في الوقت الذي تكافح فيه الشركات من شتى بقاع الأرض للحصول على حصة من السوق الاستهلاكي الهائل في الصين، تأمل الشركات الناشئة بثاني أكبر اقتصادات العالم، في التوسع الخارجي وتحقيق الريادة العالمية.

وتأتي هذه التطلعات الطموحة التي يتوقع المحللون تعزيزها لموقع البلاد في سلسلة القيمة العالمية، بالتزامن مع تزايد عدد الشركات الصينية التي تقود التحركات الخارجية مثل "علي بابا" و"تينسنت"، بحسب تقرير لـ "سي إن بي سي".

Ad

وأطلقت سياسة "الخروج الصيني" مطلع القرن الجاري أملاً في تشجيع استثمارات الشركات في الخارج، وأعقب ذلك توسيع الشركات التابعة للدولة شبكات مبيعاتها في الخارج، إلى جانب التوسع في أعمال الدمج والاستحواذ.

ورغم توافر فرص النمو في السوق المحلي، فإن الشركات الناشئة وضعت الأسواق العالمية صوب أعينها، انطلاقاً من مبدأ أن الابتكار لا يلتزم بحدود، وهو ما قد يشكل فصلاً جديداً في توسع النفوذ الاقتصادي الصيني.

مغامرة واختبار

يقول مؤسس "زيرو زيرو روبوتيكس" وانغ منغيكو: "نولي السوق الصيني المحلي اهتماماً بالغاً، لكن الاعتماد على المنتجات التقنية الجديدة كالتي نقدمها، ربما يكون أسرع في الأسواق الأخرى، لذا لا ينبغي أن ننغلق على أنفسنا".

يعمل وانغ منغيكو وفريقه من الصين والولايات المتحدة منذ تأسيس الشركة عام 2014، والتي كانت أول منتجاتها: كاميرا يمكنها التحليق بشكل ذاتي، والتي حققت مبيعات على المستوى العالمي عبر الإنترنت قبل طرحها في متاجر "أبل".

إلى جانب احتمالات تحقيق عوائد مالية أفضل، ترى الشركات الناشئة أن مواصلة العمل في السوق العالمي يعد اختباراً لقدراتها على الصمود ومستوى المرونة الذي تتحلى به.

بالكاد أتمت شركة "ديستري" لتشارك وتشغيل مساحات العمل عامها الأول في يناير، عندما أعلنت أنها ستستأجر أكثر من 60 ألف قدم مربعة من المساحات المكتبية في الحي التجاري المركزي في سنغافورة.

من المتوقع أن تبدأ الشركة عملياتها في المدينة خلال العام القادم، ويقول الرئيس التنفيذي "هو جينغ" إن تقديم منتجات "ديستري" في الأسواق الدولية يمثل اختباراً نهائياً للقيمة المقترحة قبل الاكتتاب العام.

إعادة تشكيل المفاهيم

يرى المحللون أن التطلعات الخارجية للشركات الصينية ستعزز القدرة التنافسية لاقتصاد البلاد وتعيد تعريف شعار "صنع في الصين" الذي يعتبره الكثيرون مرادفاً لانخفاض التكلفة وضعف الجودة.

يمكن أيضاً لهذا التوجه أن يدعم الوجود الصيني في الساحة العالمية بمفاهيم تجارية جديدة، بدلاً من الاقتصار على الرغبة في اكتساب المزيد من الحصص في الشركات الأجنبية.

مع تزايد نشاط الشركات الناشئة في تصنيع وتصدير نماذج أعمالها خارج الحدود الصينية، ستحصل الاستثمارات الخارجية للبلاد على دفعة إضافية، وستعزز البلاد مكانتها كمصدر رئيسي لرأس المال والابتكار، بعد اعتبارها وجهة جاذبة فقط لسنوات.

ارتفعت الاستثمارات الصينية غير المالية الخارجية إلى 170.11 مليار دولار خلال عام 2016 من 5.5 مليارات دولار في 2004، ومن المتوقع أن تستمر هذه الأرقام في النمو خلال السنوات المقبلة، رغم الضوابط الرأسمالية الأخيرة.

ويقول تقرير لـ "إرنست آند يونغ" إن الشركات الصينية بدأت في زيادة استثماراتها العالمية بسرعة لتحقيق نمو متوسط إلى طويل الأجل، مشيراً إلى أن إحياء طريق الحرير وغيره من الإستراتيجيات عززت بقوة هذا التوجه.

آثار عالمية ومحلية

أسهم توسع "شاومي" الخارجي منذ عام 2014 في جعلها ثاني أكبر علامة تجارية في قطاع الجوالات الذكية في الهند، ورغم ذلك أكدت الشركة أن الصين ستظل سوقها الرئيسي في المستقبل.

تبيع "شاومي" ذات السبع سنوات، منتجاتها بشكل مباشر للمستهلكين من خلال قنوات إلكترونية وغير إلكترونية، ما يسمح لها بالحفاظ على تكاليف التشغيل والأسعار منخفضة.

مع استهداف الشركات الناشئة للأسواق المتقدمة، ستتحول الاستثمارات الصينية بشكل تدريجي إلى الاقتصادات المتقدمة مثل الولايات المتحدة وألمانيا بدلاً من الاقتصادات النامية.

إلى جانب ذلك ستتحول المجالات الرئيسية للاستثمار الصيني من العقارات وتصنيع المعدات والمواد المعدنية والمواد الغذائية إلى تكنولوجيا المعلومات والإنترنت ووسائل الإعلام.