيق المجتمع أكثر مما هو ممزق، وفي ظل ظروف إقليمية قاتمة، وبمقارنتها بأرقام دول الإقليم، تؤكد أن حجم المشكلة أصغر بكثير مما هي في تقديرات البعض. واوضح التقرير ان معدلات النمو الطبيعي -أي الولادة ناقصاً الوفاة- حدودها البيولوجية القصوى هي 4 في المئة، ولكن لا أحد يصل بالزيادة الطبيعية إلى هذه النسبة، وجرت العادة أن يكون الحد الأقصى للنمو الطبيعي بحدود 3.6 في المئة، وسواء بلغت الزيادة هذا الحد الأقصى أو دونه، فما يزيد عنه ناتج عن الزيادة وفقاً للقانون أو التلاعب، أي التجنيس. والفصل بين النسبتين في غاية السهولة في أي دولة تهتم بالهوية وتحتفظ بسجلات صحيحة، ونحن نفترض وجودها في الكويت، وأرقام النمو السكاني في الكويت، ومن قراءة الأرقام المقارنة مع دول الجوار، من الواضح أن معدلات السكان للدول الصغيرة والثرية، ضمنه، أعلى من غيرها، نتيجة ما يسمى بأثر الثروة، وترتيب معدلات النمو السكاني للمواطنين، تضع الإمارات الأعلى نمواً، ثم قطر ثم الكويت، ولكن، بفروقات ليست كبيرة بينها، وبفروقات ليست واسعة عن الدول الثلاث الأخرى، بما لا يوحي أيضاً بفروقات فاحشة.وعليه، نعتقد بضرورة التهدئة، وندعو إلى تدخل حكومي عاقل وسريع بنشر الأرقام وتحليلها، وذلك كله لا يمنع أن يأخذ القانون مجراه، بدءاً بالمسؤول الذي أجاز التزوير أو تراخى في التدقيق، وانتهاء بالمزور. أما إقامة محاكم تفتيش يتولاها مواطنون، أو لجان تحقيق سياسية، فهي أولاً أسلوب لم ينجح في دول عظمى، وهي ثانياً عرضة لكم كبير من الكيدية والهوى السياسي، وحصيلتهما زرع الفرقة والأحقاد وفي بلد صغير لا يحتملها، في ظروف جيوسياسية هي الأسوأ أو الأخطر.
إقامة محاكم تفتيش لملف الجنسية يتولاها مواطنون أو لجان تحقيق سياسية لم تنجح في دول عظمى