جمعت مراسم تأبين أقامتها السلطات الفرنسية أمس لتكريم الشرطي كزافييه جوجوليه الذي قتل في اعتداء بجادة الشانزليزيه وسط باريس، يوم الخميس الماضي، المتأهلين للدورة الثانية للانتخابات الرئاسية الوسطي إيمانويل ماكرون واليمينية المتطرفة مارين لوبن.وحضر الرئيس الاشتراكي المنتهية ولايته فرانسوا هولاند مراسم التكريم التي نظمت في مديرية الشرطة لجوجوليه، الذي أصبح الضحية الـ239 لموجة الهجمات الجهادية التي تبناها "داعش" في فرنسا منذ مطلع 2015.
ودعا هولاند خلال مراسم التأبين كلا من لوبن وماكرون إلى "تخصيص الموارد الضرورية للميزانية" من أجل حفظ الأمن.وجاءت مراسم التأبين بالتزامن مع نزول ماكرون ولوبن إلى الشارع من أجل حشد أكبر قدر ممكن من المؤيدين للدورة الثانية التي تجرى في مايو المقبل، وسط توقعات شبه أكيدة بحسمها لمصلحة الأول (39 عاما) بعد تأييد "جبهة جمهورية" عريضة تضم أطيافا من اليمين واليسار، للحيلولة دون وصول مرشحة اليمين المتطرفة لسدة الحكم بقصر الإليزيه.
قراصنة روس
إلى ذلك، تعرضت الحملة السياسية لماكرون لهجوم من عدد من القراصنة الروس في مارس الماضي. وأفاد تقرير لمجموعة "تريند مايكرو" اليابانية المتخصصة في أمن المعلومات الإلكترونية، أمس، بأن جماعة "بون ستورم" المرتبطة بعدد من الهجمات المعلوماتية في الغرب، استخدمت تقنية "فيشنغ" لمحاولة سرقة بيانات شخصية من ماكرون وأعضاء حملته "إلى الأمام" التي كونها قبل عام.ويعتقد أن "بون ستورم" المعروفة كذلك باسم "ايه بي تي 28" كانت وراء هجمات الصيف الماضي على اللجنة الوطنية الديمقراطية الأميركية، بهدف إفشال الحملة الانتخابية للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون إلى البيت الابيض.ويشتبه بعلاقة المجموعة بأجهزة الأمن الروسية، واعتبرت موسكو مؤيدا قويا لمنافسة ماكرون التي التقت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في زيارة مفاجئة إلى موسكو قبل الانتخابات.في غضون ذلك، رأى جان بول دولوفوا السياسي المحنك المسؤول عن ملف الانتخابات التشريعية في فريق ماكرون، الذي تحوم الشكوك حول قدرة حزبه حديث النشأة على الفوز في الانتخابات البرلمانية التي ستجرى بعد 6 أسابيع فقط من أجل تنفيذ برنامجه الرئاسي، أن الفوضى الملموسة في أكبر حزبين فرنسيين، فتحت المجال لحزب "إلى الأمام" لتحقيق ذلك.وقال دولوفوا: "سيحدث تفكك للحزب الاشتراكي الذي قد يكون له مرشحون متناحرون في بعض الدوائر، وسيشهد المحافظون شقاقا بين الساعين للانتقام والمستعدين للتعاون".وحصل مرشح الحزب "الاشتراكي" الحاكم، وهو بنواه آمون على 6 في المئة فقط في انتخابات الرئاسة، كما تواصل بعض الاشتراكيين البارزين مع ماكرون بعد رفضهم تأييد آمون.وترك فيون مرشح حزب الجمهوريين المحافظ زعامة الحزب مساء أمس الأول في وقت حرج، وأعلن تخليه عن أدواره الحزبية.وتعد هذه أول مرة منذ 60 عاماً لا يترشح فيها للجولة الثانية في الانتخابات الرئاسية أي مرشح عن أكبر حزبين في البلاد "الاشتراكي" و"الجمهوري".واختارات لوبن، التي حققت أفضل نتائج لها بالدورة الأولى، في الأرياف والبلدات الصغيرة والمناطق التي عانت عواقب العولمة، الهجوم على ماكرون الليبرالي المؤيد للاتحاد الأوروبي.وقالت في تصريح للقناة الفرنسية الثانية مساء أمس الأول: "نحن قادرون على الفوز، وسأقول لكم شيئا أفضل، سنفوز".وتعليقا على استطلاعات الرأي التي تؤكد فوز ماكرون في الدورة الثانية بـ60 في المئة من الأصوات مقابل 40 في المئة لها قالت: "10 نقاط صغيرة، صدقوني هذا أمر يسهل تخطيه".وهاجمت لوبن ماكرون، ورأت أن "الضباب المحيط ببرنامجه سيتبدد قريباً"، معتبرة أنه "ضعيف"، ورفض وضع حلول لمشكلة الهجمات الإرهابية عقب حادث الشانزليزيه.مرشحة الرئاسة
وأعلنت مرشحة "الجبهة الوطنية"، تنحيها عن رئاسة حزبها اليميني المتطرف من أجل أن تكون فوق الاعتبارات الحزبية. وقالت: "لم أعد رئيسة للجبهة الوطنية. أنا مرشحة الرئاسة الفرنسية".والمصطلح الفرنسي الذي استخدمته للتعبير عن تنحيها يشير إلى أن ذلك سيكون إجراء مؤقتا. وأوضحت أن قرارها اتخذ عن "قناعة عميقة" بأن رئيس الجمهورية يجب أن يجمع ويوحد جميع أبناء الشعب. ورأى مراقبون أن لوبن تناور بخطوتها، وتهدف إلى إظهار أن اهتمامها ينصب على البلاد بمجملها وليس حزبها فقط، كما تكشف عن سعيها للوصول إلى من صوتوا للمرشحين المهزومين في الجولة الأولى، وبشكل خاص من منحوا أصواتهم للمرشح الجمهوري فرانسوا فيون.من المنتظر أن تتمحور حملة لوبن في الجولة الثانية حول التحذير من مخاطر العولمة والإرهاب والجهود الرامية لتصوير منافسها ماكرون على أنه مرشح المؤسسة الرسمية.وكانت لوبن قد تولت قيادة "الجبهة الوطنية" خلفا لوالدها عام 2011، وتمكنت من قيادة الحزب للحصول على مكاسب كبيرة في الانتخابات المحلية الأخيرة.في المقابل، قال اليميني المتطرف جان ماري لوبن (88 عاما)، أمس، إن ابنته كان عليها أن تكون أكثر شراسة خلال الجولة الأولى، وأن تقتدي بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، مضيفا: "أعتقد أن حملتها كانت متراخية للغاية. لو أنني في مكانها لكنت قدت حملة على غرار حملة ترامب، أكثر انفتاحا وقوية للغاية ضد هؤلاء المسؤولين عن تدهور بلادنا، سواء كانوا منتمين لليمين أو اليسار". ويمثل الانتقاد أحدث سجال بين الاثنين بشأن توجه الحزب مستقبلا. والأب وابنته على خلاف منذ أن بدأت خطوات لتحسين صورة الحزب، بعد أن ارتبط في الأذهان بـ "رهاب الأجانب" في الفترة التمهيدية لحملتها الانتخابية.في السياق، تجمع مئات الأشخاص في ساحة الجمهورية في باريس مساء أمس الأول تعبيرا عن رفضهم لوصول لوبن، وعن استعدادهم لبذل كل ما هو ممكن لمنعها من الوصول إلى الإليزيه.