الدراما المصرية تهجر العاصمة إلى القرى والمحافظات والأحياء الشعبية
في السنوات الماضية كان تركيز صانعي الدراما في مصر على القاهرة بمشاكلها كافة، في حين غيّبوا «التمثيل الجغرافي» لمناطق مصر المختلفة عن المسلسلات، ولكن الأعمال الجديدة عادت إلى الأحياء الشعبية والقرى والمحافظات. عن أسباب ذلك تدور السطور التالية.
تبدو أولى ملامح عودة الدراما المصرية إلى القرى والمحافظات والأحياء الشعبية في مسلسل «واحة الغروب» للمخرجة كاملة أبو ذكري، حيث تدور الأحداث في واحة سيوة بمناظرها الخلابة. يتولى البطولة كل من منة شلبي، وخالد النبوي، وسيد رجب، ومنذر رياحنة، والتأليف بهاء طاهر وورشة سيناريو تشرف عليها مريم نعوم.تدور القصة حول ضابط شرطة يُنقل إلى واحة سيوة كعقاب على أفكاره الثورية، ويأخذ زوجته الأجنبية معه وتكون مهتمة بالآثار المصرية هناك . في سيناء تدور أحداث مسلسل «الحالة ج» للفنانة حورية فرغلي، حيث تجذبك طبيعة سيناء الرائعة وأهلها، ويشارك في البطولة أحمد زاهر إلى جانب ياسر علي ماهر، والمسلسل من تأليف فايز رشوان وإخراج حسين شوكت.
والصعيد موجود في الموسم الدرامي الجديد من خلال مسلسل «أفراح إبليس 2»، من بطولة النجم السوري جمال سليمان ومعه كل من صابرين، وجمال عبد الناصر، وإيمان العاصي، فيما تولى التأليف مجدي صابر والإخراج أحمد خالد أمين، والأحداث هي استكمال للجزء الأول من المسلسل وتدور حول المجتمع الصعيدي.كذلك كان من المفترض أن ينافس مسلسل «هجرة الصعايدة»، وهو يدور في الصعيد كما يبدو من اسمه، لوفاء عامر وسولاف فواخرجي، في رمضان المقبل، لكنه تأجّل.بعيداً عن الصعيد، ما زالت المناطق الشعبية تحظى بنصيب الأسد في الموسم الدرامي وأبرزها «الحلال» لسمية الخشاب وبيومي فؤاد، و«خلصانة بشياكة» لأحمد مكي، و«الدولي» لباسم سمرة وأحمد فتحي، و«الضاهر» لمحمد فؤاد ويناقش قضية مخابراتية بطلها ضابط من حي الضاهر القديم، كذلك «طاقة القدر» لحمادة هلال ويتناول حياة شاب قادم من حارة شعبية يدخل إلى عالم المخدرات والسلاح.
مادة مغرية
لكن رغم ذلك ثمة مناطق كثيرة لم تتطرق الدراما التلفزيونية إليها مثل القناة والمناطق الحدودية ووجه بحري وغيرها، فيما التركيز على القاهرة كعاصمة للبلاد ومركزاً للأحداث، رغم أن الذاكرة ما زالت تحتفظ بأعمال دارت أحداثها في أماكن مختلفة مثل «زيزينيا» و«جمهورية زفتى»؟ قال المؤلف فايز رشوان مؤلف «الحالة ج» من بطولة حورية فرغلي إن مسلسله يتضمن شخصيات سيناوية وريفية وقاهرية وصعيدية، ويناقش مشكلات خاصة بكل شخصية، مشيراً إلى أن تقديم مثل هذه الشخصيات بكل ما تحمله من خصوصية ناتجة عن بيئتها والموروثات والعادات مادة مغرية لأي مؤلف.وأضاف رشوان أن مواقع التصوير الخاصة بالشخصيات السيناوية ستكون سيناوية، مؤكداً أن الخط الدرامي الخاص بها رغم أنه يعتبر فرعياً في الأحداث فإنه يركز على ما يدور في سيناء والمشكلات التي يتعرّض لها المواطن السيناوي وعلاقته بالأجهزة الأمنية وبالشخصيات الأخرى في المسلسل، موضحاً أن «الحالة ج» هي حالة الاستنفار القصوى لدى الأجهزة الأمنية والعسكرية.وأشار مؤلف العمل إلى أن دمج شخصيات وبيئات عدة في عمله أفضل بالنسبة إليه من أن يصنع مسلسلاً محوره قرية أو حارة فقط، لذلك لم تكن سيناء المحور الوحيد في المسلسل، مضيفاً أنه وقّع مع «العدل غروب» منذ سنوات «المهرة والخيال» وتدور أحداثه حول قصص درامية خلف السد العالي بأسوان وبمنطقة «بحيرة ناصر»، وكان مقرراً أن يقوم الفنان جمال سليمان ببطولته لكن المشروع توقّف لسبب مجهول، ولم ينفذ حتى الآن رغم أهمية الموضوع والمنطقة الجغرافية التي يناقشها.الناقد السينمائي طارق الشناوي
يرى الناقد السينمائي طارق الشناوي أننا نتوجه دائماً في الدراما المصرية وفقاً لمؤشرات النجاح، ويتابع: «في فترة ما في بداية الألفية الثالثة سيطرت «الطرابيش» على الدراما التلفزيونية المصرية، لدرجة أن رسام الكاريكاتور مصطفى حسين رسم صفوت الشريف وزير الإعلام الأسبق بالطربوش».ويضيف: «إذا نجح مسلسل عن منطقة الصعيد يكون اتجاه الدراما المقبل نحو الصعيد، وإذا نجح مسلسل عن الإسكندرية تذهب الدراما نحو مدينة الإسكندرية. الأمر مرتبط بعوامل النجاح، والدراما المصرية للأسف تسير بمبدأ «العدوى» والتقليد، لذلك لا نجد كل ما نريده ممثلاً من حيث المناطق الجغرافية وغيرها».