قائد

قائد ويحتشد الناس حوله ينفذون ما يقوله، ويتبنون ما يطرحه، وينتظرون الفعل منه لينفذوا الفعل نفسه، ما زالت هذه العقلية تسيطر علينا، فإن غاب القائد تشتت الجمع وضاعت القضايا، وخفت الصوت أو اختفى تماما.

قد تصح هذه الفكرة أحيانا ولكنها بكل تأكيد غير مقبولة كقاعدة ننطلق منها أو نستند إليها دائما، ففكرة القائد والأتباع يجب أن تكون الاستثناء في أضيق الحدود، هذا إن توافرت بالقائد أمور يجب ألا نتجاوزها كالعمق في التفكير والتعاطي مع الواقع في استخدام أدوات القيادة والقدرة الموضوعية على تقييم الأمور بشكل مميز وحسن اختيار الفريق المساند لتحقيق الرؤية العميقة لذلك القائد.

أما القاعدة العامة فهي بلا شك العمل الجماعي القائم على أساس طرح الأفكار والرؤى وتنقيتها وترتيبها وتقييمها وتحديد الأدوات اللازمة لتنفيذها، وهو أمر شبه مفقود على الأقل في الجانب السياسي الكويتي إن لم يكن العربي كذلك.

علما أن فكرة القائد الأوحد والأتباع تلاشت بشكل شبه تام من المجتمعات المتقدمة والمتطورة ليقينهم بأن الاندفاع خلف شخص واحد مخاطرة كبيرة ولا تحقق الإصلاح الفعلي.

أتفهم جيدا الحماس الذي قد يشعله شخص ما في النفوس أو الكاريزما التي قد يمتلكها لكن هذا لا يعني أبدا تغييب العقول أو الاندفاع، وكلامي هذا غير مرتبط أبدا بشخصية ما أو حدث ما بل بالمجمل. إن الجماعية هي ما يبني الأوطان بعيدا عن مشاعرنا باتجاه شخصية ما أو حماسنا، وهو ما يجب أن نركز عليه بدلا من ترسيخ فكرة البطل الواحد المنقذ الهمام الذي لا يخطئ، ويملك كل الحلول، وهو ما يجب فعله دون الاكتفاء بعبارات تدعو له فحسب، فنحوّل واجباتنا المنزلية الفردية إلى مشاريع لفرق عمل، والاختبارات تستبدل بعروض وبحوث مشتركة لتعزيز فكرة المجموعة البطلة بدلا من القائد البطل.