يشكّل Fate of the Furious الجزءَ الثامن من سلسلة بدأت مع فيلم متواضع نسبياً عن سباقات السيارات في شوارع لوس أنجلس عام 2001. تراوحت ميزانية العمل الذي سبق الفيلم الأخير، Furious 7، بين 200 مليون و250 مليون دولار، واعتبر نظيراً لأفلام Bond الغريبة. فبفضل جهود المخرج جيمس وان وفريق عمله، حقّق الفيلم في جزء كبير منه النجاح. بدا أشبه بالتسلي بلعبة Trackmania Turbo طوال ساعتين و20 دقيقة مع بضع فواصل قصيرة تذكّر بأهمية العائلة.حقق Furious 7 عائدات وصلت إلى 1.5 مليار دولار، ما أتاح للفيلم التالي في السلسلة أن يغوص أبعد في عالم الميزانيات الكبيرة والأمور الغبية. ولكن مع قليل من الحظ، أملنا أن تكون من الأمور الغبية الجيدة لا الغبية بحق.
يُظهر The Fate of the Furious حدود هندسة الأفلام الضخمة المتعددة الأنواع ومخاطرها. طوال ساعة، تظلّ تركيبة المخرج ف. غاري غراي من سباقات الجر المتحررة من الجاذبية، والإرهاب المميز عبر الإنترنت، والاستعراضات بالسيارات والآليات، وبرنامج تفادي الحرب العالمية الثالثة على الجانب الجيد من الأمور الغبية. صحيح أن هذه التطورات تبدو سخيفة، إلا أنها ممتعة ومرحة، فيما تنتقل من هافانا إلى برلين ثم روسيا المغطاة بالثلج والمليئة بالإرهابيين، علماً بأن مشاهد روسيا صُوِّرت في آيسلندا بعد الاستعانة بكثير من المؤثرات الرقمية المتوسطة المستوى.
منحى مملّ
لكن الساعة الثانية تتخذ منحى مملاً حقاً يفتقر إلى تشويق السباقات. تؤدي تشارليز ثيرون، التي تعكس بمهارة صورة مَن يعانون الجنون الحقيقي ويشعرون ببعض السأم، دور إرهابية عبر شبكة الإنترنت تخطف غواصة نووية. وإذا كنت ستشتكي كالأطفال من إطلاعك على القصة قبل مشاهدتك الفيلم، فاعلم أن الحبكة واضحة في أشرطة هذا العمل الإعلانية. عند هذه المرحلة من The Fate of the Furious، نلاحظ أن مستوى الحركة الضخم بات يفتقر إلى الحيل المبتكرة حتى قبل أن يعلن هوبز، شخصية دواين جونسون: «آسف يا شباب، فرغت جعبتي من الحيل». يشعر المشاهد بأن ذروة الأحداث تدوم 50 سنة، لذلك يتوق إلى مشهد بسيط يعيدنا مثلًا إلى مرأب ما حيث يقف الجميع وهم يرتدون قمصاناً قطنية لا أكمام لها.وضع كاتب السيناريو كريس مورغان غالبية أجزاء Furious السابقة. وفي The Fate of the Furious، يمضي دوم (فين ديزل) وليتي (ميشال رودريغيز) شهر العسل في كوبا، حيث يواجه دوم سايفر (ثيرون)، «ساحرة» تلجأ إلى الابتزاز لتُرغم دوم على الانقلاب ضد فريقه والانضمام إليها في سعيها إلى زعزعة الاستقرار في العالم من خلال شفرات إطلاق صواريخ نووية، علماً بأن هذه العبارة باتت مستهلكة بإفراط في أفلام الحركة المعاصرة.الفريق كله
يشارك كامل الفريق، الذي يقوده جونسون المفتول العضلات، في هذا العمل، من الأصدقاء الأعداء (قاتل جايسون ستاثام السابق) إلى اللطفاء (تيريس غيبسون، كريس بريدجز، ودائرة المعارف في مجال المعلوماتية التي يحلم بها كل إنسان ناتالي إمانويل). كذلك يعود كيرت راسل في دور الرجل الذي يرتدي البزات، وتوكَل إليه المهام، ويعبّر بحماسة عن مدى حبه لعمله. يقول في إحدى المراحل: «القاعدة الأولى: اعرف جمهورك». وأعتقد أن The Fate of the Furious يعرف ذلك، مع أنني أتساءل عما إذا كانت قاعدة المعجبين العالمية الضخمة لن تعارض إعادة هذه السلسلة إلى أسسها بعد هذا الفيض من المغالاة.في مرحلة ما، يتسلّل شر ثيرون إلى ألف سيارة في وسط مدينة مانهاتن، متحكماً فيها عن بعد، فيدفعها إلى القفز من زجاج الطابق الخامس لتصطدم بسيارات أخرى. كذلك نشاهد سباق سيارات مرتجلاً على طريق يجب ألا تُقام عليه السباقات. يبدو هذا المشهد محيراً إلى أبعد الحدود: أيُفترض أن يكون ممتعاً؟ مخيفاً؟ أم قريباً من ألعاب الفيديو إلى حد علينا معه أن نستمتع بعملية التزييف هذه؟ يُعتبر هذا المشهد في أوجه كثيرة منه رمزاً لأفلام الحركة العصرية. صحيح أنك تستطيع تصميم أحداث مماثلة وتنفيذها، إلا أن هذا الأمر لا يجعلها فكرة جيدة أو حتى تعاقباً ممتعاً من الصور.المعضلة الرئيسة
أواجه صعوبة هذه الأيام في الاستمتاع بسيناريو يضم خصومات غريبة بين أعداء مصممين على التأكيد للعالم أنهم جادون، مهما كلف الثمن. وهنا تكمن معضلة The Fate of the Furious الرئيسة. ربما يجب أن تكون الأفلام مكلفة وسخيفة إلى هذا الحد كي تشغل بالنا عن الأخبار في عالمنا الفعلي. ولكن عندما يكون مصير أمتنا بين أيدي شخصيات متقلبة على نحو خطير، يمكن لسلسلة مخصصة لفوضى السيارات، وهو النوع المفضل لديّ بين أنواع أفلام الفوضى، أن تعود إلى الماضي.