بدأت القوات الأميركية بتسليم منظومة دفاع صاروخية كانت أثارت حفيظة الصين إلى موقع نشرها في كوريا الجنوبية الأربعاء، وسط تصاعد التوتر بشأن طموحات كوريا الشمالية النووية.وتحث واشنطن بكين، الحليف الأكبر لبيونغ يانغ، على ممارسة ضغوط أكبر على الدولة الانعزالية، إلا أن خطة نشر منظومة « ثاد»، الدرع الأميركية المتطورة المضادة للصواريخ، كانت أغضبت بكين بشكل كبير.
وتصر الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية على أن نشر المنظومة الذي تم الاتفاق عليه العام الماضي، يهدف إلى صد التهديدات من الشطر الشمالي الذي يملك السلاح النووي.لكن الصين تخشى من أن ذلك سيضعف قدرتها الصاروخية وتُشير إلى أن نشر «ثاد» سيؤثر سلباً على التوازن الأمني في المنطقة، وفرضت سلسة من الاجراءات يُنظر إليها على أنها انتقام اقتصادي من سيول، تتضمن حظراً على المجموعات السياحية.وأظهرت صور بثتها وسائل الإعلام مقطورات كبيرة مطلية بطلاء للتمويه تحمل ما بدا أنها معدات متعلقة بالصواريخ تدخل ملعب غولف في محافظة سونغجو الجنوبية صباح الأربعاء.وأفادت وزارة دفاع سيول أن الخطوة تهدف إلى «ضمان القدرة التشغيلية لـ+ثاد+ في أقرب وقت ممكن»، فيما يبقى الهدف النهائي تثبيتها بحلول نهاية العام.وتجري كوريا الجنوبية انتخابات رئاسية الشهر القادم بعد تنحية الرئيسة السابقة بارك غيون-هي.وفي هذه الأثناء تحاول واشنطن وسيول الدفع قدماً باتجاه نشر المنظومة وسط تردد يبديه بعض المرشحين بشأن المنظومة، بينهم مون جاي-ان من الحزب الديموقراطي اليساري والذي يبدو أنه متقدم في السباق الانتخابي.وأعرب المتحدث باسمه، بارك كوانغ-اون، عن «أسفه الشديد» للخطوة الأخيرة في تسليم المنظومة الدفاعية، قائلاً أنها تجاهلت «الاجراءات الضرورية» التي كان يجب القيام بها في مثل هذه الحالات.وأضاف أن «هذا التحرك أغلق أي مساحة تبقت لأي اعتبارات سياسية تقوم بها الحكومة المقبلة وهو ما يعد غير مناسب أبداً».وتأثر قطاع السياحة في كوريا الجنوبية بشكل كبير إثر القطيعة الصينية على خلفية «ثاد»، حيث انخفض عدد الزوار الصينيين، والذين يشكلون عادة نصف اجمالي السياح، بنسبة 40 بالمئة الشهر الماضي رغم أن الحظر لم يدخل حيز التنفيذ إلا في 15 مارس.واستهدفت بكين كذلك مجموعة تجارة التجزئة العملاقة «لوت غروب» التي وفرت ملعب الغولف في سونغجو للحكومة الكورية الجنوبية حيث أغلقت 85 من متاجرها الـ99 في الصين.
توتر
وصممت منظومة «ثاد» لتتمكن من التصدي وتدمير الصواريخ البالستية قصيرة وبعيدة المدى في آخر مرحلة من إطلاقها.ويأتي التحرك الأخير في وقت يتصاعد التوتر في شبه الجزيرة الكورية بعدما أطلقت بيونغ يانغ سلسلة من الصواريخ وبعد تحذيرات إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن الخيار العسكري يبقى «مطروحاً».ونشرت واشنطن مجموعة حاملات طائرات قتالية تتقدمها «يو اس اس كارل فينسون» في شبه الجزيرة الكورية، في استعراض قوة توازياً مع إشارات تفيد بأن بيونغ يانغ قد تكون تحضر لإجراء تجربتها النووية السادسة.وتصر الدولة الشيوعية الفقيرة على أنها تحتاج إلى الأسلحة النووية للدفاع عن نفسها ضد خطر اجتياحها، وقد توعدت بانتقام مدمر في حال تعرضت إلى أي هجوم.وفي آخر استعراض للقوة من جانبها، حضر زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ-اون أكبر تدريب عسكري في تاريخها للاحتفال بذكرى تأسيس جيشها، وفقاً لما أفادت وسائل الإعلام الرسمية الأربعاء.وأكدت الوكالة الرسمية أن العرض تضمن إطلاق نيران من المدفعية إضافة إلى هجمات ناسفة بغواصات وهو ما أظهر عزم البلاد على «صب وابل لا رحمة فيه من النيران على الولايات المتحدة الطائشة الامبريالية وأتباعها القذرين» على حد تعبيرها.وسعت الولايات المتحدة طويلاً لدفع الصين إلى بذل مزيد من الجهود لكبح جماح بيونغ يانغ، لكن بكين تصر على أن تأثيرها على جارتها هو أقل بكثير مما تعتقد واشنطن.وتقلق كذلك من أن انهيار نظام بيونغ يانغ سيؤدي إلى تدفق اللاجئين عبر الحدود ويفتح الباب للجيش الأميركي ليصبح على عتبتها في كوريا موحدة.وفي هذا السياق، دعا الرئيس الصيني شي جينبينغ الاثنين في اتصال هاتفي أجراه مع ترامب إلى ضبط النفس حيال كوريا الشمالية.وسيعطي قادة وزارة الدفاع الأميركية ومسؤولون كبار في الإدارة ايجازاً سرياً يتعلق بكوريا الشمالية لأعضاء مجلس الشيوخ في اجتماع غير عادي سيعقد في البيت الأبيض في وقت لاحق الأربعاء.