في وقت تعصف الأزمات بمنطقة الشرق الأوسط، وتسللت الشروخ إلى أعمدة البيت العربي، مع انتشار الميليشيات الدينية المسلحة في عدد من البلدان العربية، عقد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، قمة ثنائية في العاصمة السعودية الرياض، أمس، بعدما بدأ الرئيس السيسي زيارة رسمية للسعودية هي الأولى منذ طي صفحة الخلافات والتوتر التي سيطرت على العلاقات الثنائية منذ نحو سنة، بما يؤكد نية متبادلة للمضي قدما في علاقات إيجابية لمواجهة الوضع المأساوي للمنطقة العربية.

وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية علاء يوسف، في بيان رسمي، إن الزعيمين عقدا جلسة مباحثات بحضور وفدي البلدين، استهلها خادم الحرمين الشريفين بالترحيب بالرئيس السيسي، مؤكدا عمق ومتانة العلاقات التاريخية التي تجمع البلدين والشعبين الشقيقين، وأشار إلى حرص بلاده على تعزيز التشاور والتنسيق مع مصر، مؤكدا وقوف المملكة إلى جانب القاهرة في حربها ضد الإرهاب.

Ad

بدوره، أكد الرئيس السيسي اعتزازه بالعلاقات الاستراتيجية التي تجمع بين البلدين، مشيرا إلى حرصه على تدعيم أواصر العلاقات الثنائية في شتى المجالات، وبما يساهم في تعزيز العمل العربي المشترك في مواجهة مختلف التحديات التي يواجهها الوطن العربي في الوقت الراهن.

تطوير العلاقات

وأشار المتحدث الرئاسي المصري إلى أن المباحثات شهدت اتفاق الجانبين على ضرورة تنمية وتطوير العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات، بما يلبي طموحات الشعبين الشقيقين، كما اتفق الزعيمان على أهمية تعزيز التعاون والتضامن العربي للوقوف صف واحد أمام التحديات التي تواجه الأمة العربية، فضلا عن مناقشة ملف مكافحة الإرهاب، حيث اتفق الجانبان على أن الواقع الذي تعيشه المنطقة العربية يستوجب المزيد من تنسيق الجهود، وتكثيف التشاور بين كل الأطراف الدولية لصياغة استراتيجية متكاملة لمواجهة تلك الظاهرة.

وأكد الزعيمان أهمية مجابهة كل محاولات التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وقطع الطريق على المساعي التي تستهدف بث الفرقة والانقسام بين الأشقاء حفاظا على الأمن القومي العربي، باعتبار ذلك الضمان الوحيد لتحقيق أمن واستقرار الدول العربية، فيما وجه الرئيس السيسي الدعوة للعاهل السعودي لزيارة مصر، وهو ما رحب به الأخير ووعد بإتمام الزيارة في أقرب فرصة.

وكان العاهل السعودي في مقدمة مستقبلي الرئيس المصري، فضلا عن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد سلمان، إذ جرت مراسم الاستقبال الرسمية في قصر اليمامة بالرياض، وأعقبها مأدبة غداء تكريما للرئيس السيسي والوفد المرافق له، ثم عقدت جلسة المباحثات الثنائية، التي تناولت سبل تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، والتشاور حول مختلف القضايا الإقليمية.

تنسيق وتحديات

وحول الزيارة وتداعياتها، ذهب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حسن نافعة، في تصريحات لـ "الجريدة"، إلى أن "الزيارة مهمة لأنها تأتي في أعقاب فترة توتر بين البلدين، وربما تسعى القمة إلى بناء رؤية استراتيجية موحدة في القضايا الإقليمية التي تعصف بالمنطقة، فيما قال الخبير في الشؤون العربية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، معتز سلامة، إن أهمية الزيارة تأتي كونها بعد فترة من الفتور وتصاعد التوتر بين البلدين.

وأضاف سلامة لـ "الجريدة": "المكسب الأبرز الذي يمكن أن تتمخض عنه الزيارة؛ يتمثل في إمكان الاتفاق على آلية لإدارة العلاقات بين البلدين، لغلق الباب أمام أي محاولة للتلاسن الإعلامي، وإطلاق العلاقة بين البلدين من منظور أنهما مركز القرار العربي، من خلال الاتفاق على أن تكون مقتضيات الأمن القومي العربي هي الحاكم من موقفهما من الصراعات الدائرة في المنطقة"، متوقعا أن تثمر الزيارة عن بلورة موقف موحد من القضية السورية.

حبس متهمين

وبينما لم يعلن البرلمان المصري بعد عن موعد بدء مناقشة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، التي تنتقل بموجبها ملكية جزيرتي تيران وصنافير المصريتين إلى السعودية، قررت النيابة العسكرية أمس، تجديد حبس 8 متهمين، 30 يوما لاتهامهم بالانتماء لتنظيم "داعش" الإرهابي، ومحاولة اغتيال الرئيس عبدالفتاح السيسي وولي العهد السعودي محمد بن نايف، خلال أداء السيسي العمرة بالسعودية عام 2014.

تجديد ولاء

وبينما تحتفل مصر بعد غد، بالذكرى الـ 35 لتحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلي 25 أبريل 1982، جدد وزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي، وفاء وإخلاص القوات المسلحة، للرئيس عبدالفتاح السيسي، وقال صبحي في برقية تهنئة إلى رئيسه "رجال القوات المسلحة وهم يهنئون سيادتكم بهذه الذكرى الوطنية المجيدة يؤكدون وفاءهم وإخلاصهم للمهام والمسؤوليات التي كلفهم بها شعب مصر العظيم في حماية الوطن والدفاع عن مقدساته وحريته وسلامة أراضيه".

في الأثناء، عقد وزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار، اجتماعا مع مساعديه والقيادات الأمنية أمس، لمتابعة تنفيذ السياسات الأمنية وتقييم الأداء الأمني، واستعراض المهام والأهداف الحالية والمرتقبة، واستعرض عبدالغفار الخطة الأمنية لمواجهة التنظيمات الإرهابية ومنعها من تصعيد عملياتها خلال المرحلة الراهنة وإجهاض مخططاتها، مشددا على ضرورة تكثيف الأداء الأمني الميداني، وتصفية جميع البؤر الإجرامية وملاحقة وضبط العناصر الجنائية الخطرة والهاربين من تنفيذ الأحكام القضائية، وأهمية تكثيف الخدمات الأمنية على المنشآت المهمة والحيوية، واتخاذ جميع الإجراءات والتدابير الكفيلة بحماية الجبهة الداخلية.

تدريب مشترك

في غضون ذلك، أعلنت القوات المسلحة المصرية، أمس، انطلاق فعاليات التدريب البحري المشترك المصري الأميركي "تحية النسر 2017"، الذي تجريه وحدات من القوات البحرية لكلا البلدين، ويستمر لعدة أيام بنطاق المياه الإقليمية المصرية بالبحر الأحمر، وتشارك به كل من السعودية والإمارات والبحرين وباكستان والكويت وإيطاليا بصفة مراقب.

يأتي التدريب المشترك بين أميركا ومصر، ليعكس حجم الدفء بين الرئيسين دونالد ترامب، والسيسي، خاصة بعد زيارة الأخير لواشنطن مطلع الشهر الجاري، ثم استقباله لوزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس في القاهرة الأسبوع الماضي.

في الأثناء، قتل مجندان من قوات الجيش فيما أصيب 3 آخرون، إثر انقلاب مدرعة على طريق الحسنة بوسط سيناء، في حادث سير نتيجة اختلال القيادة على الطريق، وتم نقل المصابين وجثث الشهداء إلى مستشفى العريش.