الاستخبارات العراقية تعوّل على قائد «انسحاب داعش» لتجنيب الموصل الخراب الشامل
في خطوة أثارت اهتمام المراقبين، هبطت طائرة رئيس حكومة العراق حيدر العبادي في مطار الموصل الأربعاء الماضي، حيث المقر الجديد لقيادة العمليات في المدينة، وراح يتجول في مناطق لا تزال ضمن مدى صواريخ تنظيم داعش المتمسك بمواقعه على بعد بضعة كيلومترات، في وقت تكافح القوات العراقية لتحطيم تحصينات المسلحين، وعزل قلب الموصل القديم عن شمالها الغربي، بعد أكثر من ستة أشهر على المعارك.ووسط تباطؤ نسبي في المواجهات بسبب ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين العالقين في منطقة النزاع، رجحت مصادر قريبة من غرفة العمليات المشتركة أن تكون زيارة رئيس الحكومة ذات صلة بضرورة حسم المعارك تزامناً مع أول أيام شهر رمضان (بعد نحو أربعة أسابيع)، ليكون إسقاط دولة «داعش» متزامناً مع الذكرى الثالثة لإعلانها في جامع النوري بالموصل عام 2014.وبقي من الموصل 13 حياً سكنياً بيد «داعش»، وتشير التقديرات العسكرية إلى أن معظم هذه المناطق يتطلب مواجهات سهلة نسبياً، حيث الشوارع الفسيحة مكشوفة للطيران والقناصين في وحدات النخبة المدربة بشكل جيد على حرب الشوارع، في حين يبقى حي 17 تموز الذي دخل منه «داعش» إلى الموصل وقت احتلالها، وجزء من المدينة القديمة، ينطويان على صعوبات ومخاطرات، حيث دفاعات التنظيم المستحكمة في الأزقة الضيقة المزدحمة بنحو ربع مليون شخص باتوا بحكم الرهائن في قبضة مقاتلي التنظيم.
وسيعني حسم المعارك في المدينة القديمة خسائر إضافية بين المدنيين، ما يجعل بغداد تفكر في سيناريو يتيح لما تبقى من مقاتلي «داعش» الانسحاب، وسط رفض إيراني لهذا، إذ يُخشى أن يتسرب هؤلاء المنسحبون إلى سورية ليشكلوا مدداً في المعارك هناك ضد بشار الأسد.وتذكر مصادر قريبة من الاستخبارات العسكرية العراقية أن عمليات التنصت والمراقبة تفيد بأن قيادات التنظيم ناقشت مراراً إمكانية الهرب عبر البر الشمال الغربي، من خلال تشكيل رتل قتالي كبير يشق طريقه نحو الصحراء، تكراراً للسيناريو الذي اختتمت به معارك الفلوجة بالأنبار. ورغم أن الموصل تعد مطوقة تماماً، فإن التقديرات تفيد بأن التنظيم يمكنه اختراق تحصينات فرقة العباس القتالية المرابطة في الجزء الشمالي الغربي لأن أعدادها لا تكفي لحماية المنطقة المفتوحة على الصحراء.وإذا صدقت هذه التوقعات، فإنه يمكن تجنيب الجزء الأيمن من الموصل سيناريو الخراب الشامل الذي حل بمعظم مناطق الاشتباك فيه، على عكس الجزء الأيسر الذي سارت فيه المعارك بوتيرة أقل، وخرج سالماً بنسبة 70 في المئة عند تحريره، وهو يشهد اليوم عودة واضحة للحياة.وما يعزز فرضية الانسحاب، طبقاً لمحللي الاستخبارات العراقية، هو أن قائد عمليات «داعش» في المعارك الحالية والمعروف بأحمد الجبوري، هو نفسه الذي قاد انسحاب «داعش» من الجزء الأيسر في نهاية المعارك مطلع العام الحالي، رغم أنه كان يواجه هناك ضغطاً أقل بكثير مقارنة بحدة المواجهات وكثافة النيران حالياً.
العراقيون يريدون الحسم في ثالث رمضان على خلافة البغدادي